
بقلم: احسن خلاص
تعرف القضية الصحراوية هذه الأيام محطة غير مسبوقة منذ 30 سنة مرت على اتفاق وقف الاقتتال بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو. وأمام التطورات “التاريخية” الجارية في منطقة الكركرات هل يمكن الحديث عن مرحلة حاسمة في مسار النزاع بين الطرفين تخرجها من قوقعة اللاسلم واللاحرب التي دخلت فيها واستهكلت جيلا كاملا دون أن تعرف القضية التي سممت الأجواء المغاربية طريقها إلى الحل العادل والسلمي الذي ظلت الأمم المتحدة تتغنى به طيلة فترة إشرافها عن طريق بعثة المينورسو على احترام اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 1991 بغية إتاحة الفرصة للمنظمة الأممية لتنظيم استفتاء لتقرير المصير.
استهلك الملف الصحراوي منذ ذلك جهود الأمم المتحدة كما استهلك كما معتبرا من مبعوثي الأمين العام الأممي منهم شخصيات مرموقة في عالم الديبلوماسية على غرار كاتب الدولة الأمريكي الأسبق للخارجية جيمس بيكر إلى أن توقف إرسال المبعوثين الأمميين بعد استقالة كوهلر الرئيس الألماني الأسبق لأسباب صحية. وبهذا تكون الأمانة العامة للأمم المتحدة قد قدمت إشارات واضحة للصحراويين تدل على عجزها الفادح عن رعاية مسار تسوية وفق الشرعية الدولية وأكد ذلك الفشل الذريع الذي منيت به جولات المفاوضات بين الطرفين المتنازعين والتي جرت بحضور كل من الجزائر وموريتانا كملاحظين.
ولم يكن الهجوم على منطقة الكركرات في الواقع هو الذي أدى وحده إلى انفجار الوضع والعودة إلى جبهات القتال فقد عمد المخزن المغربي إلى تطبيق خطة متوسطة المدى هدفها إخراج النزاع من المنتظم الأممي والشرعية الدولية بعد إطلاق الدعاية التي حرفت النزاع من منطلقات الشرعية الدولية قصد تحويله إلى نزاع جهوي بيني أو داخلي أحيانا وإلى نزاع مع الجارة الشرقية الجزائر أحيانا أخرى كما عمدت أثناء فترة المفاوضات إلى إقحام مقترح الحكم الذاتي وحاولت أن تحشد له الدعم بمساعدة فرنسية. غير أن هذه العودة إلى الاقتتال وإن لم تكن غاية في ذاتها بالنسبة للصحراويين من شأنها أن تدشن مرحلة جديدة في تاريخ النزاع ستختلط فيها الأوراق على المخزن المغربي بانتهاء عهد الاغتنام من فترة لا حرب فيها ولا سلم مكنت المغرب من نهب الثروات الصحراوية التي استولى على جزء كبير منها كما مكنته من ربح بعض المساحات الديبلوماسية على حساب حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، منها العودة الى الاتحاد الإفريقي واستفزاز الصحراويين من خلال دعوة إمارات الخليج إلى فتح قنصليات في المناطق الصحراوية المحتلة بالرغم من أن هذه الدول لا تملك رعايا لها في هذه المناطق.
والجزائر التي تراقب تطورات الوضع بقلق بالغ وبأسف على هذا التعثر الفاضح لجهود الأمم المتحدة وعدم قدرة المجموعة الدولية على تحمل مسؤولياتها التاريخية والحضارية في سبيل تصفية النزاع في آخر مستعمرة إفريقية بسبب الأطماع في نهب ثروات المنطقة الصحراوية ومحاولات اتخاذ المغرب كمركز متقدم لخطط زعزعة استقرار المنطقة المغاربية التي تعد الجزائر قلبها النابض فيها وهي المحاولات التي تأتي كرد فعل طبيعي على رفض الجزائر الانجرار وراء التطبيع مع الكيان الصهيوني.
كما أن الجزائر التي دعت دائما إلى تغليب روح السلم وحقن الدماء لا تريد أن تراق قطرة دم في الجانبين المغربي والصحراوي بقدر ما تستنكر أي عدوان على الصحراويين وأي خرق لوقف إطلاق النار يدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار وينسف جميع جهود البناء إذ بدل توجيه الجهود نحو بعث بناء الاتحاد المغاربي الذي عطله المغرب منذ عام 1994 تتجه المساعي نحو العودة إلى اتفاق عام 1991.
لقد دخلت المنطقة في دوامة لا أحد يعلم مآلها عندما وصلت الأزمة بين المغرب وجبهة البوليساريو إلى الحد الذي قد تتعقد معها جميع فرص الحل إذا ما أصر المغرب على الالتفاف على الشرعية الدولية ومحاولة إيجاد مخارج ضيقة بدل مع الباب الأممي الواسع الذي رضي به العاهل المغربي السابق مرغما بفعل ما تكبد من خسائر على يد الجيش الصحراوي.
وحسب القضية الصحراوية أنها انتعشت على جميع المستويات وأن همم الشعوب المحبة للسلام والرافضة لأي شكل من أشكال الاحتلال قد استنهضت ومعها ستبدأ رحلة جديدة للتضامن مع الشعب الصحراوي على مستويات حماية حقوق الإنسان وتضامن المجتمع المدني في كل ربوع العالم بالضغط على الحكومات للالتفات إلى حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره الذي سيتحقق بالرغم من تماطل المخزن المغربي ومناوراته الظرفية.
خلاص اسي لحسن خلاص دوختنا بالكدوب احنا نعرف كل شيء والعالم يعلم مابين المغرب و الجزائر و حفنة بليساريو