
مصطفى محمد حابس : جينيف / سويسرا
بعد تحضيرات لمدة أسابيع وأشهر خلت، أجلت – مع كل أسف – الهيئة المكلفة بتحضير أشغال ندوة ” ذكرى مالك بن نبي”، الحضورية في أوروبا، لتاريخ قادم لم يفصح عن تفاصيله بعد، أين كان الإخوة يرغبون في إحياء الذكرى الـ51 من رحيل المفكر الإسلامي مالك بن نبي بعنوان ” تراث بن نبي، وأسرار توزن فكره ومصادر قوته”، وقد تعذر ذلك حسب بيانهم الأخير منذ أيام فقط، لصعوبة حضور بعض المشايخ والأساتذة من عالمنا العربي والإسلامي، ومن باب ما لا يدرك كله لا يترك جله، ودون سابق إعلان، أخبرنا من بعض الأفاضل أن هناك في الجزائر على أقل 3 أو 4 ندوات أخرى بذات المناسبة، أعلن عن بعضها في الجزائر، الأولى بجامعة حمة لخصر بالوادي ، و اثنتان في العاصمة و الرابعة في قسنطينة، وقد سررنا وتشرفنا فعلا هذا الأسبوع مع بعض الأفاضل والفضليات وتحديدا يوم الفاتح من نوفمبر، بالحضور على الهواء لإحدى هذه الندوات، ولو عن بعد، وهي لا تقل أهمية عن غيرها حضوريا وكانت هي أيضا في عمومها بذات المناسبة أي إحياء الذكرى الـ 51 لرحيل أستاذ الأجيال، المفكر الجزائري مالك بن بي ( رحمه الله)، والذي تزامن مع الذكرى السبعين لاندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر المباركة مما زاد اللقاء بهجة وسرورا، والله تعالى يقول {قُل بفضلِ اللّه وبرحمته فبذلك فليَفرَحوا} ولولا تضحيات العلماء والثمن الباهض من دماء شهدائنا إبان ثورة نوفمبر الخالدة والثورات السابقة لها “ما كُنّا لننعم باستقلال لازال في حاجة الى مجهودات جبارة بل وثورات ثقافية وعلمية وصناعية للحاق بركب الدول المستقلة فعلا والمتحضرة”، كما ذَكَّرَنَا بذلك أحد الأفاضل قبل انطلاق أشغال الندوة بدقائق !!..
قدماء طلبة مالك بن نبي وأول رواد مسجد الطلبة التاريخي
و جاءت هذه ” التظاهرة الثقافية الدولية تنويرا للأجيال الجديدة ربطا للحاضر بالماضي”، كما عرف بها أصحابها من “جمعية التواصل العلمي والثقافي الجزائرية”، وتنظيما لهذه الندوة الحوارية التي نشطها باقتدار قدماء طلبة مالك بن نبي وأول رواد مسجد الطلبة التاريخي و النموذجي الكائن بجامعة الجزائر المركزية، الذين أدلو بشهادتهم و ذكرياتهم عن أيام الشباب والزهور رفقة أستاذهم وملهم الأجيال المفكر” مالك بن نبي” ، بل و” شاهد القرن وفيلسوف الحضارة”، كما يحلو لبعضهم تسميته!!
ولقد حضر هذا الحدث التاريخي الكبير والدولي، أي ذكرى الاستقلال وذكرى وفاة المفكر مالك بن نبي، عبر تقنية زووم ثُلّة من طلبة مالك نبي و رواد فكره، من جهات شتى من بقاع المعمورة، و قد فتح المجال في الجزء الأول من الندوة، بعد تقديم مقتضب لمنشط الندوة التي انطلقت في الموعد المحدد بالدقيقة والثانية، أي الساعة الـ 8 و النصف ليلا بتوقيت الجزائر و أوروبا، أين تطرق منشط الندوة بشكل مقتضب لكيفية سير الندوة وأعطى كلمة الافتتاح لأمين عام الجمعية المنظمة للندوة، الذي رحب بدوره بالحضور، لتنطلق الندوة للإجابة عن 3 أسئلة لكل متدخل حول كيفية تعرفه على أستاذه مالك بن نبي و عن ذكريات حضور ندواته في بيته و خارجه و حتى مرافقة بعضهم لأستاذهم في بعض تنقلاته الى آخر أيام عمره للعلاج في فرنسا بضعة أشهر من عام وفاته رحمه الله سنة 1973م، و بعض الفوائد و الدروس البليغة التي بقيت عالقة في الأذهان و بما ينصحون أجيالنا اليوم.
ونشط هذه الندوة الأولى على التوالي، كل من الدكاترة : د. محمد جاب الله، طبيب من ولاية الوادي بالجزائر، ود. محمد بوكعباش، من بريطانيا، و كل من الدكتور مولاي محمد السعيد المدير الأسبق لمعهد الرياضيات بجامعة باب أزوار والمؤرخ الجزائري الصادق سلام ، من باريس بفرنسا.
ذكريات طلبة وأستاذ السلف هيّجت مشاعر الخلف
وقد أتحفنا هؤلاء الطلبة الدكاترة والعلماء بروايات عن ذكرياتهم عن بعض حكم و كيفية تعارفهم مع أستاذهم و طرق تفكيره و تعليمه لهم بتقنيات الاستماع و الحوار و الاستفادة، كانت فعلا كلمات عفوية بسيطة منضبطة متواضعة هيّجت مشاعر البعض منا وجعلتنا نعيش معهم ذكريات الدراسة في ظل صراع فكري مرير، خاصة أنه في ذلك الوقت، عدد المصلين يعد على الأصابع، و لم يفتح مسجد الطلبة إلا في عام 1968م.
وقد نعود بالتفصيل لمجريات هذه الندوة و شهادات هذا الفوج الأول من طلبة مالك، في مقال مستقل بحول الله الأسبوع المقبل.
أما الندوة الثانية المبرمجة لاحقا بتاريخ لم يفصح عنه بعد، قد يكون من منشطيها شخصيات أخرى من غير الجزائريين، ممن تتلمذوا على المفكر مالك بن نبي وعاصروه، أمثال كل من :
- الدكتورة فوزية بريون الإعلامية الليبية التي كتبت العديد من المؤلفات منها، كتاب بعنوان ” مالك بن نبي ، عصره وحياته ونظريته في الحضارة” ، تصدير: الدكتور أبو القاسم سعد الله رحمه الله، شيخ مؤرخي الجزائر، طبع دار الفكر ؛ وهو عبارة عن كتاب تناولت فيه حياة بن نبي ونظريته في الحياة، حيث تمت كتابته باللغة الإنجليزية، وترجم فيما بعد للغة العربية.
- والدكتور محمد رفعت الفنيش الخبير الدولي في الاقتصاد، المقيم منذ سنوات في واشنطن بأمريكا و هو أيضا من أصول ليبية، حيث اشتغل في البنك الدولي لسنوات، يعد من المقربين جدا من المفكر الراحل مالك بن نبي، حيث لازمه في القاهرة خلال سنوات 1958 ـ 1960، وصاحبه في رحلاته إلى سوريا ولبنان سنة 1959، كما استقبله في1971.
و شخصيات عربية أخرى نتطرق إليها مستقبلا بحول الله، في مقال مستقل.