عندما تتراجع أي قضية عادلة في قلوب أصحابها فإنها تحتاج إلى فرسان يعيدون للقضية مكانتها، وهؤلاء ذوو قدرات كاريزمية فذَّة ويملكون من الروح أعلاها ومن المشاعر أصدقها ومن الأعمال أشرفها ومن التضحيات أنفسها.
يقولون بأفعالهم ما لا تصل إليه ألسنة المتقوِّلين ولا مشاعر المتكلِّفين، نظراتهم منارات تشعُّ من ضيائها ما يخترق القلوب عميقها ويزرع فيها ما يعجز عنه الزارعون، نبرات حناجرهم زلازل تزلزل ما ضعف وأصابه العجر والخور، يرفعون الراية عاليًا حينما يعزُّ من يتقدَّم لرفعها، يثابرون ويواصلون الطريق رغم ما فيها من أشواك ووعورة وحصار عنيف، أبو رعد يتقدَّم الصفوف بعد أن يقدِّم فلذتي كبده، يرتفع ويرفعه شعبه عاليًا وتصدح بكلماته كلُّ المنابر ويشرق وجهه البهيُّ كل الفضائيات والشاشات الكبيرة والصغيرة ليرفع قيمة أعظم المعالم.
أبو رعد قدَّم بين يدي ظهوره الإعلامي الجميل والقويِّ والجريء والثابت على مبادئ القضية، تضحيات جسيمة بلغت ذروتها في شهادة ولده الثاني عبد الرحمن، بعد ما كان من ابنه الأوَّل رعد صاحب العملية الفدائية التي أرعبت المحتلَّ، وهنا نجح الشيخ في ضخ الحياة في شرايين القضية الفلسطينية نجاحًا باهرًا، لم تكن هناك كلمات أصدق وأبلغ من الكلمات التي خرجت من ثنايا قلبه لتصل إلى قلوب الناس، أصبح حديث الناس ومشعل الروح في قلوبهم، نجح في رفع المنسوب الجهادي والثوري في قلب كلِّ حرٍّ شريف، ضرب الدعاية الصهيونية وما يخطِّطون له بخططهم الجهنمية الخبيثة في إنتاج الفلسطيني الجديد والعربيّ التابع الذليل لدينهم “الإبراهيمي” الجديد الذي لا علاقة له بإبراهيم عليه السلام البتّة.
قلب أبو رعد السّحر على السّاحر ورفع من شأن المقاومة والمقاومين وأعاد ألى البوصلة الوطنية مكانتها الصحيحة، دحض أقوال المرجفين والمتسوّلين والمنتظرين لفتات الأيتام من طاولة أسوأ اللئام الذين عرفهم التاريخ الماضي والحاضر، كشف وفضح عورات كل من يطمح إلى مساومة هذا الثعبان الذي لا يعرف سوى الافتراس وابتلاع كلِّ خير عرفه الإنسان، بكل وضوح وصدق وبراءة وضع نقاط الخير والنور على حروف إجرامهم ليعريهم ويظهر للناس كلَّ سوءاتهم، لن يفلح الاحتلال ولن يكون قادرًا على تسويق بضائعه ما دامت هذه المنارات تظهر في طريقه وتنير طريق الحق والحريَّة ورفع راية القضية.
أبو رعد يجمع بين الحسنيين وله من تسميته لأبنائه نصيبًا عظيمًا أثبتته الأيام، فقد أراد أن يكون رعدًا على الاحتلال ورحمة لشعبه الذي يعاني ويلات الاحتلال، وهو الآن هكذا قد أذاق الاحتلال من الألم الذي أذاق به شعبه طويلًا منذ نكبة ثمانية وأربعين، وفي ذات الوقت يدعو شعبه للوحدة والاصطفاف صفًّا واحدًا في مقاومة هذا المحتلِّ ليسوق بذلك لهم الرحمة والخير، وبهذا يجمع بين الرعد والرحمة في معادلة عظيمة ينشد من خلالها أن يكون هو وأبناؤه وقودًا لمرحلة قادمة تنتهي بالخلاص من هذا الاحتلال والتحرر الكامل لفلسطين وأهل فلسطين.
وليد الهودلي