في مفارقة هي أقرب إلى جنون القصف الذي يستهدف العقل قبل المنطق، قامت إيران بقصف مناطق بالباكستان والعراق، وذلك في أول رد فعل عسكري على مجزرة تركمان التي أودت بعشرات الضحايا قبل أيام في إيران، واتهمت فيها الحكومة الإيرانية جهاز الموساد بأنه يقف خلفها، لتكون المفاجأة أن الصواريخ الإيرانية التي من المفترض أن تنزل على سماء تل أبيب، نزلت على العراق والباكستان، والسؤال الجوهري هنا، أي منطق، قلب معادلة القصف من استهداف كيان صهيوني متهم بالمذبحة إلى استهداف الباكستان وإيران؟
بغض النظر عن المبررات الإيرانية، كون عمليتها تستهدف منظمات ارهابية بتلك المناطق المقصوفة، إلا أنه من السذاجة أن يتقبل عقل، أنه فيما المذبحة ومقاصفها ومؤامراتها كلها تل أبيب، تأتي طهران لتقنع العالم الإسلامي، أن الأولوية هي مخاطر باكستانية مفترضة، لابد من قصفها..
غرابة ما يجري في العالم الإسلامي والعربي، هو ما جسدته الضربة الإيرانية، فبعد أن كانت الأنظار كلها موجهة لردة فعل توقف عنجهية واجرام الكيان، تم نقل المشهد إلى الباكستان، وإلى أجساد العراق، والحجج هنا أقبح من ذنب، وفعلا، يحق لنتنياهو أن يشرب نخب انتصاره، مادام هذا هو حال الأمة، حيث فعاليتها الوحيدة، تتجلى وتتجسد وتظهر فيما بينهما، أما حين يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني، فإنه العجز والركون والبحث عن مبررات تغطي الشمس بالغربال وبكل عجز وابتذال..