ثقافة

الناقد المسرحي الدكتور حبيب بوخليفة: أهمية توظيف الفضاء المسرحي في مناطقنا الجنوبية

قدم الناقد والمخرج المسرحي الدكتور حبيب بوخليفة، مداخلة حول ” الفضاء المفتوح والمنغلق في المسرح ، مقاربة فنية تاريخية وتفسير أنثربولوجي ثقافي..” وذلك بمناسبة ” الإقامة الإبداعية التكوينية الفنية المسرحية” تحت شعار ” التكوين أساس الإبداع المنظمة من طرف المسرح الجهوي لولاية أدرار بدار الثقافة لمدينة أدرار.

كل فضاء يعكس رؤية فنية وثقافية

ورصد الأكاديمي بوخليفة، في هذه الدراسة الفضاء المسرحي من منظور فني و أنثروبولوجي-ثقافي، من خلال المقارنة بين نمطين أساسيين هما: الفضاء المفتوح والفضاء المنغلق. يهدف البحث إلى إبراز كيف يعكس كل فضاء رؤية فنية وثقافية تختلف باختلاف السياقات التاريخية والاجتماعية التي نشأ فيها، ويُعرّف الفضاء المفتوح بأنه فضاء غير محصور، يُستخدم في الطقوس الشعبية والعروض في الهواء الطلق، ويتميّز بعلاقته التفاعلية والمباشرة مع الجمهور. تاريخيًا، ارتبط هذا الفضاء بالمسرح الإغريقي والطقوسي، وعاد للظهور مع المسرح التجريبي في العصر الحديث. أنثروبولوجيًا، يعكس الفضاء المفتوح ثقافة جماعية طقسية تحتفي بالمشاركة والانتماء.

الفضاء المنغلق يعبر عن بنية اجتماعية هرمية

وأفاد بوخليفة ،بأن الفضاء المنغلق،هو فضاء داخلي مغلق بجدران، يُستخدم في المسرح الكلاسيكي الإيطالي والبرجوازي. يعزل الممثل عن الجمهور ويوظف تقنيات الإضاءة والديكور لإيهام الواقع. يعبر هذا الفضاء عن بنية اجتماعية هرمية، حيث تُفصل الأدوار وتُؤطر التجربة الجمالية.

اختيار الفضاء المسرحي يحمل دلالة أنثروبولوجية

وأشار الدكتور حبيب بوخليفة ،إلى أنه من خلال المقارنة، يبرز هذا البحث كيف أن اختيار الفضاء المسرحي لا يُعد مجرد تقنية عرض، بل يحمل دلالة أنثروبولوجية عميقة ترتبط بثقافة المجتمع ونمط تفكيره. الفضاء المفتوح يُجسد الحرية والانفتاح والاحتفال، بينما يُعبّر الفضاء المنغلق عن التنظيم، التحكم، والانفصال عن الواقع اليومي.

ضرورة العودة إلى أصول الفن المسرحي

وكشف ذات المتحدث، بأن هذه المداخلة كانت أساسا تتمحور حول أهمية توظيف الفضاء المسرحي في مناطقنا الجنوبية، باعتبار أن هناك توافق و انسجام مع المحيط الانتمائي الثقافي الزاهر بحكايات و أساطير ،بإمكانها أن تحرك الفعل المسرحي بشكل حيوي، كما سلط بوخليفة الضوء على التجارب المهمة في العودة إلى أصول الفن المسرحي و الاعتماد على “فيزياء الجسد ” فسيفولد مايرهولد ” الذي يعد أول من تنبه إلى الطبيعة المسرحية الأولى في مساحة التعابير الجسدية في الاحتفالات و تأدية الطقوس المختلفة في المجتمعات الشرقية.

الفضاء المفتوح الأقرب إلى الطبيعة البشرية

واعتبر الباحث والمخرج المسرحي بوخليفة، أن الفضاء المفتوح في الممارسة الفنية المسرحية هو أقرب إلى الطبيعة البشرية ،و من ثم إلى الإنسان أين ذكر ذات المتحدث تجارب أنطونين أرتو و غروتوفسكي ( مسرح الفقير) بيتر بروك و آريان منوشكين و عدد من التجارب في منتصف القرن العشرين، خصوصا في تجارب المسرح ما بعد دراما او مسرح الصورة.

الفضاء المسرحي مفتاح لفهم البنية الثقافية

وأوضح الأستاذ المحاضر في المعهد العالي لمهن فنون العرض و السمعي البصري ببرج الكيفان بالعاصمة، بأن دراسة الفضاء المسرحي من منظور أنثروبولوجي تكشف عن عمق العلاقة بين الفن والمجتمع، بين الفضاء والدلالة. فالفضاء المفتوح لا يمثل فقط خيارًا جماليًا، بل يحمل في طياته رؤية للعالم تقوم على التشاركية والانفتاح. في المقابل، يعكس الفضاء المنغلق حاجة للسيطرة والتنظيم، تتماشى مع تحولات المجتمع نحو الحداثة. بذلك، يكون فهمنا للفضاء المسرحي مفتاحًا لفهم البنية الثقافية للمجتمعات التي أنتجته.

البيوميكانيك له أهمية في أداء الفن التمثيلي

وشرح مخرج مسرحية “حرب السموط “بوخليفة ، للمتربصين في ” الإقامة الإبداعية التكوينية الفنية المسرحية ” التي احتضنتها دار الثقافة لمدينة أدرار من خلال بعض التمارين و التفاسير ” فيزياء الجسد” أو ما يسمى ” البيوميكانيك” و أهميتها في الأداء الفن التمثيلي ،خصوصا في مساحة الفضاء المسرحي المفتوح.

المخرج والناقد المسرحي حبيب بوخليفة في سطور…

حبيب بوخليفة ناقد مسرحي حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الجزائر 2 في ( 2007 – 2008) هو مخرج بالمسرح الوطني الجزائري(1988 – 2005)و شهادة في التنشيط الثقافي ، المعهد الوطني للفنون الدرامية والرقص برج الكيفان بالجزائر العاصمة وشهادة ماجستير في الفنون الدرامية اختصاص إخراج بموسكو و طشقند ( أوزباكستان) في 1982 – 1987/ أستاذ محاضر في المعهد العالي لمهن فنون العرض و السمعي البصري ببرج الكيفان تخصص الفنون الدرامية وأستاذ مشارك بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ، قسم علم الاجتماع ، جامعة الجزائر 2003 حتى 2014 وكان رئيس قسم السمعي البصري بالمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري في 2011 و2012 ومستشار في الفنون الدرامية بالمجلس الأعلى للغة العربية بالجزائر ومدير فني بمؤسسة السمعي البصري “ايسبا” الجزائر ومستشار فني ومخرج في الشروق تي في (2012- 2013) .

ولقد أخرج بوخليفة جملة من المسرحيات والمتمثلة في مسرحية ” ديكتاتورية الضمير”ألكسندر قلمان ، المسرح الأكاديمي طشقند ( أوزباكستان)1985 / مسرحية”انتيقونا” جون انويله – المسرح البيداغوجي طشقند الاتحاد السوفياتي 1987 وأخرج أيضا مسرحية ” المقعد” لقلمان ( المسرح الأكاديمي)طشقند – الاتحاد السوفياتي سنة 1987 / مسرحية “مايا وحسين ،بوخليفة حبيب ، المسرح الوطني الجزائري 1996 / ” العنب الحامض” لفقريديو ، المسرح الوطني الجزائري 1999/ ملحمة”العقيد لطفي “مركز الدراسات التاريخية ، الجزائر 2001 / مسرحية ” الزائر” فلادلين دازورسيف ” نص حبيب بوخليفة ومن إنتاج المسرح الوطني الجزائري في 2004 / مسرحية “بيمول جليلة حاج بالي” ، كون ، نورميديا ، فرنسا 2010 ، ومعد ومخرج حصة “ركبة ميلة” الشروق تي في 2012 ، معد ومخرج حصة ” بلا روتوش ” الشروق تي في الجزائر 2012 / مخرج ومنتج حصة “فنون مسرحية” في سنتي 2001 و2002 ومخرج ومنتج حصة ” حقول الفن السابع ” بالإذاعة الجزائرية في 2009 و2010 أخرج مسرحية “حرب السموط” وهي من تأليف عبد الرزاق قوادري هباز ومن إنتاج المسرح الجهوي العلمة بسطيف في 2015 .ومن مشاركاته الفنية والثقافية أداء دور ” نارس” في فيلم”صوقديانة بين الآلهة ” وهو إنتاج مشترك جزائري – روسي في عامي 1994 و1995 وأدى بوخليفة دور”عبد القادر” في مسلسل ” الأخطاء ” بث على التلفزيون الجزائري سنة 1997 وفي 2008 لعب دور ” المنور” في مسلسل ” جراح الحياة” ، كما أنه شارك في عدة مهرجانات مسرحية كعضو في لجنة التحكيم ،ورئيسا وله عدة مشاركات كصحفي في المجال الثقافي والفني والمسرحي في اليوميات الوطنية والدولية.

ونجد في رصيد الأكاديمي حبيب بوخليفة العديد من الدراسات ويتعلق الأمر بـ :”التجربة المسرحية الجزائرية بين الكتابة والإخراج” مجلة ” التبيين” عدد 30 /2008 ،وله ” الوظيفة الاجتماعية للرقص في المجتمع الجزائري” ، مجلة ” الثقافة الجزائرية” 2009/ “الفيلم الوثائقي المغاربي بين الجدية والترقيع”، المجلة الإلكترونية “الجزيرة الوثائقية” 2010، ونشرت أيضا بمجلة الثقافة الجزائرية في نفس السنة “عصر الإخراج الدرامي”، المجلة الإلكترونية ./ والفيلم الوثائقي الجزائري “من مرحلة النضال إلى تجسيد الهوية”، مجلة الثقافة الجزائرية 2010 /”الضحك في ظل التجربة المسرحية الجزائرية “، الملتقى الوطني لفنون الفكاهة بالمدية 2012/”المقروئية في الجزائر” ، الملتقى الوطني للمقروئية بولاية أم البواقي في 2012 / “تأكيد الثورة التحريرية في التعابير الفنية المسرحية “الملتقى الوطني للمسرح والثورة 2013.

حكيم مالك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى