إن الناظر المتُبصِّر، المتابع لقضية فلسطين يجد أن أكثر الدول تمسكًا، وتعاطفًا، وتلاحمًا، ودعمًا لفلسطين هي دولة الجزائر العظيمة، وبلا ريب فإن الجزائر مع فلسطين المظلومة، وهي لها بمقام الروح، والقلب للجسد، وتراها تساند قضايا الأمة المركزية سواء قضية الاسرى الأبطال في سجون الاحتلال أو قضية مدينة القدس المحتلة، أو قضية معالجة، وإنهاء الانقسام الفلسطيني.إن الأسرى الميامين الأشاوس في سجون المحتلين الصهاينة _ أيقونة فلسطين، وهم الذين قال عنهم الرئيس الشهيد القائد/ أبو عمار رحمه الله: ” خيرة أبناء شعبي في سجون الاحتلال”؛ أولئك الثوار الأبرار الأحرار الذي انتفضوا، وهبوا في وجه الاحتلال، ووهبوا أنفسهم وأرواحهم فداء لفلسطين ودافعوا عن مسري، ومعراج النبي صلى الله عليه وسلم وعن المسجد الأقصى المبارك، وكانوا رأس الحربة في مقدمة الصراع مع العدو الصهيوني المجرم؛ وقضوا زهرة شبابهم في سجون العدو، ولا يزالون يقبعون في سجون المحتلين صامدين رغم قسوة السجن، وظلم السجان، فمنهم من قضى نحبه شهيدًا، ومنهم من ينتظر؛ وما ضعفوا، وما استكانوا، رغم مُعاناة الأسرى الكبيرة، والمتواصلة لهم وذلك من بعد اغتصاب فلسطين حتي اليوم؛ ومنذ اعتقل الفدائي البطل/ محمود بكر حجازي الأسير الفلسطيني الأول في سجون الاحتلال الصهيوني، والذي يُعد أوّل أسير فلسطيني تابع لِحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح؛ وهو من أبناء مدينة القدس المحتلة، وقد أُسِّر بعد تنفيذه مع مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين عملية لنسف أحد الجسور قرب بلدة بيت جبرين، وذلك يوم 17 يناير 1965م، حيث اشتبك مع عصابات الجيش الصهيوني، وأمّن انسحاب أعضاء مجموعته الخمسة، وقد أصيب بجراح وقع إثرها في الأسر؛ وحكم عليه الصهاينة بالإعدام إلا أن الحكم لم ينفذ لأن الفدائيين أَسَّرُوا جندي صهيوني؛ وتمت عملية تبادل للأسرى، وأفرج عنه في تاريخ 28 يناير 1971، بعد عملية تبادل للأسرى (أسير مقابل أسير) جرت ما بين عصابة الحكومة الصهيونية، وحركة «فتح»، وأطلق سراحه بموجبها مقابل إطلاق سراح الجندي الصهيوني «صموئيل فايز» والذي أسرته حركة «فتح» في أواخر العام 1969م، وقد تُوفي البطل/ محمود حجازي في 22 مارس 2021 في مدينة رام الله؛ وتم ذكر قصته ليكون أنموذج من نماذج الأسرى الفلسطينيين، والعرب الأبطال في سجون الاحتلال المعتقلين في باستيلات العدو وزنازين الأسر، ولا يزال بعض الأسرى يعذبون يوميًا في أقبية التحقيق، وقد بلغ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو (4650) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر آب 2022. من بينهم (32) أسيرة، ونحو (180) أسيرًا قاصرًا، و(743) معتقلًا إداريًّا من بينهم أسيرتين، وأربعة أطفال، فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ الصّادرة خلال الشّهر؛ (272) أمراً، منها (143) أمراً جديداً، و(129) أمر تجديد، وذلك حسب بيان صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين؛ فلقد تم رصد أكثر من 135 ألف حالة اعتقال منذ توقيع اتفاقية “أوسلو”، عام 1993م، من بينها اعتقال قرابة 20 ألف طفل!. و2500 سيدة، وفتاة!؛ فنحن أمام إجرام عصابة الاحتلال الصهيوني، والتي لم، ولن تلتزم بما ورد في كل الاتفاقيات السياسية، وخاصةً فيما يخص قضية الأسرى، والمعتقلين، و تنصلت مرارًا، وفي مناسبات كثيرة من الإفراج عنهم، وآخرها التهرب من الإفراج عن المعتقلين منذ ما قبل اتفاقية “أوسلو”، وما يعرفون بـ”الدفعة الرابعة”، وما زالت تحتجز في سجونها وعددهم 25 أسيرًا فلسطينيا، بينهم 8 أسرى مضى على اعتقالهم ما يزيد عن 35 عامًا، واقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ كانون الثاني عام 1983، وكل ذلك موثق في سجلات هيئة الأسرى والمحررين التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية؛؛ وكذلك موثق استشهاد 117 أسيرًا فلسطينيًا بعد اعتقالهم، جراء التعذيب، والإهمال الطبي، أو القتل العمد، منذ توقيع اتفاق “أوسلو”. فقائمة شهداء الحركة الأسيرة تضمنت حالياً أسماء: (231) شهيدًا، وما زالت سلطات الاحتلال الصهيوني تحتجز جثامين أكثر من تسعة شهداء منهم، وهم: أنيس دولة، المحتجز جثمانه منذ العام 1980، وفارس بارود، وعزيز عويسات، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وسعدي الغرابلي وكمال أبو وعر، وسامي العمور، وآخرهم الشهيد الأسير داوود الزبيدي الذي استشهد بتاريخ 15 مايو من العام الجاري، وهؤلاء هم ضمن قائمة طويلة تزيد من 350 جثمان لشهداء فلسطينيين وعرب، محتجزين لدى سلطات الاحتلال، فيما يعرف بمقابر الأرقام أو ثلاجات الموتى والمحتجزة جثاميِنهم الطاهرة عند عصابة العدو الصهيوني النازي؛ كما ولا تزال سلطات الاحتلال تحتجز في سجونها، ومعتقلاتها نحو 4650 أسيرًا، موزعين على قرابة 23 سجنًا، ومعتقلاً، ومركز توقيف بينهم 180 طفلا، و32 سيدة وفتاة، و743 معتقل إداري، وأكثر من 600 أسير يعانون أمراض مختلفة، بينهم 23 أسيرا مصابون بالسرطان، وأخطر حالة مرضية بالسرطان للأسير البطل/ الأسير ناصر أبو حميد، هذا بالإضافة إلى وجود (551) من بين الأسرى صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد مدى الحياة لمرة واحدة، أو لعدة مرات حسب بيان هيئة الأسرى؛؛ ولذلك علينا أن ننتصر لقضية الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال الصهيوني المجرم، وأن يحذو العرب والمسلمين حذو الجزائر في الدفاع عن قضية فلسطين، وعن الأسرى المعتقلين في سجون الاحتلال الغاشم؛ الذي يستمر في بطشه، وعدوانه، وطغيانهِ، وجرائمه اليومية بحق أبناء الشعب الفلسطيني؛؛ ولابد أن يدفع العدو ثمنًا باهضًا لجرائمه المتواصلة بحق الأسرى الميامين، وشعب فلسطين، وأن يكون لاحتلال فلسطين كلفة للمحتلين لا تقدر بثمن!؛ وإن معاناة الأسرى الأبطال، ودماء الشهداء الأبرار لن تمضي سُدًا، ولن تبقى للأبد، ويجب أن تنتهي، ولابد أن يدفع العدو الثمن غاليًا، وإن النصر صبرُ ساعة وفلسطين ستنتصر طال زمانُ الاحتلال أم قصر، وهذا الاحتلال المجرم إلى زوال قريب وتحت الأحذية والنعال، وفجر الحرية لأسرانا البواسل بات قاب قوسين أو أدنى.
بقلم: د. جمال عبد الناصر ابو نحل