أقلامالأولى

..أنقذوا الأرياف فإنها آيلة للزوال؟

الحفناوي بن عامر غول

 

منذ سنوات أطلقت الحكومة برنامجا كبيرا لتدعيم سكان المناطق الريفية ،بغرض مساعدتهم لتحسين وضعهم المعيشي ،وتثبيت السكان للحد من الهجرة من الريف نحو المدينة . لكن الإحصائيات الأخيرة والتي تزامنت مع إجراء الانتخابات المحلية شهدت نسبة في تراجع سكان الأرياف إلى درجة تدعو إلى القلق. خاصة وأن فئات كبيرة من الشباب وعوض المحافظة على النشاطات مثل الزراعة والفلاحة وتربية المواشي ،لجأت إلى المدن وأصبح كل فتى يافع مشروع لـ(حيطيست) جديد ينتظر دعم الدولة من ( السوسيال) أو ربما يتشوق إلى الضفة الأخرى ولو على قارب الموت .وإذا تحدثنا عن المشاريع الخاصة بالبناء الريفي وربط المساكن والمحيطات بالكهرباء الفلاحية والريفية ،نجد أن الخلل في توزيع البرامج -التي لا تعتمد على دراسة استشرافية- وان صح التعبير تبديد ثروات على حساب مشاريع عشوائية عجزت عن تحقيق ولو جزء مما رسم لها إن كان هناك تخطيط !.

فعلى سبيل المثال تراجعت نسبة تربية المواشي في الكثير من الولايات الرعوية، كما شهدت شبه انقراض بعض الحيوانات ، ليس بسبب غلاء الأعلاف كما هو موجود اليوم ، وإنما لعدم توفر يد عاملة تمتهن حرفة الرعي التي توارثتها أجيال أبا عن جد .ثم لتغيير تلك النشاطات التي كانت هي المدخول الوحيد لفئات كبيرة في ولاياتنا السهبية .ولم تفلح لا البرامج الفلاحية ولا أموال المحافظة السامية للسهوب في تطوير الريف نحو الأفضل أو على الأقل إتباع برنامج فرنسا السابق التي قسمت التراب الوطني حسب قطاعات منتجة من خط الجريد إلى خط السميد . ونجد اليوم الحرث العشوائي والاستحواذ على مساحات كبيرة من طرف مستمرين وهميين قد تسببوا في إبادة للنباتات العلفية لتتحول إلى صحراء قاحلة أتت على الزرع والماء والكلأ.في حين نجد الأراضي الصالحة للبناء قد التهمها الاسمنت ووزعت على الأحباب و حولت إلى تعاونيات لبناء مستوطنات فوضوية شوهت المحيط العمراني. وما بقي منها لم يعد يزرع فيه شيء نظرا لشح المياه والحفر العشوائي دون مقاييس و لا نظام للحفاظ على ثروة الأجيال في ظل صراع عالمي على منابع المياه. واليوم عند زيارتنا للأرياف نجدها مهجورة ، ومن بقي فيها هو مشروع بطال رغم استفادته من الدعم وأصبح عالة على المجتمع، إذ لم يعد بمقدوره ضمان قوت يومه .فنجده يقني ما يحتاجه ويشتري البطاطا والخس و الكسبر والبيض والحليب ولحم الدجاج وحتى الخبز من المدينة ، وهي منتوجات كان يمكن أن يوفرها لنفسه ببساطة ولا تحتاج لدعم أو خبرة في الفلاحة، فاعتمد على ( التفنيين) ثم يحدثك عن الريف الأعزل الذي لم يعد يليق حتى بسكانه، جراء سياسة عرجاء أنهكت الخزينة .وساهمت في بؤس المواطن وإحباط لأسر بأكملها لا تعرف كيف تتأقلم مع واقع مغاير، وخلقت فوارق اجتماعية ستؤثر في المستقبل على تركيبة المجتمع في غياب اي دراسات حتى بالنسبة للجامعات ومعاهد علم الاجتماع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى