
وسط الرفض الشعبي لها وحاجة النظام لها
تتلقى أحزاب الموالاة رفضا واسعا، حيث يطبع الحراك الشعبي بالجمعة والطلبة الداعمين له يوم الثلاثاء، هتافات “ديقاج” ضد الأحزاب المعنية وصولا للشعارات التي كثيرا ما رفعت لتعالج نفس الموضوع، هذا الرفض انعكس على مواقف المبادرات المطروحة على الساحة فنجد أن فعاليات المجتمع المدني أكدت أن الحوار الذي يتم الرهان عليه لا يشمل أحزاب التحالف الرئاسي سابقا، موضحة أنها اجتمعت بكل الأحزاب السياسية بمختلف أطيافها واستنتجت أنه يمكن التوافق فيما بينها، جاعلة من الخطوة رهانها المقبل، في حين التزمت التأكيد أن الخطوة لا تشمل أحزاب الموالاة.
من جهتها لجنة الحوار والوساطة في ظل الضغوط التي تواجهها لم تجد بديلا سوى ترجيح كفة تهميش تلك الأحزاب من الحوار، في حين أوضح العضو باللجنة عمار بلحيمر أن المعنيين بالإقصاء هم القيادات التي دعمت سابقا العهدة الخامسة، متداركا بأن مناضلي تلك الأحزاب كانوا ضحية لممارسات قادتهم وهو ما قد يعني إيجاد توليفة لاستعادة أو إنقاذ لتلك الأحزاب.
بالمقابل تعمد أحزاب التحالف على رأسها حزبي الأغلبية جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بخاصة الأول إلى العودة للساحة السياسية من خلال سلسلة متتالية من الفعاليات رغم حجم الرفض الذي يواجهه، بداية من انتخاب محمد جميعي على رأس الحزب وصولا لاعتذاره للشعب ثم الانتقال لمناقشة والتصريح حول مختلف الأحداث ومستجداتها على الساحة السياسية وعلى وجه الخصوص الحراك وكل ما يرتبط به، في حين رد على دعوات حل الأفلان والمتواصلة لغاية اليوم، بأن من يقرر هو الصندوق وأن الشعب هو الجهة الوحيدة التي يحق لها الحكم على كل حزب، وتجدر الإشارة إلى أن أحزاب الموالاة تعمل دائما على توجيه أصابع الاتهام للأحزاب المعارضة وتحميلها مسؤولية التركيز على الضغط عليها ودعوات حلها، في هذا الخصوص رد الأمين العام للأرندي عز الدين ميهوبي بأن الشعب غاضب من كل الطبقة السياسية وأن المعارضة ليست استثناء من ذلك، وأنه يتوجب تحمل المسؤولية من قبل الجميع خاصة من طرف أولئك الذين كانوا شركاء بالسلطة إلى جانب الموالاة خلال فترة معينة، مضيفا أنهم يحاولون رمي العبء على كاهل الموالاة فقط، رادا على دعوات الحل بأن الحزب ملك لمناضليه وهم من يقررون مصيره ومراهنا على إعطائه نفس جديد عبر ضخ زخم جديد من الحراكيين للأحزاب وتحويله نشاطهم للعمل الحزبي السياسي.
جيدور: حاجة النظام لأحزاب الموالاة سيبقيها حاليا
بدوره أستاذ العلوم السياسية حاج بشير جيدور استبعد اندثار أحزاب الموالاة حاليا، موضحا أن عدم وضوح الرؤية يجعل بقاءها ضروريا من طرف النظام في حالة الحاجة للجوء إليها.
وبنى قراءته قراءته على غياب مبررات إلغاء أحزاب التحالف الرئاسي حاليا مستثنيا من العملية حزبي تجمع أمل الجزائر والجبهة الشعبية اللذان قال أنهما لا يزنان شيئا في ظل غياب قيادي حزبيهما، حيث مثّل تواجدهما بالتحالف سابقا حضور شخصين واسم حزبين لإحداث الزخم لا غير، في حين أنه اعتبر أن كلا من الحزب العتيد الأفلان والأرندي يعتبر بقاؤهما ذا صلة بتوازن ما في النظام السياسي حاليا، مستندا في قراءته لجزئيتي: حجم الوعاء الذي يمثلانه ولو على سبيل الافتراضية، منطلقا من احتمالية حاجة أي دائرة ما في النظام للإسم الحزبي لتربط به أي عدد من الأصوات ولو لم يكن فعلا مرتبطا به. النقطة الثانية التي تدعم استمرار حزبي الأغلبية البرلمانية، هو قدم التكوين (1954) و (1997)، وهو ما يجعل النظام يحتاجهما بكاريزما التاريخ وليس الواقع، قائلا أنهما يقدمان دليلا يتكؤ عليه أن النظام السياسي كان يعيش في شرعية سياسية، مستدلا بوجود أحزاب باقية وتتمدد.
أما بخصوص مبررات البقاء فلخصها الأستاذ بجامعة غرداية بداية من الأدلة التي تصب في إطار دوام الحاجة إليهما بدء ببقاء البرلمان بغرفتيه على حاله رغم تصاعد الأصوات بوجوب رحيله من أول يوم في حراك الشعب يضاف لها قضية انتخاب القيادات كيف أوتي بولد عباس وكيف تم التخلي عنه وكيف أتى اسم جميعي من بعيد وكيف تم تزكيته، وكيف صنع اسم ميهوبي رغم أنه ليس سياسيا بالنشأة، لتأتي تصريحات لجنة الحوار والوساطة الخاصة باستبعاد القيادات فقط عوضا عن المناضلين كدغدغة للعواطف ولعب على وتر المطالبات الحراكية، أو أنه يمكن أن يكون حتى جزء من رد الصفعة من طرف كريم يونس لحزبه القديم، متداركا بأن الصورة العامة تبقى مختلفة، ملخصا إياها في أن وجود هذه الأحزاب لا يزال ضرورة تمليها عدم وضوح الرؤية وإمكانية اللجوء إليها في أي وقت لتركيب صورة جديدة أو تقديم بعض أجزائها ككبش فداء في واقع مستقبلي ما إذا عزت كباش الفداء.
لقرع: الوضع يحتاج لقانون العزل ضد كل متورط مع الفساد
من جهته أستاذ العلوم السياسية بجامعة مستغانم بن علي لقرع، في تصريح لـ”الوسط”، فقال أن الحالة الثورية التي تعيشها الجزائر يفترض أن يتم حل أحزاب التحالف الرئاسي والأحزاب التي تورطت في الفساد ودعم العهدتين الرابعة والخامسة وكذلك إصدار قانون العزل السياسي الذي يمس كل مسؤول أو أي حزب تورط في الفساد ونهب المال العام، مشخصا الوضع الحاصل بأن النظام يجدد نفسه ومن بين الآليات التي عمل بها هي تجديد واجهته الحزبية حيث قام بوضع قيادة جديدة للافلان والارندي وهذان الحزبان يعتبران جهازين انتخابيين للنظام ولا يمكنه الاستغناء عنهما، بحسبه. مضيفا أن جزء من الحراك لا يضغط من أجل حلهما، يضاف لها أن التركيبة الحزبية الحالية الموجودة في البرلمان هي تركيبة موالية للنظام وهي جزء من نظام الفساد، محذرا ما أن يتم استعمالها للدفاع عن بقاء النظام، معربا عن استغرابه من بقاء برلمان يوصف بأنه مزور وفاسد في زمن الثورة الشعبية ” لماذا يتناسى الناس أن الأرندي له 100 مقعد نيابي والأفلان له 161 مقعد نيابي وبالتالي فبقاء هذين الحزبين يشكل خطرا على مطالب الحراك الشعبي”.
أما بخصوص الحلول فقال أنه ينبغي التدارك عبر تفكيك أبنية النظام السابق، محددا منها ما يسمى أحزاب الموالاة وحل البرلمان وإعداد قانون جديد للأحزاب السياسية والانتخابات تضمن الحرية والتنافسية والديمقراطية وعزل كل الفاسدين من المؤسسة التشريعية والسماح بتشكيل أحزاب جديدة تحمل مطالب الأجيال الجديدة، معتبرا أن التركيبة الحزبية الحالية هي تركيبة مزيفة مصطنعة منذ التسعينيات ولا يمكن بناء نظام جديد بنفس الأحزاب الموجودة حاليا ولم يكن الوضع بأحسن حال بالنسبة لأحزاب المعارضة التي اعتبر أنها أثبتت أنها انتهازية وهي الآن تعقد صفقات مع السلطة الفعلية على حساب الحراك الشعبي.
سارة بومعزة