
بقلم د.محمد مرواني
يبدو أن التعليم الجامعي عن بعد وعبر استغلال المنصات الالكترونية المؤطرة للعملية يشكل في الوقت الراهن أحد البدائل الأكثر فعالية لإدارة الوضعية الوبائية مع السنة الجامعية المقبلة إذ يجب أن تنخرط مختلف الكليات والجامعات في مسار تعليمي جامعي جديدة يتيح للأستاذ الباحث والطالب الاستفادة من خدمات نوعية للتدفق بشبكة الأنترنت ويسمح في نفس الوقت بإعطاء الطابع العملية التفاعلي حقه في التقييم فالمحاضرات التي سيتم ارسالها عبر المنصة الالكترونية وحتى عن طريق التواصل الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين الأساتذة ،والطلبة يمكن أن تحقق النتائج المطلوبة في امتصاص صعوبة الظرف الصحي الذي لا يتيح في الوقت الراهن التعليم الجامعي “الحضوري ” غير أن ما تحتاجه الجامعات والكليات على حد سواء في هذا المجال ،وهو دعم الأقسام والفرق البيداغوجية بأستوديوهات يمكن على أساسها تسجيل عدد من المحاضرات للطلبة بشكل فردي وإرسالها عبر المنصات الاتصالية الحديثة وإتاحة الفرصة للأستاذ والطالب التواصل المرئي الذي يبقى فعالا وذو أثر فعال على العملية البيداغوجية في ظل الظروف ،والمعطيات الراهنة التي يفرضها الوباء .
أعتقد أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بما طرحته من تقديرات للموقف الصحي وإدارة أراها دون مجاملة حكيمة ،ومهنية للوضعية الوبائية تتيح هذه المرة فرصة هامة للأساتذة والطلبة الاستفادة من التكنولوجيا والتواصل عن بعد للتحكم في رزنامة تخص فترات للتدريس وتأطير الطلبة وفترات اخرى تخص الحضور المباشر للطلبة عن طريق التفويج وهذه مقاربة أراها هامة لإدارة الوضع الوبائي الذي مازال يشكل حالة قلق عام ولا يمكن إغفال أن خطورته موجودة بشكل أكثر بعد ارتفاع معدلات الإصابة في الكثير من الولايات .
يجب أن نتجه إلى التعليم الجامعي الالكتروني أن صح التوصيف فهو مقاربة نوعية وعملية فعالة للتحصيل البيداغوجي في العديد من التخصصات الجامعية ولا نعمم بطبيعة الحال وذلك باعتبار أن عددا من التخصصات تحتاج فعلا للتواصل المباشر بين الأستاذ الباحث ،والطالب ،ولكن ما يجب أن نحرص عليها أساتذة وطلبة هو العمل على استغلال المنصات الحديثة لتحريك العملية التعليمية الجامعية ،وتجاوز العديد من المشاكل التي شابت العملية خلال الفترة السابقة ويبدو أن التحكم في إدارة عملية الدروس والمراجعة ثم الامتحانات أتاحت أيضا لدى الوزارة الوصية تقدير الموقف بشكل أدقق للرهان على التعليم الجامعي عن بعد وهو ما ندعمه في الوقت الراهن باعتبار أن الوضع الوبائي يفرض تقليص أكبر عدد من التجمعات ،والحياة الجامعية مليئة بالإيقاع المكثف للطلبة في الإقامات والجامعات ولا يمكن أن إغفال خطورة التواصل الحضوري بين الأستاذ ،والطالب في الجامعة في ظل الأوضاع والمؤشرات الخاصة ب”الكوفيد ” خلال هذه الفترة .
أرى أن العملية التعليمية في الجامعة عن بعد قد تطول لاعتبارات موضوعية وذلك كون أن التحكم لحد الآن في ” الوباء الفتاك ” ليس متاحا وقد يحتاج للكثير من التدابير الطبية ،ثم التعبوية الصارمة التي يبدو أن السلطات تتجه إليها بعد إعادة فرض الحجر الصحي على العديد من الولايات ،غير أنه يجب التركيز على أن مصلحة الطلبة الجامعيين ،والعائلة الجامعية وصحة المواطنين بشكل عام فوق اي اعتبارات قطاعية أن صح القول ولا مكن المجازفة بحياة الناس تحت أي مسمى فالوضع الصحي فرض تحديات خطيرة تخاطب أداء مؤسسات الدولة مجتمعة ولا يمكن للجامعة أن تنفرد بتوجه خارج التقدير العام للدولة للوضعية الوبائية في فترتها الحالية والتي أحالت إلى ارتفاع خطيرة في الاصابات مع تأخر الإعلان عن حالات أخرى لدى قطاع واسع من المصابين الذين لا يبلغون وهذا خطر آخر قد ينسف جهود الدولة الرامية إلى محاصرة الوباء والتعاطي معه بحلول استباقية فعالة ولهذا فإننا ندعم التوجه الجامعي التعليمي الجديد عبر التدريس عن بعد ونرى أن التفويج أيضا يمكن أن يعبر عن توازن هام في تأطير الأعباء التعليمية خلال السنة الجامعية المقبلة التي ستكون هي الاخرى خاصة واستثنائية مادام الوضع الوبائي على حاله يفرض ايقاعه الضاغط الذي يستدعي التكيف والتعايش معه بحذر وحيطة وبرؤية عميقة في التأطير والتعليم والجامعة جزء هام من منظومة مؤسسات الدولة التي يجب أن تحمي كيانها وفواعلها من أي خطر يهدد صحة الطلبة ،والأساتذة ،والموارد البشرية الموجودة .
تعليق واحد