أقلامالأولى

الحكمة واليقظة لتجنب الفوضى

الحفناوي بن عامر غول

 

الكل متفق على أن الجزائر مقبلة على تحولات هامة في تاريخها بعد مرحلة فساد وكساد سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي لم تعرفها منذ الاستقلال رغم مآسي عاشتها في عشريتي الدم والدموع . لننتقل إلى حراك وطني سلمي حصلت معه بعض التغييرات الطارئة ومررنا فيه لمرحلة بناء المؤسسات، خاصة بعد إجراء انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة أفرزت الصناديق مرشح مستقل أشرفت عليها سلطة وطنية مستقلة لم يطعن أحدا في نتائجها . واليوم مازالت الحركة مستمرة ورغم ما يحيط بنا من مخاطر في ظل عواصف محلية ودولية تفرض علينا أن نوحد الجهود ونتكاتف أكثر من ذي قبل بعيدا عن المزايدات والحسابات السياسوية والنظرة الحزبية الضيقة مع الكف عن تغليب المصلحة الضيقة عن مصلحة الوطن وأمنه ورقيه .وهذا لن يتأتى إلا بالتشاور والاستماع لبعضنا من اجل إيجاد حلول للكثير من المشاكل، والمطالبة بتهدئة على كل الجبهات لان ما نراه اليوم من حالة الغليان والاحتقان تتطلب منا أن نكون واعين بالظروف الصعبة التي تمر بها الجزائر . فالانتخابات التشريعية والتي كانت مطلبا شعبيا بحل البرلمان هي على الأبواب ، والساحة السياسية مفتوحة للجميع من اجل التنافس سواء بالنسبة للأحزاب والجمعيات السياسية أو حتى للقوائم الحرّة والكل معني بالانتخاب .والجزائر تعيش أزمة اقتصادية وغذائية خاصة نجم عنها طوابير طويلة أمام المحال والمؤسسات التجارية للتزود بمختلف الحاجيات والتي بدأت تعرف ندرة ومضاربة وغلاء في أسعارها، والسيولة المالية تسجل نقصا فادحا منذ أشهرا ، والمعلمين والأساتذة بل وكل قطاع التربية مضرب أو يهدد بشل حركة القطاع والبلديات تعيش الفوضى جراء نشر قوائم المستفيدين من القطع الأرضية الصالحة للبناء وتوزيع السكنات الاجتماعية ونقابات عددية تهدد بالتصعيد في ظل المطالبة بتحسين ظروف العمل أو الحصول على بعض الامتيازات رغم شح الخزينة وتراجع في المداخيل ونقص احتياطي الصرف ، ما زاد الطين بلّة احتجاجات البطالين في ولايات الجنوب والتي يجب أن يعالج مشكل البطالة بدقة متناهية وليس بحلول ظرفية والتغاضي عن قنبلة موقوته لها تداعيات على مستقبل الوطن .دون أن ننسى عودة التظاهر إلى الشوارع يومي الجمعة والثلاثاء وهذه المرة خروج قوي لمواطنين والدعوة لمواصلة الحراك ورفع مطالب لم تكن مطروحة في السابق وأخرى أكل عليها الزمن وشرب ولم تعد مقبولة، تهدد بالفوضى وتدعو إلى مرحلة انتقالية التي نحن في استغناء كلي عنها لان قطار التغيير وضع على سكته وانطلق مباشرة بعد استقالة الرئيس المخلوع والذي كان مطلبا رئيسيا وموحدا .

وعلى العموم الواقع يفرض الاستجابة إلى بعض المطالب ومعالجة المشاكل بروية والنظر إليها بكل موضوعية والإسراع في تهدئة الجبهة الاجتماعية وتوقيف عملية توزيع قطع الأراضي والسكنات الاجتماعية إلا المستعجل منها والذي يكون بعيدا عن الاحتجاجات لأنه تولد اليوم حالة احتقان شعبي كبير قد تستغل لضرب استقرار الدولة وتماسكها ووحدتها  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى