أقلامالجزائر

الجزائر الجديدة… مشروع وطني نهضوي

تؤكد القرارات الأخيرة التي اتخذها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، والتحولات التي حدثت في المنطقة وفي العالم، على أن الجزائر قد تجاوزت، فعلا، مرحلة لطالما اتسمت بالتردد الأقرب إلى الانطواء، وبالحياد الأقرب إلى الانزواء والنأي بالنفس..

أما اليوم، فإن بلادنا قد أعادت صياغة موقفها بعدم الانحياز ضمن فلسفة جديدة، تأخذ بالمعطيات الجيو أمنية، والجيو سياسية، والإستراتيجية الشاملة.
وضمن هذه الرؤية، تعد زيارة رئيس الجمهورية إلى روسيا، ولقائه بنظيره فلاديمير بوتين، في سياق عالمي بالغ التوتر، التجسيد الأمثل للتحول الحاصل في السياسة الجزائرية، وهو ما فهمته مخابر الرأي ودوائر صنع القرارات في مختلف العواصم، وغاب للأسف عن كثير من أبناء جلدتنا الذين راحوا يضعون الزيارة في غير إطارها الصحيح.

زيارة الرئيس إلى موسكو لم تكن انحيازا إلى روسيا ضد الغرب، ولا ردا على مناورات مزعومة تشترك فيها قوات أمريكية وصهيونية على جزء من اراضي الصحراء الغربية المحتلة، مثلما أثاره بعض محدودي التفكير والتحليل؛ ولا طلبا للمزيد من السلاح، بل كانت زيارة سياسية بامتياز: حملت رسائل بالجملة إلى عدة أطراف، مفادها أن العالم مقبل على التعامل مع جزائر جديدة، محافظة على مبادئها الثورية، والوطنية، لكنها أكثر حضورا، وتأثيرا في أمهات الأحداث وأكثرها تعقيدا. وبلادنا، بشهادة الآخر، تملك الإرث والصيد اللذين يعطيانها المصداقية والنزاهة التي تؤهلها لذلك، وعلى أعلى مستوى.

إن بلادنا لا تعادي الغرب، لا أمريكا ولا فرنسا ولا غيرهما، والأمر ليس مطروحا بهذه الصورة أبدا، مثلما يؤكد عليه السيد رئيس الجمهورية في كل مناسبة!
الذي يحدث أن الجزائر الجديدة تعمل على إعادة وهج السياسة الخارجية للجزائر، بعد سنوات طويلة من الغياب والتردد، ولذلك يرتفع، اليوم، صوت بلادنا في مختلف المحافل، بقوة وطلاقة، ومن دون أي تلكؤ أو تردد. ولعل من أهم الشواهد على هذا التحول إدارة رئيس الجمهورية اجتماعات القمة العربية في نوفمبر 2022؛ بآليات غير مسبوقة في تاريخ العمل العربي.

وعلى غرار الزيارة إلى روسيا، فإن حضور رئيس الجمهورية، بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني للمناورة بالذخيرة الحية في ولاية الجلفة، عشية عيد الأضحى المبارك، يندرج ضمن مسار عصرنة عمل الجيش، وتأهيله، وأيضا لاعتبار وطني شعبي عاطفي، فالجزائريون يريدون رؤية التطور الذي بلغه جيشهم؛ ويرغبون أن يروا أبناءهم البواسل (وهو الأمر الذي انتبه له الرئيس تبون وحققه بمناسبة الاستعراض العسكري الضخم في 5 جويلية 2022؛ والذي يعد الأول من نوعه منذ اكثر من أربعين عاما)!

إن المناورات التي احتضنتها ولاية الجلفة، بحضور رئيس الجمهورية، تندرج ضمن هذا السياق، بالضبط ولا غيره، ولا تحمل أية أبعاد غير ودية. فالجزائر دولة مسالمة، وستظل كذلك، طالما أن أمنها وترابها وشعبها في أمان.

إن الجزائر تشهد، فعلا، عملية تجديد وطني شامل، سماه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنڨريحة مشروعا وطنيا نهضويا، لأن ما يقوم به رئيس الجمهورية ينهض بكل مفاصل الدولة: السياسة الخارجية، المؤسسة العسكرية، الجبهة الاجتماعية، ترقية الشباب، النهوض بالجامعة، أخلقة الحياة العامة ومواصلة الحرب على الفساد، وغيرها..

واللافت أن منهج التجديد الوطني الشامل يقوم على أساسات واضحة عبرت عنها، بشكل رائع، كلمة ذلك الشاب العسكري في #أكاديمية_شرشال وهي الراية الواحدة واللغة الواحدة، في دلالة عميقة على القطيعة مع مرحلة التردد والهوان التي لطالما طبعت الخطاب الرسمي..

وباعتبار أهمية هذا المشروع التجديدي، فإن محاولات عرقلته وإفشاله والتشكيك في جدواه قائمة ومستمرة، وتنطلق من بقايا الفساد والفشل في العديد من المراكز. غير أن الإرادة السياسية والأخلاقية لدى السلطات العليا والتناغم الحاصل بينها، كفيل باستكمال مشروع التجديد الوطني والنهضوي الكبير، وتحقيق حلم شهدائنا الأبرار في رؤية الجزائر دولة قوية آمنة مستقرة، مشعة على أبنائها وعلى العالم أجمع.
والله من وراء القصد

ناصر بطيش
نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني
عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى