أقلامالأولى

الأمم المتحدة ومسرح العرائس!

 بقلم: محمد حسنة الطالب

 

لقد برهنت كل تقارير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، على أن منظمته لا حول لها ولا قوة في فرض قوانين العدالة وقرارات ومواثيق الشرعية الدولية، ولذلك جاء تقريره الأخير كسابقيه، ولم يخرج عن نطاق المصالح التي تستغلها فرنسا للمتاجرة بقضية الصحراء الغربية في مجلس الأمن الدولي، دفاعا عن أطروحة زائفة يتبناها الإحتلال المغربي اللا شرعي لهذا الإقليم؛ وهكذا أصبحت منظمة الأمم المتحدة مجرد سوق للنخاسة، وملهى ليلي لحبك مختلف المناورات والسيناريوهات الخبيثة ضد إرادة الشعوب وتطلعاتها نحو الأفضل.

لقد أصبحت الأمم المتحدة تشكل أرضية خصبة لتفشي كل مظاهر الظلم والفساد السياسي والأخلاقي في العالم، وهو ما استغله المغرب ضمن حملة إعلامية ودبلوماسية مسعورة، تهدف إلى شرعنة إحتلاله للصحراء الغربية، من خلال إستثماره في عامل الوقت وإطالة أمد النزاع القائم بينه وبين جبهة البوليساريو، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، وتسخيره فوق ذلك كل إمكانياته وجهوده لمغالطة الرأي العام الدولي وتضليله عن حقيقة الواقع، هذا فضلا عن سعيه الحثيث للتغلغل داخل مراكز القرار ومحاولة قلب الحقائق، ناهيك عن إنتهاجه سياسة شراء الذمم والمواقف، التي إنطلت على بعض الدول وكانت بمثابة السحر الذي إنقلب على الساحر، بعدما تكشف زيف إدعاءات المغرب وعدم مصداقيته ووفائه بوعوده، التي قطعها لبعض الدول الفقيرة التي تبني سياساتها على التسول والإسترزاق بدل المبادئ وإحترام مثل وقيم العدالة والشرعية.

إن هذه المساعي الظالمة، التي يمارسها النظام الملكي المغربي صباحا ومساء وفي كل مكان، للنيل من عدالة وشرعية القضية الصحراوية، لم تكن كافية وحدها لجعل المغرب يتمادى في رهانه على مدى عزيمة وإصرار الشعب الصحراوي على تقرير المصير والإستقلال، لولا تخاذل بعض الصحراويين وعمالة بعضهم الآخر، وحسن النية المفرط الذي ظلت تبديه جبهة البوليساريو من خلال التعاطي مع أوهام الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وعدم إصرارها وحلفائها على اتخاذ موقف حاسم من شأنه إحداث نقلة نوعية في ملف القضية الوطنية، الذي راوح مكانه منذ ما يقارب ثلاثة عقود من حالة اللا حرب واللا سلم، وكان السبب في ذلك كله هو حسن الإصغاء والمتابعة لمشاهد من سراب، تمثلها دمى وعرائس تتحكم في حركتها الدول العظمى، دون أن تبالي بما يطال سواها من ظلم سافر، ومن مآس ونكبات جراء مفاهيم مخادعة ومصطلحات مقلوبة، تحولت على إثرها المطالبة بصيانة حقوق الانسان المشروعة إلى إثم كبير، وقيم الحرية والديمقراطية إلى بلاء مهول، عصف بالكثير من الدول وبإرادة شعوبها إلى الهاوية؛ ولنا في ضحايا ما سمي حينها ب”الربيع العربي” خير مثال على ذلك.

أملنا كبير في أن يعرف العالم انفتاحا على العدالة، وأن نرى مشاهد واقعية تنافي حالة العجز والخذلان السائدة في منظمة الأمم المتحدة منذ زمن بعيد، والتي تقف وراءها رغبات الدول النافذة، التي باتت تتحكم في كل شاردة وواردة في هذه المنظمة الدولية، وخيبت آمال المظلومين وتطلعات المضطهدين في مساعيها الفاشلة، التي لم تحقق أية نتيجة تذكر من أجل فرض العدالة وإستتباب الأمن والسلام في العالم.

وكون إيمان الشعوب المحبة للعدل والسلام كبير وكبير جدا في إرادة الحياة الحرة الكريمة، ظهرت الصين كمنافس إقتصادي بالدرجة الأولى للولايات المتحدة الأمريكية، وتعاظم التحالف الذي يجمعها بكل من روسيا وكوريا الشمالية، وتسير في فلكه دول معتبرة كإيران والجزائر لا الحصر، تبلور بصيص أمل ومعطى واقعي من شأنه أن يفرض نوعا من التوازن في السياسة الدولية، وأن يجعل العدالة تأخذ مجراها يوما ما، على الأقل بعدم تغليب لغة المصالح كلية، على قرارات ومواثيق الشرعية الدولية، المستباحة في العديد من قضايا الظلم والطغيان المنتشرة في الكثير من أرجاء هذا العالم، الذي ما زال يحتكم إلى قانون الغاب، وشبع فيه القوي من لحم الضعيف بمسوقات لا أساس لها، ولطالما فندها الواقع وكشف النوايا السيئة  لأصحابها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى