فاعلون يطرحون الضغط بالإضرابات والمسيرات المهنية
لجنة الحوار مطالبة بتحمل مسؤولياتها
برز التلويح باللجوء للعصيان المدني خلال الجامعة 24 للحراك بقوة، وهو ما جعل القراءات المتعلقة بدواعي اللجوء للخطوة مبرراتها وأخطارها تطفو للسطح مع طرح بدائل داعمة للحراك على رأسها الإضرابات والمسيرات المهنية، في حين دعوا السلطة إلى ضرورة الإسراع للتدارك.
إلياس مرابط
هناك عدة أوراق لدعم الحراك عدا العصيان المدني
اعتبر المنسق الوطني لكنفدرالية النقابات المستقلة إلياس مرابط، أن الزج بشعارات العصيان المدني جيء بها في توقيت غير مناسب، قائلا بأن الحراك ليس بحاجة لهكذا خطوة نظرا لانعكاساتها، في حين طرح مجموعة من أوراق الضغط كالإضرابات والمسيرات الحالية ودعمها بالمسيرات المهنية مع الدخول الاجتماعي المقبل، أو حتى الذهاب لإضافة يوم آخر خلال الأسبوع من أجل تحقيق المطالب المتمثلة في: ذهاب رموز النظام والانطلاقة السليمة في حوار جدي بين الأطراف المتنازعة.
وعاد رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية في اتصال هاتفي ربطه بـ”الوسط” بالصورة إلى الجمعات الأولى من عمر الحراك الشعبي، موضحا أنها تداولت شعارات كثيرة فكانت تصب في بدايتها “كليتوا البلاد يا السراقين” الخاص بمحاربة الفساد، والتنديد بالعهدة الخامسة وبالتمديد وصولا لتغيير النظام، مع استمراره وإطالة عمر الأزمة، التي حمّل مسؤوليتها للسلطة في ظل رفض الشعب لاستمرار نفس الوجوه ومحاولته استرجاع الشرعية، موضحا أن إطالة الأزمة يؤدي لتفرع المطالب وتداخل الأدلجة ومحاولة الاختراق سواء من طرف من يريد إنهاء الحراك في ظل الضغط الذي يخلقه، أو من طرف من يريد تصفية حساباته العالقة منذ 1962، أو التسعينات أو حتى أحداث منطقة القبائل 2001، داعيا لعدم التغاضي عن ذلك كون كل طرف يحاول استغلال فرصة الثورة الشعبية وهو المنتظر.
أما بخصوص الهتاف بالعصيان المدني فأوضح أن مسيرة الجمعة تأتي كرد فعل على مسار الأسبوع، بخاصة لجنة الحوار وما سادها، في حين يحتاج الوضع لحوار جدي وتقديم ضمانات العودة لانتخابات رئاسية في إطار المبادئ العامة التي يتفق عليها الجميع لجعل موعد الرئاسيات تغييرا جديا، موضحا أن لجنة الحوار سادها التسرع بالإضافة إلى أن المحاور ليست هي المنتظرة في ظل التناقض الذي ساد بين خطاب رئيس الدولة رغم أنه مطعون في شرعيته إلا أن الضمانات تم التفاعل معها بخاصة مجال التضييقات ومعتقلي الحراك -وليس أصحاب ملفات الفساد- وبخاصة رمزية الرائد لخضر بورقعة، بالمقابل جاء خطاب رئيس الأركان الذي فهم أنه تراجع عن الالتزامات السابقة، وهو ما علق عليه مرابط بأنه أدخلهم في حيرة، ما إن كان هناك توافق في أعلى السلطة حول المخارج أم هناك خلافات، وهو المخيف في الأمر، حيث كان ينبغي ترك المسار بين رئيس الدولة واللجنة بما أنه من التزام بالوعود بحسبه، حتى تمنح اللجنة بعض المصداقية وبعض القبول على مستوى الشارع والتحاق وجوه جديدة، داعيا للتدارك، كون باب الحوار والوساطة الباب الأوحد للخروج من الوضع الحالي وبشروط تحقق التغيير في سلمية.
وأعرب محدث “الوسط” أن العصيان المدني تم استغلاله من طرف البعض في ظل حجم الاحتقان بالشارع واستغلال رد فعلهم على ضغط ما استجد خلال الأسبوع، في حين أن العصيان المدني هو دخول في حالة فوضى كونه اسقاط كل اعتراف بالجهات الرسمية والقانون، وهو ما لن يخدم الحراك، مذكرا بأن الحراك السلمي: يوم الجمعة والثلاثاء، حقق العديد من النقاط: أسقط ملكا تجسد في الرئيس السابق، وأسقط محاولة التمديد ثم أسقط ندوة وطنية لرئيس الدولة والحالي وتاريخ انتخابات 4 جويلية، بالإضافة لملف وزراء وحتى الوزراء الأولين وأذرع مالية ومدراء بنوك ووسطاء في السجن وعدة ملفات مفتوحة، قائلا أنه يجب الربط بين ذلك وبين امتدادات المعنيين بالشارع والتي يمكن أن تعمل على استغلال ومحاولة الضغط بوسائلها ومنه وجب الحذر في القراءات.
وحول استمرار الحراك فراهن على استمراره معتبرا أنه سيمتد وحتى بعد الانتخابات الرئاسية من خلال أسلوب فرض الرقابة عند لمس التجاوزات وأنه سينعش ويتهيكل عبر المجتمع المدني والأحزاب والأخلقة داخلها بعد حجم الفساد الذي ساد وضرب المجتمع المدني وميعها، وأن الرهان على إضعافه خلال موسم الصيف بأنه جد مستبعد.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة مستغانم بن علي لقرع
التلويح بالعصيان المدني مؤشر على الانسداد
من جهته أستاذ العلوم السياسية بجامعة مستغانم بن علي لقرع أوضح في تصريح لـ”الوسط”، أن العصيان المدني لا ينفع في دولة ريعية تعتمد بصفة كلية على الريع النفطي، موضحا أن النفط منح استقلالية مادية للدولة عن المجتمع، كون الهدف من العصيان المدني هو الضغط على السلطة الحاكمة بحرمانها من الموارد المالية وشل حركة الانتاج في القطاعات الاستراتيجية، في حين أن العصيان المدني في بلادنا لن يكون له تأثير ضاغط على السلطة لأن هذه الأخيرة تتحصل على الموارد من تصدير البترول والغاز نحو الخارج ومن غير الممكن وقف حركة الإنتاج في قطاع المحروقات.
كما أضاف أن العصيان المدني بقي هو ورقة الضغط السلمية الأخيرة في يد الحراك الشعبي من أجل تحقيق مطالبه بعد مرور 4 أشهر كاملة عن استقالة الرئيس السابق، مؤكدا أن التلويح بالعصيان المدني مؤشر خطير عن الانسداد بين الحراك الشعبي والسلطة الحاكمة، في ظل ما وصفه بصراع الارادات: إرادة التغيير وإرادة البقاء.
الإعلامي نجيب بلحيمر
المتظاهرون لديهم أوراق ضغطهم
أما الصحفي نجيب بلحيمر في منشور له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، اعتبر أن التلويح بالعصيان المدني نتاج متابعة من طرف المتظاهرين وجاء كرد فعل، قائلا بأن المتظاهرين صارت لديهم أوراقهم التي يعرفون كيف يلوحون بها ومتى، مضيفا أنها رسالة قوية لا بد أن المعنيين سيتعاملون معها بجدية لأنها تنبه إلى تفصيل في غاية الأهمية وهو أن خيار التغيير لا تراجع عنه، وأن السعي إلى تفكيك هذا النظام لن يتوقف حتى ولو وجدت السلطة طريقة ما لكسر المظاهرات كما تحاول عبثا منذ 22 فيفري.
الدكتور بوزيان مهماه
على لجنة الحوار التنحي
أما المتابع للشأن العام والخبير الاقتصادي بوزيان مهماه فدعا لجنة الحوار للتنحي محملا إياها مسؤولية التصعيد في شعارات الحراك في جمعته 24، متداركا أن الحوار لا بديل عنه بالإضافة إلى التوصل لتنظيم الإنتخابات في أسرع وقت ممكن، داعيا من وصفهم بالجهات الفعلية الفاعلة إلى عدم التمسك بما هو مرفوض شعبيا وتحويله إلى مقدس، قائلا أنه إذا كانت هذه اللجنة الوطنية للحوار والوساطة، كما تصف نفسها، قد زكاها فصيل من المجتمع المدني وهي قبلت القيام بالمبادرة كتضحية من أعضائها لخدمة قيمة نبيلة فلا يمكن في النهاية، بأي حال من الأحوال، أن تتسبب في انطلاقة عرجاء أو مشوّهة، مخاطبا أعضاء اللجنة “نقول لهم شكر الله سعيكم، و بدلا من التضحية فاللجنة مدعوة أخلاقيا إلى التنحية” مبنيا دعوته على عدم تلقي اللجنة الترحيب، محملا إياها مسؤولية الدفع بحراك الجمعة 24 إلى بروز تطرف في الشعارات، في وقت ينبغي فيه القراءة المتبصرة الواعية لمختلف الإشارات المنبعثة من عمق المجتمع الجزائري ونحن على مقربة من الدخول الاجتماعي، معلقا على الوضع القائم بالمثل الشعبي للهنود الحمر “إذا اكتشفت انك تركب حصانا على وشك الموت فان أفضل استراتيجية هي أن تنزل من عليه ..”