بقلم : علاء الدين مقورة
تتجدد آلام الجزائريين في كل محنة تمر بهم ، وفي كل عاصفة تمسهم في مستقبلهم أو وجودهم أو صحتهم وهذا ماظهر جليا واضحا لا تغطيه “الإستوديوهات ” الفخمة للقنوات الخاصة ولا العواجل الحمراء الباعثة على الأمل مرة وعلى الخيبة والحسرة مرات عديدة.
قد يتساءل القارئ من قام بالعبث وبماذا عبث وأين كان هذا العبث ، سأجيب بكل حسرة للأسف العبث في الجزائر موجود على مستويات مختلفة بداية بالشعب الجزائري الذي لم يبق على تلك الصورة الحسنة التي أسس لها في الحراك من وعي ورقي وتكافل اجتماعي حرّك العالم وجعله يصوب كبرى كاميرات كبرى القنوات نحو هذه النقلة النوعية من زمة “السيطرة البوتفليقية” على مقاليد الحكم إلى واقع جديد يرسم فيه الجزائريين مستقبلهم وحاضرهم بعيدا عن الوصاية والأبوية .
فأزمة فيروس الكورونا المستجد جعلت التدافع على اقتناء و“تكديس“ المواد الغذائية في البيوت أكبر من الذهاب نحو الحفاظ على سلامة الأنفس وهذا خلل كبير لو نظرنا له بعين الواقع وحلّلناه بشيء من المنطق والواقعية فعدم الشعور بالأمان رغم تطمينات الحكومة ومصالح التجارة بأن التموين سيبقى وما أثبت ذلك صولات وجولات وزير التجارة كمال رزيق لصيد المضاربين من تجّار الجملة وفعلا تم حل الموضوع ولو بشكل نسبي وجزئي ولكن هذا لم يوقف طوابير البحث عن السميد والحليب ، وهنا نتوقف ذلك الجسر بين الحاكم والمحكوم الذي تم ترميمه خلال فترة الحراك خصيصا لما اختارت المؤسسة العسكرية الوقوف الى جانب مطالب الشعب كاملة غير منقوصة وساهمت في “سحل” كبار كهنة النظام البوتفليقي نحو المحاكمة والسجون وهذا أحد العوامل التي أعادت جسر الثقة ولكن سرعان ما تهدمه الأزمات على غرار أزمة جائحة كورونا هذه .
والبنية الاجتماعية للجزائريين تعرف خلل وهشاشة سواء في العلاقات بين الأفراد أو حتى بين الحاكم والمحكوم ودليل هذا عدم إلتزام أغلب الجزائريين بالحجر الصحي المنزلي الاختياري غير مبالين لا بتحذيرات وزارة الصحة ولا بإحصاءاتها ولا حتى ببروتوكولها العلاجي التي أعلنت عنه هل هنا المشكل في الوزارة خصوصا والحكومة عموما أن في الشعب الذي كذّب بكل شيء .
وفي هذه المعادلة الشائكة يدخل طرف ثالث وهو وسائل الإعلام بمختلف أنواعها وخاصة القنوات الخاصة ، أظن حتى ولو أنني أنتمي لهذه المهنة التي كانت تسمى قديما مهنة المتاعب أننا لم نكن في المستوى وهذا أيضا ناجم عن سبب رئيسي وهو شح وتضارب المعلومة الرسمية من طرف وزارة الصحة ولكن هذا لا يعني أن نعبث بمشاعر الجزائريين ونؤسس لجملة من الإشاعات كل مرة خاصة وهذا الأمر مسألة حياة أو موت ويتعلق بصحة الأفراد بشكل مباشر ناهيك عن الأخطاء اللغوية التي تظهر كل مرة في “عواجلهم” الحمراء فالسبق الصحفي لا يعني العبث بالمعلومة والإستهتار بمصائر الناس في كل فرصة تسنح لهذا الإعلام .
والطامة الكبرى هو أنه أكثر من وسيلة إعلامية نقلت إصابة أحد وزراء حكومة جرّاد قد أصيب بفيروس كورونا وبغض النظر عن صحة المعلومة أم لا هي إشاعة فيسبوكية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لكن أن تنشرها وسائل إعلام هنا نستطيع أن نقول أنها كارثة كبرى حلّت ووجب إعادة تصحيح المفاهيم .
ففن التعامل مع الأزمات والأوبئة لازلنا بعيدين عنه كل البعد سواء كشعب أو كسلطة أو كوسائل الإعلام فالشعب الذي يتدافع على المواد الغذائية غير آبه بخطورة هذا الفيروس شعب وجب أن يدرس بطريقة دقيقة والبحث عن تركيبته وأين الخلل فيه والسلطة التي تجهل كيف تتعامل بتصريحات سليمة ودقيقة ورسمية وجب أن تتدارك أخطائها وأخيرا الإعلام الذي يستقي معلوماته من إشاعات على مواقع التواصل الإجتماعي هل حقا جدير بهذه المهنة أوليس هذا عبثا في زمن الداء ؟
تعليق واحد