إقتصاد

الانتقال الطاقوي محرك للإنعاش الاقتصادي الأخضر

أوضحت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة سامية موالفي خلال حضورها الطبعة 27 ليوم الطاقة الذي تنظمه المدرسة المتعددة التقنيات قسم الهندسة الكيمائية، التي جاءت هذه السنة تحت عنوان ” الأولوية المناخية، النجاعة الطاقوية والهدروجين الأخضر أن التحول العميق لمنظومة الطاقة ليس خيارا ممكناً فحسب، بل هو ضروري لمستقبل إنساني آمن مناخياً، يتم فيه الوفاء بالتزامات التنمية المستدامة، كما أن الطاقات المتجددة هي المفتاح للتغلب على ندرة الطاقة، وتوفير خدماتها اللازمة دون الإضرار بصحة الإنسان أو النظم البيئية .

الأمن الطاقوي رهان أساسي من رهانات الأمن القومي الوطني الشامل

وأضافت ذات المتحدثة، أن الأمن الطاقوي يشكل رهانا أساسيا من رهانات الأمن القومي الوطني الشامل، وتسعى الجزائر على غرار كل دول العالم إلى تحقيق أمنها في هذا المجال بما يكفل استهلاكها المحلي ويضمن التصدير للخارج، بحيث تمتلك الجزائر مصادر طبيعية هائلة في مجال إنتاج الطاقات البديلة عن مصادر الطاقة الأحفورية، وتسعى الجزائر من خلال “رؤيتها لـــ “2035أن تراعي مسألة البيئة واستدامتها والانفتاح على مجالات نظيفة، تساهم في حماية المحيط وتطور الاقتصاد الأخضر وتحقيق العدالة المناخية،لضبط الإستراتيجية الجزائرية لتحقيق الأمن الطاقوي المستدام، والتخطيط الجيّد والرشيد والتسيير العقلاني وكذا الحكامة السياسية العمومية للطاقة في إطار المشروع الوطني للانتقال لطاقوي ومن أجل تسريع وتيرة الانتقال الطاقوي، تعمل الجزائر على تطوير صناعة وطنية للتجهيزات المرتبطة بتوليد الطاقات المتجددة والطاقة الشمسية بالأخص، وذلك من خلال توظيف الموارد المالية المتاحة من استغلال المحروقات، وهو ما يتطلب أيضا توفير مناخ مناسب للابتكار والمقاولاتية في هذا المجال، لاسيما بالنسبة للقطاع الخاص، مضيفة أنه علاوة على الطاقة الشمسية، تعكف الجزائر أيضا على تجسيد العديد من المشاريع المتصلة بالطاقات المتجددة بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، حيث أمر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في هذا السياق “بالتوجه وفق برنامج مدروس لإنتاج الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية”،وهذا انطلاقا من قناعته بأن الانتقال الطاقوي محرك للإنعاش الاقتصادي الأخضر، أين يشكل الأمن الطاقوي رهانا جوهريا للدولة، من أجل تنويع الاقتصاد والخروج التدريجي من دائرة فرط الاعتماد على الوقود الأحفوري.

الطاقات الخضراء مسعى اقتصادي وطني جديد

أكدت سامية موالفي، أن الطاقات الخضراء والنمو الأخضر هو ” مسعى اقتصادي وطني جديد، يحشد مختلف قدراتنا وإمكاناتنا ومختلف أرصدتنا الكامنة، و هو ليس قطيعة ميكانيكية مع إمكاناتنا ومؤهلاتنا الطاقوية التقليدية وغير التقليدية، و إنما هو قطيعة في المنظور وفي الممارسة، لأنه يستلهم الحلول التكنولوجية في مشاريعه من خلال محاكاة أنظمة الطبيعة والنمو فيها، لأن الهدف الرئيسي هو التفكير في بناء بيئة أكثر رصانة وفعالية ومتجددة وخالية من الكربون، لأجل الوفاء بالتزاماتنا الدولية اتجاه التغيرات المناخية، إذ أن التحول إلى الطاقة منخفضة الكربون اللازم لمعالجة أزمة المناخ يمكن أن يسهم في التعافي المرن خلال مرحلة ما بعد الوباء وضمان التنمية المستدامة وتحسين جودة الهواء مع انخفاض مستويات التلوث والتنوّع البيولوجي وإفادة المواطنين، ولكن في حال لم يبذل المجتمع المدني جهداً منسّقاً ومنظماً، يُخشى أن يكون الانتقال الطاقوي غير كافٍ وغير عادل، مؤدياً بذلك إلى تقويض الفوائد الاقتصادية وسبل العيش، وإضعاف مشاركة المواطنين في إدارة مواردهم الطبيعية.

الانتقال الطاقوي يشكل اليوم محورا استراتيجيا للجزائر

وفي هذا الصدد أشارت وزيرة البيئة والطاقات المتجددة ، إلى أن قطاع البيئة والطاقات المتجددة يسعى رفقة القطاعات ذات الصلة، إلى وضع كافة جهوده لتطوير مجال الطاقات المتجددة، نظرا لتوافر عوامل القوة بالجزائر، التي تتمثل في امتلاكها إمكانات طبيعية تؤهلها كي تؤدي دورًا بارزًا في سوق إنتاج الطاقة المتجددة دوليًا، وذلك بالتوازي مع دورها المهم في إنتاج الغاز، بالإضافة إلى تحقيق مزيج مستدام يساعد على مواجهة أزمات الطاقة، حيث أن الانتقال الطاقوي يشكل اليوم محورا استراتيجيا للجزائر من أجل بلوغ نسبة 30 بالمائة من الطاقات المتجددة آفاق 2035، وهذا ما يدخل في إطار التزامات الجزائر المناخية في اتفاقية باريس للمناخ 2015، أين سطرت هدف تخفيض 7 بالمائة من الغازات الدفيئة آفاق 2030 بمواردنا الخاصة ويمكن رفع هذه النسبة الى 22 بالمائة إذا ما تحصلنا على الدعم المالي الدولي ،وبالتالي تلعب كل من الإمكانات الطبيعية المتاحة من مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة إلى جانب سياسات تحسين كفاءة الطاقة أدواراً رئيسية في استدامة الطاقة، وذلك شريطة الاستفادة من الإمكانات والمصادر بحسب جدواها الفنية والاقتصادية في تطبيق حزمة من السياسات تأخذ في الاعتبار الأبعاد البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتكمن القناعات التي تبنى عليها خطة العمل في ضرورة الحفاظ على موارد الطاقة المتاحة والحد من تلويث البيئة، وهو ما يستدعي تكاثف جهود الجميع للوصول إلي هدف محدد وواضح يتمثل في استدامة الطاقة، وهو ما يعمل على الوفاء باحتياجات مشاريع التنمية ورفع مستوي المعيشة لمواطنينا، وخاصة في المناطق المعزولة والبعيدة عن الشبكة ،وبعث المستثمرات الفلاحية بربطها بالطاقات المتجددة ، لخلق نظام بيئي موات لها مرتبط بعدة أبعاد اقتصادية تجارية وكذا اجتماعية، وخلق فرص عمل، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وتشجيع القطاع الخاص على المشاركة بفعالية في هذا المجال.

الجزائر تسعى لمكافحة تغير المناخ

وحسب موالفي فالجزائر ” تجدد كما سبق وفعلت في عدة مناسبات عالمية وإقليمية و وطنية، التزامها بمكافحة تغير المناخ ولعب دور فاعل في هذا المجال، لاسيما من خلال “مخططها الوطني للمناخ للفترة من 2020 إلى 2030 ” والذي يعتبر أداة عملية لتطبيق السياسة الوطنية العشرية لمكافحة التغيرات المناخية وتنمية الاقتصاد الأخضر،كما يهدف التقليل من نسبة الانبعاثات الدفيئة المنبعثة في الجو كجزء من فكر عقلاني يضمن استخدام وحفظ الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، من خلال تعبئة الموارد المائية والحفاظ على الاحتياطيات الكبيرة منها، ودعم التنمية الفلاحية لتعزيز الأمن الغذائي ، وكل ذلك مصحوبًا بانتقال طاقوي يتكيف مع الخصائص الوطنية المبنية على نموذج المزيج الطاقوي وتقوم هذه السياسة أساسا على تشجيع تطوير الاستثمار في مجال فرز وتحويل النفايات وفي مجال الطاقات المتجددة، وذلك بـ”وضع هياكل وطنية متخصصة، تعمل على “تسريع تنفيذ المشاريع قيد الانجاز في مجال الرصانة والفعالية الطاقوية وإنتاج الهيدروجين الأخضر وهو مشروع استراتيجي واعد توليه الجزائر أهمية قصوى، بالنظر إلى ثروة وإمكانيات الطاقة الشمسية التي تمتلكها البلاد

الطاقات المتجددة ستكون هي محرك التنمية المستقبلية

قالت وزيرة قطاع البيئة في الجزائر، إن الانتقال الطاقوي هو قبل كل شيء مسألة انتقال تدريجي من الوضع الحالي للتنمية، الذي يعتمد بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، لصالح نماذج تثمن الرابط الاجتماعي، نوعية الحياة والوظائف المستدامة، و إن الطاقات المتجددة سوف تكون هي محرك التنمية المستقبلية في ظل الحفاظ على البيئة وتطوير عمليات جديدة أكثر احتراما للبيئة، بما في ذلك استخدام الهيدروجين الأخضر الذي يحترم مبادئ الكيمياء الخضراء والذي يساهم في الحد من التلوث واستعمال عوامل غير ضارة بالإنسان مساهما بذلك في تحسين إدارة الموارد وضمان الاستدامة، الذي يمكن أن يحقق قفزة نوعية من حيث التخزين وتقليل البصمة الكربونية ، مشيرة ذات المتحدثة إلى أن الانتقال الطاقوي سيمكن الجزائر بالتأكيد من تلبية احتياجاتها الحالية من الكهرباء والغاز الطبيعي دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتهم.
حكيم مالك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى