أقلامالأولى

الشباب ..أسئلة عن الخطاب والكيان

بقلم: د.محمد مرواني

 

في الواقع اننا منذ سنوات دخول الجزائر عهد التعددية السياسية والحزبية مع أواخر الثمانيات ،والسياق التاريخي والسياسي الضاغط آنذاك ،والذي نقل المجتمع إلى عهد الأحزاب والمنابر الجمعوية والنقابية ،وإحاله إلى ثقافة التعدد ،واحترام قيم الديمقراطية على عجل هذا الواقع المستجد في الحقيقة أربك النظام السياسي آنذاك ،ولم يمهد حتى للمجتمع الانخراط فيه كتوجه سياسي جديد صاحبته أحداث سياسية ،واقتصادية ،واجتماعية متسارعة منذ أحداث اكتوبر 1988 ،ولم ننتج على ثراء الكم العددي للأحزاب ومنابر التمثيل المجتمعية والسياسية في ذاك الوقت القصير جدا من عمر التعددية السياسية قيادات شابة قادرة على التأسيس لمرحلة سياسية جديدة في التوجه والعمل والإدارة بل إن البلاد دخلت في دوامة من “الخراب والإرهاب الأعمى ” وتوقف كل شيء وانهمكت الدولة الجزائرية بمحاربة “الارهاب ” وتحمل الأعباء الأمنية أكثر من التفكير في إحداث أي تحول سياسي أو استكمال مسار التعددية الذي عرف هزات عديدة في مرحلة “التسعينات “

وفي اعتقادي أن المعضلة الحقيقية المطروحة في البلاد على مدار سنوات طويلة خاصة في خطاب موجه للشباب تتمظهر تجلياته في سياسات عمومية موجهة لتحسين واقع الشباب عبر مستويات عدة هذه المعضلة الحقيقية في هذا السياق هو أن الدولة عبر سلطاتها العمومية والسياسية والإدارية تخاطب الشباب بدون شباب وبمعنى أدق أن الكم الموجود من المسؤولين الذي يخاطبون الشباب ليسوا في سن “الشباب ” ،ويجب الانتباه الى أن تشبيب مؤسسات الدولة في الوقت الراهن كفيل بطمأنة الشباب وإقحامه في منظومة القرار السياسي فلو كنا نملك ولاة شباب وفيه الآن وزراء شباب ومدراء عامون شباب لما وجدنا الشباب خارج المؤسسات وهذه مسالة جوهرية يجب الانتباه اليها وقد كتبت في هذا الموضوع أكثر من مرة في الصحافة الوطنية وأكدت على أن الشباب الجزائري يبحث رغم وجود كم معتبر من الأحزاب ،والجمعيات عن منابر تمثيل حقيقية ،ويطالب بحقه في إدارة منظومة القرار السياسي .

سؤال آخر يفرضه الموضوع وهو لما يتحرك شبابنا دوما خارج المؤسسات الرسمية للدولة ولا يعرف الكثير عن تقدمه الدولة لفائدته أن على مستوى التكوين أو التشغيل أو الترفيه ،والرعاية والجواب في تقديري الذي تؤكده أيضا العديد من الدراسات الأكاديمية راجع إلى أن السلطات العمومية أغفلت مسالة هامة في هذا المجال ،وهو تحويل الشباب إلى الفاعل السياسي بدل أن يكون دوما الجمهور المستهدف من سياسات ،وبرامج وكأنه عاجز عن التنفيذ ،وهذا سلوك عززته العديد من السلطات العمومية في تعاطيها مع اللغة المطالبية لشبابنا لذا نجد قطاعا ،واسعا من الشباب الجزائري يميل في هذا الوقت إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وتحتله هذه المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي حيزا هاما من حياته ويومياته ويحدث هذا بطبيعة الحال على حساب المجهود الذي تبذل المؤسسات الشبانية التابعة للعديد من الوزارات والتي يجب القول أنها تسير أمور الشباب بطريقة غير مفهومة وكلاسيكية وقديمة تجاوزها الزمن فالشباب يحتاج لخطاب مغاير تماما عن خطابات الأزمنة الماضية ولا يمكن أن يكون جمهورا في بلد يحتل فيها الشباب نسبة السبعين بالمائة لذا فإن تراجع الكثير من المؤسسات في التعاطي مع الشباب ،والتناغم مع إيقاعه الذي يفرض منطق الحياة جعل شبابنا خارج المؤسسات ،وخارج برامج السلطات لتصبح السلطة في فلك ،والشباب في فلك آخر ….يتبع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى