أقلام

الحقيقة صادمة.. الأَخَلاق حين تُحَلق في الأَفَاقَ

بقلم: د. جمال عبد الناصر أبو نحل

القدس عاصمة فلسطين-ليس في الدنيا أجمل من أن تفوح منك عِطر أخلاقك الطيبة، فمن زاد عنك في الخُلق زاد عنك في الدِّيِنْ؛ ومعلوم أن الكمال لله وحدهُ، فلا يوجد إنسان في هذا الكُون ملاك، أو معصوم من الخطأ، أو السهو، والنسيان، فَدَّيَّدَنُ الانسان هو السهو، والنسيان؛ وتحسبُ بعض الناس من مَنُشورَاتِهم الجميلة على مواقع التواصل الاجتماعي كالملاكَ في ظاهرهِ للعيان، ولكن في باطنهِ تكون الحقيقة صادمة، بلا أخلاق كالشيطان!؛ وبالأخلاق الحميدة مع الايمان ترتقي في العلياء، وتقترب من درجة الملائكة المقربين، وهمة صاحب الخُلق الجميل تعلو كل قمة، ويكون في ذاتِهِ أُمَّهَ؛ ولنا في رسول الله، وأخلاقه أُسوةٌ حسنة، فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض، وكان خُلقه القرآن، يقول علية أفضل الصلاة والسلام:”إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، ووصف الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: “وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ”،  ومن أخلاقهِ صلى الله عليه وسلم ما قالته أمُنا خديجة زوج النبي رضي الله عن أخلاق النبي: فقالت: “أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”؛ وكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، فكان أبعد الناس عن الكبر، وكان يقول: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ فقولوا عبد الله ورسوله، كيف لا، وهو الذي كان يقول: “آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد، وكان يجيب دعوة الحر، والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر”، ومن مكارم أخلاقه في المصافحة، والمحادثة، والمجالسة، أنه كان إذا استقبله الرجل فصافحه، لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه؛ ويقول سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حينما كان يدعو فيقول: “اللَّهُمَّ إني أعوذ بِكَ مِنَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ وَسُوءِ الأَخْلاَقِ”، فلقد تجمعت فيه محامد الأخلاق، وكثير الدعاء في كل صلاة: “وَاهْدِنِي لأحسن الأَخْلاَقِ، لاَ يَهْدِي لأحسنها إلا أنت، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلا أنت”.؛ وكان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم، وإذا سمع بكاء الصبي يسرع في الصلاة مخافة أن تفتتن أمه، وكان يحب التيسير على أمته، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم”، وسع الناس بخلقه، فصار لهم أبًا، وصاروا عنده في الحق سواء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ، ولا غليظ، ولا فحاش، ولا عياب ولا مداح، وكان لا يذم أحدًا، ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا في ما يرجو ثوابه، وجمع له الحُلم صلى الله عليه وسلم في الصبر، فكان لا يغضبه شيء يستفزه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم باشّاً لطيف المعشر متسامحًا رحيمًا، وكان طلق الوجه دائما، رآه أعرابي، فاسترعاه بشاشته، وطلق محياه، فقال له: “”أأنت الذي تقول عنه قريش إنه كذاب؟ والله ما هذا الوجه وجه كذاب” صلى الله عليه واله وصحبه وسلم!؛ وسأله النواس بن سمعان رضي الله عنه عن البر، والإثم، فقال صلى الله عليه وسلم: “البر حسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس”.؛ والإسلام في الأصل هو رسالة قيم وأخلاق، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: “تقوى الله وحسن الخلق”، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: “الفم والفرج”؛ ثم انظر إلى ما قالته أم المؤمنين عائشة، عندما سُئلت، رضي الله عنها، عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: “كان خُلُقُه القرآن”، ووصفته صفية بنت حيي رضي الله عنها فقالت: “ما رأيت أحسن خُلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم”، وقال عنه خادمه أنس رضي الله عنه: “كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا”، وعنه قال: “خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال أفٍ قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا”، وتقول عائشة رضي الله تعالى عنها: “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله؛”.؛ وسأله النواس بن سمعان رضي الله عنه عن البر والإثم، فقال صلى الله عليه وسلم: “البر حسن الخلق، والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس”. والإسلام في الأصل هو رسالة قيم وأخلاق، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: “تقوى الله وحسن الخلق”، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار، فقال: “الفم والفرج”، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: “إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم”، و “ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حُسْنِ الخلق”، كما قال: “إن من أحبِّكم إليَّ، وأقربَكُم منى مَجْلِساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقاً”.، وقد تمثلت فيه، صلى الله عليه وسلم، مكارم الأخلاق وكرائم الشيم، ومن نظر في أخلاقه وشيمه علم أنها خير أخلاق، فكان أعلم الخلق، وأعظمهم أمانةً، وأصدقهم حديثًا، وأجودهم، وأشدهم احتمالاً، وأعظمهم عفوًا، ومغفرةً، وكان لا يزيد شدة الجهل عليه إلا حلمًا؛ وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لصحابته ولنا من بعدهم: “أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم”، وكان خير الناس، وخيرهم لأهله، وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام، وكان من كريم أخلاقه في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف ويتودّد إليهم، وكان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم؛ وعن النبي صلي الله عليه، وسلم قال: ” البر حسن الخلق، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم”، وقال صلى الله عليه وسلم “إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة”، كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئاً ، فشقَّ عليهم ، فاشقُق عليه ، و من ولي من أمر أمتي شيئاً ، فرفق بهم ، فارفق به “؛ وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهم بقوله: ( أهل الجنة ثلاثة وذكر منهم ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم “، وحذر صلى الله عليه وسلم يحذر من الكبر أيما تحذير فقال : ” لا يدخل في الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر”؛ وكان يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط، وكان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة خيره الله تعالى بين أن يكون ملكًا نبيًا أو يكون عبدًا نبيًا فاختار أن يكون عبدًا نبيًا؛ وكان ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود‏”؛ وكان من زهده صلى الله عليه وسلم وقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في وكان عيشهُ على الأسودان ـ التمر والماء، وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً، وكان أكثر خبزهم الشعير”؛  وكان عبداً لله شكوراً؛ وإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين؛ ومن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم  الصبر فعندما اشتد بهِ  الأذى به جاءه ملك الجبال يقول: يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، والأخشبان”؛ وكان صلى الله عليه وسلم لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته) فأكمل المؤمنين إيماناً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأعظمهم اتباعا، له وأسعدهم بالاجتماع معه هم المتخلقون بأخلاقه المتمسكون بسنته، وهديه، قال صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه؛ وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من خياركم أحسنكم خلقا.. قال عليه الصلاة والسلام: (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن؛ وإن الله يبغض الفاحش البذيء)؛. ونحتم ما جاء في الصحيح أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ خيرٌ ؟ قالَ : مَن طالَ عمرُهُ ، وحَسنَ عملُهُ ، قالَ : فأيُّ النَّاسِ شرٌّ ؟ قالَ : مَن طالَ عمرُهُ وساءَ عملُهُ،، اللهم اجعلنا ممن طال عُمره وحَسُنَ عَملُه أمين؛ ومن أجمل ما قالهُ أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله: “” وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ… فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا “”…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى