الجزائر

الدكتور مصطفى عماري، لـ “الوسط”: الجزائر أرض خصبة لمقومات المجتمع المدني

كشف الباحث في علم الاجتماع السياسي و الديني الدكتور مصطفى عماري في هذا الحوار الخاص مع يومية “الوسط” عن مسار المجتمع المدني في الجزائر من القطيعة إلى المأسسة إلى الممارسة الدستورية وتفعيل الديمقراطية التشاركية،مبرزا إلى أن الديمقراطية هي التي تتيح للمجتمع المدني فرص النجاح في تنظيم و تأطير مختلف شرائح المجتمع وتجميع قواه وطاقاته المتنوعة لتحقيق أهدافه المشتركة،مؤكدا ذات المتحدث في هذا اللقاء أن المرصد الوطني للمجتمع المدني قام بتعزيز قيم المواطنة والديمقراطية والتنمية الوطنية على الصعيد المحلي و المركزي.

بداية ،كيف ترى علاقة المجتمع المدني بالحياة السياسية ؟

عند الحديث عن “المجتمع المدني ” يتبادر إلى الذهن ذلك المجتمع المستقل عن المؤسسة السياسية وعن أجهزة الدولة ، فالمجتمع المدني مفهوم حديث نسبيا على الأقل من حيث التسمية والدلالة الوظيفية ،ولكنه قديم من حيث المعنى الفكري و الفلسفي ،حيث أن العمل الجمعوي هو آلية عملية لا تنفصل عن مفهوم المدني، حيث تعتبر أداة لتصنيف ذلك التصور الفكري و المذهبي الذي يهدف إلى تحسين وتدبير المجتمع البشري ويعد العمل الجمعوي بمفهومه الصحيح المهم في كل مجتمع مدني فعال إلى جانب الأحزاب السياسية والنقابات المهنية …وغيرها ،واعتبر الفيلسوف الماركسي الايطالي غرامشي أن المجتمع المدني مجموعة التنظيمات والمؤسسات التي تشكل وعي المواطنين مثل المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية والمؤسسات التقليدية الموروثة عن الماضي ويرى الدكتور محمد عابد الجابري المجتمع المدني بأنه “المجتمع الذي تنتظم فيه العلاقات بين الأفراد على أساس الديمقراطية ،بمعنى المجتمع الذي يمارس فيه الحكم على أساس أغلبية سياسية تحترم فيه حقوق المواطن السياسية و الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في حدها الأدنى على الأقل، إنه بعبارة أخرى المجتمع الذي تقوم فيه دولة المؤسسات بالمعنى الحديث للمؤسسة : البرلمان والقضاء المستقل و الأحزاب والنقابات و الجمعيات.

ما تقييمك للعمل الجمعوي في بلادنا ؟

من مقومات المجتمع المدني 5 مقومات ،والمتمثلة في : الاستقلالية و الطوعية و المدينة و الديمقراطية ،و أخيرا التنظيم والبناء المؤسسي و عند البلقان بعملية إسقاط المفاهيم السوسيولوجية على الفضاء الاجتماعي الجزائري،فالجزائر تعتبر أرض خصبة لمقومات المجتمع المدني انطلاقا من الاستقلالية ،وهي إشكالية علاقة المجتمع المدني من حيث الارتباط و الانفصال عن الدولة، وفيما يقارب 07 سنوات الماضية تميز بالقطيعة عن السلطة الرسمية الحاكمة، نظرا للصراعات الوظيفية و الإيديولوجية التي شهدتها الحركة الجمعوية،ثم ثانيا الطوعية تعني في جوهرها المتطوعين في مؤسسات المجتمع المدني بدون مقابل مادي أو من أجل تحقيق أهداف شخصية،فقد عرفت الحركة الجمعوية في التسعينات من القرن الماضي المتطفلين و أصحاب الحسابات الضيقة ونهب المال، والتي كان ينظمها قانون رقم 31 /91 ،ثم بعد ذلك مأسسة العمل الجمعوي عن طريق قانون رقم 06/12 ،وثالثا المدينة أو الاجتماع العمراني إذ تعتبر الجزائر أكبر بلد إفريقي وعربي مساحة،ومن ناحية النسيج العمراني الممتاز فهي مقسمة إلى 58 ولاية و 44 ولاية منتدبة ،كما تمتاز الجزائر بالثقافة المدنية و احترام تعدد الأفكار و الاتجاهات و الانتماءات السياسية ،و المشاركة في اتخاذ القرارات وسيادة القانون وحقوق المواطنة ،ورابعا فالديمقراطية هي التي تتيح للمجتمع المدني فرص النجاح في تنظيم و تأطير مختلف شرائح المجتمع وتجميع قواه وطاقاته المتنوعة لتحقيق أهدافه المشتركة، وخير دليل على ذلك استحداث هيئة استشارية بواسطة مرسوم رئاسي المؤرخ في 12 أفريل 2021 يتضمن إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني ضمن مسار دستور 2020، والذي يضم أكثر من 1134جمعية ذات الطابع الاجتماعي و الثقافي ،بالإضافة إلى الطابع الرياضي و جمعيات الحقل الديني بشقيه الجمعيات الدينية الخيرية و الجمعيات المسجدية على غرار جمعيات الأحياء ،و خامسا التنظيم والبناء المؤسسي، حيث يعتبر الشكل الرسمي لمنظمات المجتمع المدني ،ولقد عرفت الحركة الجمعوية مسارا بين التنظيم و المأسسة و الممارسة وتفعيل الديمقراطية التشاركية على النحو التالي: قانون 31 /90 من أجل تنظيمها وهي البداية الفعلية للحركة في الساحة السياسية في الجزائر ، ثم مأسسة الحركة الجمعوية عن طريق قانون 12/ 06 ثم الممارسة وتفعيل الديمقراطية التشاركية من خلال استحداث المرصد الوطني للمجتمع المدني و المجلس الأعلى للشباب في عهد الجزائر الجديدة ،من خلال إشراكهم في الحوار و المواطنة و التنمية المحلية للولايات.

هل استطاع المجتمع المدني الانتصار للديمقراطية التشاركية ؟

يمكن القول إن الحقل الجمعوي في الجزائر قائم بحد ذاته، من خلال المقومات الخمس المذكورة سابقا، و التي تعتبر المعايير لقيام المجتمع المدني ،وهذا عن طريق رسم السياسة العامة للمجتمع المدني، و إشراكه ضمن الهيئات الاستشارية.

ماهي الإضافة النوعية التي قدمها المرصد الوطني للمجتمع المدني للعمل الجمعوي في الجزائر؟

عكس ماكانت تقدمه الحركة الجمعوية بمختلف أطيافها في شكلها التقليدي، يعني تقديم التقرير المالي والأدبي في كل سنة ،و مساهمتها في الشأن المحلي و الولائي و البلدي، لكن في ظل دستور 2020 وتماشيا مع استحداث المرصد الوطني للمجتمع المدني إذ أصبح هيئة للتشاور والحوار والاقتراح والاستشراف في كافة الأطرالتي تندرج تحت لواء المرصد، كما أنه يساهم في تعزيز قيم المواطنة والديمقراطية و التنمية الوطنية على الصعيد المحلي والمركزي ،بتفعيل الديمقراطية التشاركية من أجل تسيير الشأن العام.

حاوره : حكيم مالك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى