
بقلم د.محمد مرواني /أستاذ جامعي وكاتب صحفي
يعتقد الكثير من المسؤولين السامين في أجهزة الدولة أن ظهورهم الاعلامي تلقائي اكثر منه عمل مخطط ومدروس تحركه تقاليد اتصال وتستدعيه دواعي سياسية وإعلامية بالدرجة الأولى تحكمها الوظيفة وما يمكن أن يؤديه الاعلام والاتصال من وظائف سواء في إدارة أزمات والتخفيف من حدتها أو في تنوير رأي عام بكم من المعلومات في خضم السيل الجارف من اشاعات .
كفاءة المسؤول الاتصالية ترتكز على فنيات عالية في التواصل مع الاعلام وأجهزة الصحافة والتعامل معها بلغة اتصال استباقية أن صح القول تأخذ في الحسبان ما يمكن أن ينشر في الصحافة اذا صمت المسؤول ..ثم التعامل بسياسية إعلامية تؤكد من جهة أخرى وأن لم يكن هناك جديد للتداول الاعلامي أن الدولة موجودة والتدابير تتخذ وسياسة الاتصال في الأزمات علم يطلب وتكوين يجب أن يتلقاه المسؤول السامي قبل أن يعين في الوظيفة لا أثناء ممارسته لها خاصة عند يتعلق الأمر بالمسؤوليات الكبرى في أجهزة الدولة التي تفرض أن يخاطب المسؤول الناس ويسوس شانهم العام ، أي كلمة ينطقها مسؤول في لقاء رسمي وأمام جمهور وإعلام محسوبة وظهور أي مسؤول أمام الاعلاميين ساعات له دلالة ولا يوجد شيء بري في ساحة الاعلام والاتصال خاصة حين يتصل الأمر بإدارة شؤون البلد على المستوى المحلي والمركزي
لذا فإن الكفاءة الاتصالية للمسؤولين في التعاطي مع الاعلام وإدارة مختلف الأزمات ترتكز من جانب آخر على رصيد المسؤول وما يملكه من مستشارين إعلاميين لا يتواجدون لا في الولايات ولا الدوائر الوزارية بالكم الذي يوحي أن هناك اتصال مؤسساتيا يحقق غاياته الاعلامية والتنموية فببساطة فنيات الاتصال والتواصل أثناء ممارسة الوظائف السامية مهمة ليست سهلة ولا يمكن ان يكون المسؤول محترفا في الاتصال والإعلام إلا إذا أمتك مفاتحيه وهي كثيرة اولها العلم والتكوين والتأمل في خبرات موجودة في الميدان.
وقد كشفت تجارب ماضية على الأقل خلال السنوات الأخيرة تأخر السلطات العمومية خاصة على مستويات مركزية في تجسيد استراتجية اتصال فعالة تخاطب على أساسها المواطن وباقي الفواعل وأداء المسؤولين على مستويات المسؤولية في التعاطي مع وسائل الاعلام شكل في الحقيقة معضلة حقيقية فضعف المسؤول المحلي في الاتصال بالمواطن وغياب أي خطاب اتصالي فعال يجعل المواطن يستمع للغة ثم يشاهد حركة التعبير التي يبديها المسؤول ثم يقتنع بالرسالة تغيب كل هاته التفاصيل في اداء العديد من المسؤولين
يعتمد اتصال الحكومة بباقي فعاليات المجتمع خاصة على وسائط فعالة قد تكون وسائل اعلام حديثة تسوق من خلالها الحكومة حتى عبر منصات التواصل للوزراء وهي محمية ولا ينشر فيها إلا ما يجب أن ينشر ويعبر عن أداء حكومي قبل أن يسوق لجهد شخصي كما يعتمد خروج الوزراء للإعلام وللناس على تقاليد عمل تستدعي أن يستعين حتى الوزراء بطاقم من المستشارين وهي ثقافة تكاد تغيب
أن المستوى المحلي لممارسة المسؤوليات يتطلب هو الاخر ثقافة ورؤية اتصال مهنية فلا يمكن على الاطلاق أن يشتغل الوالي بدون سياسة اتصال فعالة وإستراتجية اعلامية ناجعة فعلى سبيل المثال تشكل خلايا الاتصال والإعلام الموجودة بديوان الولاية احد المصالح الادارية الهامة في جهاز الولاية وخاصة في ديوان الوالي غير ان تحويل مصالح الاتصال بالديوان الى مصلحة لاستقبال الدعوات وتبليغ الصحفيين والمراسلين بنشاطات الوالي لم يعد مقاربة عمل فعالة .
يجب أن يتاح لموظفي هذه الخلايا الاتصالية تكوين مهارات على ربط علاقات مهنية مع الصحفيين والمراسلين وتحرير المبادرة لديهم باقتراح مشاريع اعلامية واتصالية تخدم سياسة الاتصال التي تنتهجها الولاية وهي سياسة اتصالية تعتمد على الاجابة على اسئلة عميقة وهي مثلا ..متى يظهر الوالي للحديث امام الناس ..لماذا يظهر …كيف يظهر ..وما المتوقع بعد ظهوره متحدثا عن محتوى قابل للقياس …كل هذه الاسئلة يطرحها مستشار في الاتصال .
وانطلاقا من عرض تجارب ونماذج عن ما يجب ان يكون عليه الاتصال على مستويات مركزية ومحلية فإن السلطات العمومية في مطالبة بتحريك استراتجية اتصالية مؤسساتية والاستثمار في الكفاءات الأكاديمية والمهنية المتخصصة في الاتصال والإعلام والتي تملك رصيد وخبرة نوعية وهامة في هذا المجال الذي يبقى عموميا ومهنيا بالدرجة الاولى
مركز للاتصال أولوية …
أضحى من الضروري وأمام حالة عجز رهيب في الإدارة التعجيل في ترسيم توجه للدولة في “اتصال الازمات ” وذالك يمكن أن يكون حقيقة وممارسة على أرض الواقع من خلال إنجاز “مركز وطني لاتصال الأزمات ” يتبع لرئاسة الجمهورية ولا يمكن أن يختزل نشاطه الذي يقنن بطبيعة الحال ويستند إلى مقاربات في المجال والتخصص في خانة محدودة بل إنه مركز ينشط حتى في الظروف العادية وذالك من خلال اعتماد ادوات قياس لما يقع من مشاكل وأزمات كانت محلية أو وطنية وحتى دولية تتأثر بها الجزائر وقد سبق وان تناولنا عبر في مساهمات عديدة الازمات التي فشل ولاة في إدارتها وكانت محلية.
وأشرت دون تعميم الى أن هناك نقائص عديدة في أداء المسؤولين على المستوى الاتصالي في التعامل مع “الازمة ” وقد خلق هذا الضعف وهو ظاهر مشاكل على القيادة على مستوى مركزي التي لا يمكن ان تضطلع على تفاصيل الموقف “الازمة ” إلا من خلال “عروض حال ” أو “تقارير رسمية لجهات عديدة ” وهذا وإن كان هاما لمعرفة ما يجري في كرونولوجيا “الأزمة ” إلى أن الاعتماد على مهارة المسؤول في إدارة ما يقع في ولايته يبقى الاهم في حل الازمات
أن المقترح الذي أتقدم إليه عبر هذه المساهمة الصحفية لرئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون ” وقد اكد السيد الرئيس في لقائه الصحفي الأخير الذي جمعه مع عدد من ممثلي وسائل الاعلام الوطنية على خطورة ما تشكله “الاشاعة ” والأغراض المبيتة التي تكون وراء نشر الاشاعات من صفحات لأطراف معادية خطورة ما يحاك لضرب مؤسسات الدولة عن طريق تلفيق الأكاذيب والأخبار الكاذبة يتطلب من الدولة استحداث منظومة اتصالية وإعلامية مؤسساتية فعالة لا تتوقف عند وسائل الاعلام اذ تغيب في المشهد الرسمي الاتصالي أي مؤسسات تدير الاتصال المؤسساتي الذي لايمكن ان يكون تكليفا يقع على عاتق موظف في وزارة او مؤسسة بل هو ارادة سياسية للدولة في الاهتمام بهذا المسار وإنتاج ايقاع فعال فيه يزن خطابها للعامة ويقوي كيانها ولعل ما وقع مؤخرا من انحرافات في تصريحات مسؤولين يستدعي فعلا الاهتمام بالاتصال الرسمي وتنمية قدرات الاداء الاتصالي للمسؤولين في الدولة كيان ولغة .يتبع
تعليق واحد