∙ بقلم الأستاذ : عادل فرحاني.
نواصل في هذا المقال التاريخي تسليط الضوء على مؤلف فرحات عباس الموسوم بتشريح حرب – إشراقة الحرية ، حيث نعالج في هذا العدد مجموعة من الأحداث المهمة في تاريخ الثورة الجزائرية 1954-1962م
- النشاط الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
– زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى الصين :
بعد رسالة الدعوة التي بعث بها الرئيس الصيني ماوتسي تونغ للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية يدعو ممثليها للحضور إلى بكين اتجه وفد برئاسة الوزير محمود الشريف وعضوية كل من بن يوسف بن خدة وسعد دحلب إلى بكين مرورا بفيتنام حيث كان في استقبالهم هوشي منه وفي الفترة الممتدة من 19الى 22ديسمبر 1958 زار الوفد ميادين القتال والمدارس والجامعات وفي يوم 23 ديسمبر وصل الوفد إلى بكين ليقضي هناك أسبوعا كاملا وسط احتفاء كبير وضيافة تتعدى حدود الكرم وقد عملت هذه الزيارة على تقوية أواصر الصداقة والمحبة بين البلدين .
- لقاءات مع الرئيس المصري عبد الناصر
استقبل الرئيس المصري جمال عبد الناصر في الأيام الأولى من أكتوبر ونظم لقاءات لفرحات عباس رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مع رئيس الحكومة الإندونيسية ،وبعثة عراقية خاصة في شهر نوفمبر وأجرى فرحات عباس ندوة صحفية في سويسرا بحضور ممثلين فرنسين ،وصحفيين ،وشخصيات أوروبية مرموقة وسافر لأمين دباغين إلى نيويورك في 4نوفمبر 1958 لطرح القضية الجزائرية أمام الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة وفي 15جانفي 1959 تم إخبار الرئيس فرحات عباس باستعداد الحكومة اللبنانية استقباله ببيروت واعترافها بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كما دعاها الرئيس جمال عبد الناصر مجددا في 2و11فيفري 1959لمناقشة انشغالات الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ومناقشة أمورها أمام السيدة نهرو ودبر لقاء معها لزيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى الهند زيارة وفد الحكومة المؤقتة إلى ليبيا
كانت زيارة ليبيا ضمن برنامج رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية السيد فرحات عباس حيث حدد زيارة لها في 12 فيفري 1959 برفقة وزير الاتصالات العامة والمواصلات عبد الحفيظ بوالصوف ووزير الشؤون الاقتصادية والمالية أحمد فرنسيس إضافة إلى أحمد بودا وبعد وصولهم إلى بنغازي استقبلهم الملك إدريس السنوسي في طبرقة رفقة مجموعة من رجالات الدولة وبخصوص هذه الزيارة يقول فرحات عباس لا توجد كلمات كافية لوصف ثورة الأخوة التي رافقت زيارتنا دون إغفال الإعانات المادية
الجزائرية إلى الصين ديسمبر 1958،أن الشعب الليبي قريب جدا منا بحكم عادته وتقاليده إنه جزء لا يتجزأ منا وقد كان كرم ضيافته في مستوى الأخوة التي تربطنا
- زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى المملكة العربية السعودية:
تشكل الوفد الذي زار المملكة العربية السعودية في 6مارس 1959 من السيد فرحات عباس كريم بلقاسم وأحمد فرنسيس والشيخ عباس الذي ممثل الحكومة المؤقتة في جدة وبعد زيارة البقاع المقدسة والمدينة المنورة ومكة ذهب الوفد الى الرياض وكان في استقبالهم الملك سعود مع أفراد أسرته وبخصوص دعمه للثورة الجزائرية يقول فرحات عباس “كان دعمه لنا بلاد حدود وذلك لوعيه الشديد بدور بلده المركزي بالنسبة للبلدان الإسلامية وقد كانت المملكة العربية السعودية أول دولة عربية دعمت ثورة الجزائر ماليا وظل دعمها هاما ومطردا “
- زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى الهند:
تشكل وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية المسافر إلى الهند في 7أفريل 1959 من السادة فرحات عباس وبن يوسف بن خدة ومحمد الصديق بن يحي والشريف قلال الذي أصبح ممثل الحكومة المؤقتة في دلهي ،وقد كان في استقبالهم نهرو وكان كله آذان صاغية وقد أعجب بطرح وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وفي تلك الزيارة التقى الوفد بوعكوير نائب الأمين العام المكلف بالشؤون الاقتصادية في الحكومة العامة بالجزائر العائد من اليابان وقد منحهم بعض الأخبار الوافية حول ما يحدث في الجزائر
وبعد الهند جاء دور باكستان في 13افريل 1959 حيث استقبل ممثلوها وشعبها الوفد الجزائر بحفاوة وحماس كبير أثناء الندوات المنظمة من قبل الطلبة والحركة الجمعوية التي عرضت فيها المسألة الجزائرية
- زيارات وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى العراق والكويت
بعد زيارة باكستان تجددت الزيارات إلى العراق في بعثات رسمية حيث تم استقبال الوفد الممثل للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بحفاوة من طرف الشعب العراقي وممثلي الحكومة ، أما زيارة الكويت فكانت مثمرة جدا حيث كانت العائلة الحاكمة في استقبال الوفد الجزائري حيث عبرت له عن مساندتها التامة للقضية الجزائرية
- زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى السودان
في 24ماي 1959 زار وفد من الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مشكلا من فرحات عباس وأحمد فرنسيس وعبد الحميد مهري ،العاصمة السودانية الخرطوم وقد كانت رحلة على المستوى نفسه من التوفيق في الزيارات السابقة وكان استقبال الشعب والحكومة في المستوى المطلوب كما تمت دعوة الوفد الجزائري من قبل رئيس المجلس بهدف الالتقاء بكل سفراء الدول العربية وكان وزير الشؤون الخارجية يعرف محمد يزيد جيدا حيث كان يعمل في هيئة الأمم المتحدة سابقا فدعا سفير الولايات المتحدة الأمريكية للقاء الوفد الجزائري وبعد ندوة صحفية ورحلة على امتداد النيل عاد الوفد إلى القاهرة
- زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى الأردن
في 27 ماي 1959 انتقل وفد آخر للحكومة المؤقتة مشكلا من فرحات عباس وأحمد توفيق المدني واحمد فرنسيس وعبد الحميد مهري لزيارة عمان بالأردن حيث كان في استقبالهم الملك حسين ودعاهم لجلسة عمل تم فيها مناقشة مسألة كيفية نقل الأسلحة والذخيرة كما قدم لهم الملك وعودا لتقديم الإعانات والمساعدات الممكنة وعن هذه الزيارة يقول فرحات عباس “رافقنا ممثلانا بالأردن العقون وإسماعيل بورقيبة إلى مدينة القدس حيث كان في استقبالنا وفد فلسطيني ،سرنا في عمان وسط حشود شديدة الحماس وحتى الجيش الأردني الشاب أبدى حفاوته وسعادته بنا “
- زيارة وفد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية إلى يوغسلافيا
في 6جوان 1959 ترأس فرحات عباس وفدا مشكلا من عبد الحفيظ بالصوف والعقيد لطفي ومحمد الصديق بن يحي في زيارة إلى يوغسلافيا التي كان لها موقع مهم في البرنامج الدبلوماسي للحكومة المؤقتة للجمهورية ،وقد كان سفير يوغسلافيا بالقاهرة السيد جاجا صديقا لأعضاء الحكومة المؤقتة، وقد كان الشعب اليوغسلافي على علم بمكانتهم لدى الجزائريين وقد كان كرمهم فوق المتوقع، واكتسى برنامج الزيارة أهمية بالغة من حيث اللقاءات مع الماريشال تيتو والزيارات الكثيرة في البلد وقد اختممت الزيارة في 12جوان ببيان مشترك وندوة صحفية ثم عودة الوفد الى القاهرة، كانت الحكومة المؤقتة سائرة في نشاطها لتحقيق مهامها المتفق عليها منذ البداية الدفاع عن حق الشعب الجزائري ،وحريته ،والتزويد بالمؤونة ،والسلاح والذخيرة تمويل المعارك ،والمحافظة على وحدة الجبهة وكانت كل الوزارات تعمل بنشاط وفعالية ويعزز فرحات عباس كلامه قائلا “كنا نملك أموالا طائلة حرص على تسييرها الدكتور أحمد فرنسيس حيث بلغ الغطاء المالي عشرين مليار فرنك قديم نصفها اشتراكات الفرنسيين والمغتربين بفرنسا أما الاشتراكات المستخلصة من الداخل فلم تكن ضمن حساباتنا كانت تسيرها لجان الولايات ،ومن جهة أخرى كان محمود الشريف وعبد الحفيظ بالصوف يضمنان تخزين الأسلحة والذخيرة وكان محمد يزيد والأمين دباغين وفرحات عباس مكلفين بإخطارالرأي العام الدولي وتحسيسه بالمشكلة الجزائرية ،أما في أروقة هيئة الأمم المتحدة عوض عبد القادر شندرلي محمد يزيد كمسؤول لمكتب الإعلام في نيويورك وقد استغل هذا الأخير أخطاء حملة التهدئة ليتضخم ملف جبهة التحرير الوطني على حساب ملف حرب الجزائر وقد استغلت الصحافة الأمريكية ذلك ليتغيرموقفها إزاء القضية الجزائرية وشيئا فشيئا أصبحت المشكلة الجزائرية مطروحة على أذهان الأمم الكبرى بعدما كانت من إهتمامات الشعوب الصغرى فحسب وقد كان المشكل الوحيد الذي بواجهة الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية هو مشكل نقل الأسلحة والذخيرة والمؤونة إلى داخل التراب الجزائري نتيجة للأسلاك الشائكة .
- قضية محمد العموري ورفاقه:
لقد عملت لجنة التنسيق والتنفيذ على تكوين هيئتين يوم 10 أفريل 1958 إحداهما في الشرق بقيادة محمدي السعيد ونوابه محمد العموري وعمار بن عودة وعمارة بوقلاز والأخرى في الغرب بقيادة هواري بومدين ودهيليس سليمان وقد أخفقت هيئة أركان الشرق في تسير شؤونها،وإزاء تلك الفوضى قرر كريم بلقاسم تسليط عقوبات على مسؤوليها الذين سحبت منهم صلاحيات إدارتها وتم إرسالهم إلى إقامات جبرية في المشرق
- عمار بن عودة إلى بيروت
- عمار بوقلاز إلى بغداد
- محمد العموري إلى السعودية
وعند مرورهم بالقاهرة والتقائهم بفرحات عباس حيث أبدى محمد العموري سخطه من قرار كريم بلقاسم وعبر لفرحات عباس على أنه رافض للعقوبة وأنه لا يريد الذهاب إلى ”جدة ”وعن هذا اللقاء يقول فرحات عباس”تحدثت إلى محمد العموري بالتي هي أحسن شرحت له بأن الأمر لن يدوم طويلا وقلت له ستتمكن في هذه الفترة التي أعدك أنها لن تطول من زيارة البقاع المقدسة والوقوف عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ،وأخبرته بأنني سأتدخل لأجله شخصيا وقد انتهى الأمر به إلى القبول عن طيب خاطر وخلال تواجدي في أوربا ،دخل محمد العموري إلى الأراضي التونسية وقد خطط لانقلاب رفقة مجموعة من المناضلين ضد الحكومة المؤقتة ،وتعويضها بحكومة جديدة إلا أن العملية فشلت نتيجة لإفشاء خبرها من طرف المناضل عمار قرام وبعد سلسلة من التحقيقات انتهت قضية محمد العموري بإعدامه رفقة آخرين وتم سجن البعض الآخر من الذين تعاونوا معهم .
- اجتماع قادة الداخل 6-12 ديسمبر 1958م
تمكن العقيد عميروش آيت حمودة بمبادرة شخصية بعقد اجتماع في شهر ديسمبر مع بعض قادة ولايات الداخل وهم الحاج الأخضر عن الولاية الأولى وقائد الولاية الرابعة امحمد بوقرة وعن الولاية السادسة سي الحواس،وقد كان فحوى الاجتماع هو محاولة توحيد القرار مفاده تسيير شأن الثورة من الداخل وليس من الخارج بحجة أنه من غير المعقول أن تسير الثورة من طرف مجلس متواجد خارج البلاد ،وكان من بين أفكارعميروش اختزال السلطة في قطبين فرحات عباس كقائد مدني في الخارج والعقيد عميروش كقائد عسكري في الداخل أما بقية القادة والوزراء فعليهم العودة إلى الداخل لحمل السلاح والمحاربة بدلا من الدوران الدائم حول الحكومة المؤقتة ، وحسب فرحات عباس فإن العقيد عميروش آيت حمودة وقع في خطأ حيث كان يرجع نقص السلاح والذخيرة إلى نقص فاعلية الحكومة المؤقتة وكان يحملها المسؤولية في ذلك ،في حين أن القلة القليلة جدا جدا والتي تكاد تؤول إلى الصفر من السلاح والذخيرة كان يمنع مرورها إقامة الأسلاك الشائكة والحواجز المكهربة على الحدود ..