
حديث عن بيروقراطية في توزيع الأسمدة والبذور على الفلاحين
- التنظيمات الفلاحية سياسية أكثر منها قطاعية
- تساؤلا عن فعالية آليات الضبط المعتمدة
رغم طموحات وزارة الفلاحة الكبيرة التي أبرزت الرهان على التوجه نحو التصدير إلا أنه بين الفينة والأخرى تبرز عدة عراقيل على مستوى القطاع، آخرها الارتفاع الجنوني لأسعار الخضر والفواكه والذي ربطه البعض بقانون العرض والطلب، يضاف إشكالية غياب التخطيط على مستوى الوزارة، حيث كشف الخبير الفلاحي آكلي موسوني عن جملة من النقائص التي يغرق وسطها القطاع، بداية من غياب تنظيم الفلاحة وفقا للتخصص الزراعي بين الفلاحين بعد تحديد حاجيات السوق من كل مادة، مع غرق الغرف الفلاحية وسط البيروقراطية ونقص الصلاحيات. وبالعودة للأسعار أكد أنه لو كانت القدرة الشرائية أحسن لعرفت الأسعار ارتفاعا جنونيا أكبر.
كما تطرق لواقع التنظيمات الفلاحية التي قال أنها تنظيمات سياسية أكثر منها فلاحية، مفجرا قنبلة حول البذور والأدوية التي قال أنها رديئة وتساهم في ضرب المنتوج، في حين عاد للموسم المنصرم الذي عرف تعاقبا بين الأمطار الغزيرة والحرارة موضحا أن ذلك أنعش الأمراض.
أسعار ملتهبة لم ترحم الجيوب سوى الثوم والبصل
تحولت أسعار الخضر والفواكه إلى الشاغل الأول للمستهلكين خلال الفترة الأخيرة، في ظل التهاب أسعارها وسط تضارب في الأسباب، يضاف لها أن الأسعار أعادت ملف القدرة الشرائية للمواطنين إلى الواجهة إلى جانب مدى تخطيط الوزارة للقطاع رغم التطمينات الكثيرة التي تأتي كل مرة، إذ كشفت الزيارة التي قادت “الوسط” إلى أحد أكثر الأسواق شعبية ومعقولية في الأسعار “مولود برينيس” بباش جراح بالعاصمة، حيث تصدرت الأسعار سيدة المائدة الجزائرية التي كوت جيوب المواطنين في الفترة الأخيرة وهي البطاطا، حيث تراوحت بين: 65 دج إلى 70 دج، أما القرعة فكوت الجيوب بـ120 دج والخس بـ100 دج، والطماطم من 60 دج بنوعية جد رديئة وتصل إلى 80 دج، أما اللفت والجزر والشمندر فتوحدت لدى سعر 40 و45 دج، ونفس الأمر بالنسبة للبسباس، أما الخيار فجاء بـ70 دج، والفاصولياء الخضراء فجاءت بـ100 إلى 120 دج، والقرنبيط بـ50 دج لنوعية رديئة، في حين أعفى البصل الجيوب بمتوسط 30 دج، ونفس الأمر بالنسبة للثوم بـ200 دج للكلغ، في صورة تسقط كل أوراق سيناريوهات السنة الفارطة، حيث كوت الجيوب في صورة غير سابقة.
وبالنسبة للفاكهة فتجاوزت قدرة معظم الفئات المتوسطة، فالتفاح من نوعية رديئة 80 دج، العنب تراوح بين 100 إلى 250 دج، والرمان في موسمه فقارب 170 دج، والتمر 400 دج، وهو ما جعل معظم المقبلين على السوق يشتكون من التهابها، مؤكدين أن الفاكهة صارت من النافلة البعيدة المسجلة على موائدهم، فهم بالكاد يقتنون الخضر، مركزين على العودة للعجائن، رغم أن الأخيرة بدورها شهدت ارتفاعا مؤخرا، حيث يتراوح سعر كلغ من المعكرونة 120 دج بالنسبة لماركة أعمر بن عمر.
آكلي موسوني
لو كانت القدرة الشرائية أحسن لارتفعت الأسعار أكثر
كشف الخبير الفلاحي آكلي موسوني في تصريح لـ”الوسط”، أن ارتفاع أسعار الخضر والفواكه خلال الآونة الأخيرة يعود لعدة عوامل، موضحا أن ارتفاع الأسعار وانخفاضها بالسوق مرتبط بالفوضى المهينة على قطاع الفلاحة، كون الجزائر تفتقد لتخطيط وبالتالي الفلاحين غير منظمين في خصوصيات زراعية تحدد حاجة الاستهلاك العام من كل مادة يتم تخصيص أراضي لها، ودواليك، وهو ما يجعل كل فلاح ينشط وفقا لاجتهاد شخصي بحسب ما يظن أنه الأربح، وبالتالي حتى الفلاح لا يضمن الفائدة، إذ يقعون في إنتاج نفس المادة ويؤدي لانخفاض السعر بشكل كبير وحتى رمي المادة مثلما وقع بحث الطماطم أو الجلبانة، أو العكس عدم انتاجها والتهاب الأسعار، مؤكدا أن هكذا حالة رافقها هبوط القدرة الشرائية للمواطنين، مؤكدا أن القدرة لو كانت أحسن لأدى إلى ارتفاع جنوني أكبر، كون القدرة الشرائية المنهارة تؤدي لانخفاض الإقبال على الاستهلاك وبالتالي زيادة متوسطة في الأسعار.
وأكد أن السبب في ارتفاع الأسعار هو الدولة التي غيبت ميكانيزمات تنظم القطاع، وغياب التخطيط أدت للفلاحة للسير وفقا لضربات الحظ، مؤكدا أنه لا جهة تستطيع تحديد الأسعار أو التكهن بها سواء لارتفاعها أو انخفاضها لأنه ولا جهة تملك الأرقام حول نسبة الإنتاج ولا استهلاك السوق.
أما بخصوص الغرف الفلاحية، ومديريات الفلاحة، وتنظيم الفلاحين ككل، قال انه لا يسير وفقا لمعطيات اقتصادية بل تحولت لإدارة مركزية تستقبل الفلاحين، وسط بيروقراطية كبيرة في توزيع الأسمدة والبذور على الفلاحين، ويرفعون من نسب البيروقراطية ووضع العراقيل، مؤكدا أن الغرف لا تستطيع التحرك أكثر، كونها لا تملك الصلاحيات في إطار اقتصادي، في ظل عدم توفر تنظيم الفلاحين، متهما التنظيمات الفلاحية بأنها مسيسة وأنها تنظيمات سياسية أكثر من كونها قطاعية.
كما أشار إلى التداول بين الأمطار الغزيرة والحرارة المرتفعة للسنة الجارية وهو ما أنعش الفطريات والأمراض بكثرة، في ظل غياب الوسائل الكفيلة بمكافحتها لدى الفلاحين، يضاف لها تردي نوعية الأدوية وحتى البذور، وهي الظاهرة التي اعتبرها هروبا للأمام، وأضعفت المنتج كثيرا، وبالتالي يؤثر من جهة ثانية على الأسعار، مؤكدا أنه صلب موضوع العرض والطلب الذي يتحكم في الأسواق.