الأولىالجزائر

العلاقات الجزائرية الفرنسية بين مد وجزر

علق الخبير الاستراتيجي عبد القادر سليماني في تصريح لـ ” الوسط ” على ما قالته وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الفرنسي على أن يعمل الجميع بأن تكون العلاقات الجزائرية الفرنسية علاقات طويلة المدى ومفيدة للجانبين ، لكن هذا الأمر يبقى مجرد شعارات لأن الواقع يبرز أن العلاقات بين البلدين هي بين مد وجزر في بعض المرات تكون جيدة ثم علاقات متوترة في مرات عديدة .

قضية أميرة بوراوي سبب توتر العلاقات بين البلدين

وفي هذا الصدد أرجع سليماني سبب توتر العلاقات بين فرنسا والجزائر الأخيرة جاء بسبب ما حدث مؤخرا من خلال قضية أميرة بوراوي وكيف أن الدبلوماسيين والأمنيين الفرنسيين تورطوا في تسهيل وتهجيرها من الجزائر عبر تونس إلى فرنسا، ومرة أخرى تظهر العنجهية والتعالي الفرنسي دائما تكون خسائره وخيمة على علاقات الطرفين ، ولقد رأينا خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر حيث كان هناك اتفاق لبعث علاقات استراتيجية متجددة بين الدولتين لكن الأمور راوحت نفسها وعدنا إلى المربع الأول.

الجزائر ترافع دائما على سيادتها

أكد الباحث السياسي والخبير في العلاقات الدولية سليماني أن الجزائر ترافع دائما على سيادتها ومن أجل أن تكون هناك علاقات متينة بين البلدين ، ولكن بشرط أن يكون أساسها الندية في التعامل والاحترام المتبادل بين الجزائر وفرنسا والبراغماتية والمصالح المشتركة، وحقيقة فالجزائر تربطها مع فرنسا العديد من المسائل المشتركة خصوصا أن الجالية الجزائرية متواجدة في فرنسا بالملايين وتقريبا هناك 5 ملايين، وحتى العلاقات الاقتصادية رغم اهتزازها وفقدانها للمركز الأول في الصادرات الفرنسية إلى الجزائر لصالح دول أخرى مثل الصين وتركيا حتى الاستثمارات في فرنسا تقهقرت ولم تعد هذه الأخيرة تستثمر بقوة في الجزائر، إلا في بعض البنوك والتأمينات والخدمات، ويأتي هذا من خلال تواجد العديد من الشركات الفرنسية خرجت من السوق الإفريقية لأن فرنسا لم تكن لديها الإرادة السياسية في تكريس وتوطين الاستثمارات الحقيقية مثلا في الصناعات الميكانيكية وفي مجال الفلاحة ومجالات أخرى التي تدر الثروة والقيمة المضافة وتجلب مناصب شغل، كاشفا أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين هي في حدود 7 ملايير دولار سنويا ولقد تدهورت حيث أنها انتقلت من المرتبة الأولى إلى الثالثة ، وحتى بالنسبة لحجم الاستثمارات المباشرة التي قلت كثيرا وتقريبا الاستثمارات الحقيقية غير موجودة إلا في بعض المجالات البنكية والمصرفية والخدماتية أو في مجال الطاقة.

فرنسا تبرأ نفسها عند حديثها عن الجزائر

يرى الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني أن فرنسا في كل مرة تبرأ نفسها عند حديثها عن الجزائر، حيث أنها تظهر دائما بوجه مغاير تماما عن طبيعتها ،وبالتالي فهي تلعب دور الضحية لكن فرنسا في كل مرة هي التي تبادر بالإساءة للجزائر لكي لا تكون هناك علاقات حقيقية ومتينة، مما يوضح أن الدولة الفرنسية العميقة هي وراء قضية أميرة بوراوي من خلال المخابرات الخارجية الفرنسية ، وعليه فاليوم بعد فقدان فرنسا لمكانتها في منطقة الساحل وفي إفريقيا وهذا بالنظر لزيارات ماكرون إلى الدول الإفريقية مؤخرا مع رفعه لشعار أن تكون العلاقات استراتيجية مع نسيان الماضي والمرور إلى علاقات أساسها الشراكات الاقتصادية، لكن بعد ماذا فاليوم هناك قوى أخرى مثل الصين وروسيا وتركيا وأمريكا دخلوا إفريقيا في مجال البنى التحتية ومجال الاقتصاد وفي مجال الاستثمار وفي مجال الشراكات من أجل الوصول إلى استتباب الأمن الغذائي والطاقوي والصحي في إفريقيا.

بيع الوهم بصناعة السيارات الفرنسية في الجزائر

نفى عبد القادر سليماني ، بأن الجزائر لم تعد تراهن على فرنسا، لكونها ليست شريك ولا يمكن الوثوق بها لأنها غير مضمونة فهي تقول ما لا تفعل عكس الشراكات التي أبرمتها الجزائر مع إيطاليا وتركيا وقطر والصين، كما أننا سنرى شراكات أخرى مع ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكل هؤلاء أثبتوا أنهم شركاء حقيقيين للجزائر في إطار الندية والاحترام المتبادل بين البلدين والمصالح المشتركة ، ففرنسا لا تريد استثمارات حقيقية ، وهي لا تريد أن ترى الجزائر قوة اقتصادية قوية دائما ، فهي تريدها فقط كسوق لمنتوجاتها وسلعها وخدماتها ،وأفضل مثال على ذلك أنها لم تقم بجلب التكنولوجيا التقنية إلى الجزائر ، أو أكبر مصانعها إلى بلادنا حتى في ميدان السيارات كان هناك وهم الاستثمارات الميكانيكية أو صناعة السيارات الفرنسية في الجزائر وهذا عكس بعض الدول الإفريقية، مما يؤكد أن فرنسا أرادت إبقاء الجزائر سوقا تابعا لها وهذا ما ترفضه الجزائر بقيادات جديدة وبشباب له رغبة جامحة في تحقيق الاكتفاء الذاتي والسيادة الاقتصادية .
حكيم مالك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى