أكد المحلل السياسي و أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر3 الدكتور زكرياء مقيدش، أن العملية الانتخابية الأخيرة كانت أكثر شفافية من السنوات السابقة، معتبرا مخرجاتها تعكس الواقع الحقيقي للمجتمع المجتمع الجزائري من ضعف لدور الأحزاب و فواعل المجتمع المدني في دفع المواطنين للتغيير عبر صناديق الانتخاب.
و حسب الأستاذ مقيدش ، فان بعض الخروقات المسجلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة هي سلوكات قديمة و ليست ممارسات جديدة في المشهد الانتخابي الجزائري، بالرغم من أداء السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة الانتخابات الذي كان أكثر شفافية من السنوات السابقة، ما يؤكد أن الجزائر لم تشهد لحد الساعة أي تغيير في المشهد و السلوك الانتخابي .
وبخصوص نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية الأخيرة ، اعتبر أستاذ العلوم السياسية مسألة العزوف ليس بالضرورة ترجع الى أسباب اقتصادية أو اجتماعية أو لظروف معيشية معينة ، مثال الولايات المتحدة الأمريكية كمجتمع به مستوى الدخل الفردي مرتفع، لديه مشاركة سياسية فعالة و ثقافة سياسة عالية، رأي عام قوي واعي، لكن مع ذلك المواطن الأمريكي في عديد الاستحقاقات الانتخابية لا ينتخب، أما في الحالة الجزائرية هناك انعدام الثقة للمواطن في السلطة و في الأحزاب السياسية و بالحياة السياسية برمتها.
مشددا أن فشل السياسات العامة على المستوى المحلي و المركزي أدى الى استمرار شريحة واسعة من الفئة الصامتة لدى الشعب الجزائري بالعزوف الإرادي عن ممارسة الواجب الانتخابي.
و في تحليله عن المفارقات الملاحظة في شخصية المواطن الجزائري من اهتمامه بالشأن العام و رفضه للمشاركة في الفعل الانتخابي، اعتبر الأستاذ المواطن الجزائري مازال لم يخرج من ثقافة سياسية خاضعة للتصورات السابقة لكل ما هو موجه من النظام السياسي، و ضحلة غير واضحة بمعنى أن المواطن يتفاعل و أحيانا أخرى لا يتفاعل، و هذا ما لمسناه من خروج ملايين الجزائريين في الحراك المبارك، يقابله هذا العزوف السلبي الانتخابي المسجل في الاستحقاق الذي سيفرز سلطة تشريعية تراقب الأداء الحكومي، تشرع و تقترح قوانين مصيرية مرتبطة بشكل مباشر بالحياة اليومية للمواطن.
و بخصوص الاليات القانونية الحالية في العملية الموجودة على رأسها القانون العضوي للانتخابات، اعتبرها المتحدث مشجعة للمشاركة السياسية من قبل المواطنين من الناحية الشكلية، بدليل العدد الكبير من القوائم المترشحة الموجودة في هذه الانتخابات.
و في نفس السياق نوه المحلل السياسي أن القوائم الحرة المعتمدة لأول مرة في الانتخابات، بها العديد من الكفاءات العلمية النزيهة الغير المتحزبة التي لم تحض بتزكية المواطنين للوصول الى البرلمان، بسبب الثقافة السياسية المادية و العاطفية لدى الكثير من الجزائريين، و هنا تدخل الثقافة السياسية الخاضعة ، والسلوك الانتخابي السلبي ، بل ربما انتهازي في أحيان أخرى ما يؤدي الى عدم ظهور وجوه جديدة للساحة السياسية التي تصنع التغيير.
و للخروج من هذه الأزمة صرح المتحدث للوسط ، أنه لابد من تفعيل دور حقيقي للمجتمع المدني، فهو الذي يعمل على صناعة المواطنة و تعزيزها في أي مجتمع، فكلما استقام الواجب، اسقام معه الحق ، مشددا أن المواطن الجزائري للأسف لم يخرج من ذهنية الريع ، يطالب بالحق و هو مخل بالواجب، أي لا يقوم بواجبه المواطناتي على أحسن وجه و يطالب بالحق يقول أستاذ العلوم السياسية.
وحول سبل التغيير للمشهد الجزائري، استشهد الأستاذ بكلية العلوم السياسية و العلاقات الدولية بالديمقراطية البريطانية التي اعتبرها وليدة المجتمع المدني، وما لها من الدور الأكبر اليوم لاحداث التغيير في الجزائر بقيادة نخب واعية، خاصة و أن الأحزاب كرست ثقافة المناسباتية ، و أخلت بأهم وظيفة و هي التنشئة السياسية.
موضحا أن المواطنة تنتج فرد سوي يستطيع المشاركة و التغيير، و تقطع الطريق أمام الفاسدين و الانتهازيين من الوصول الى أي سلطة محلية كانت أو مركزية .
حاوره : ش.زكرياء