
· الخارجية الفرنسية: لا مجال للتصعيد لا مصلحة للجزائر ولا لفرنسا فيه
يرى مراقبون وجود ازدواجية في الخطاب الرسمي الفرنسي تجاه الجزائر، تتمثل في شخصية تهدئ وأخرى تصعد. وهذا في ظل التناقض الذي يميّز مواقف رئيس الجمهورية الفرنسية وأعضاء حكومته، وعلى رأسهم وزير داخليته برونو روتايو الذي لا يتردد في استغلال أي فرصة من أجل تشويه صورة الجزائر.
وتشهد العلاقات بين البلدين مزيدا من التصعيد غذّته مواقف اليمين المتطرف الفرنسي، المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، عبر أنصاره المعلنين داخل الحكومة الفرنسية في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، معتقدا بأنه قد وجد ذريعة يشفي بها غليل استياءه وإحباطه ونقمه.
بوادر التوتر في العلاقات أخذت العديد من الصور وفضحت ازدواجية الخطاب السياسي في مواقف أعضاء الحكومة الفرنسية، حيث يسعى الرئيس إلى تهدئة التوتر، بينما يتحرك وزير داخليته في الاتجاه المعاكس. هذه الازدواجية حسب المتتبعين للشأن الجزائري الفرنسي، تطرح العديد من التساؤلات حول ازدواجية الخطاب الفرنسي اتجاه الجزائر وهل يمثل حقا الوجه الحقيقي لهؤلاء المسؤولين أم أنه مجرد نفاق سياسي لإلهاء الرأي العام الفرنسي عن القضايا التي تهم الشعب وتبرير فشل حكومة “ماكرون”؟.
وفي السياق، أدلت المتحدثة بالنيابة للخارجية الفرنسية، جوزيفا بوغنون، بتصريحات تهدئة، مشيرة إلى أنه “لا مجال للدخول في تصعيد لا مصلحة للجزائر ولا لفرنسا فيه”، مشددة على أن باريس “تظل متمسكة بعلاقتها الفريدة والطويلة الأمد مع الجزائر والشعب الجزائري. وما يزال هناك مجال للحوار”.
وفي تصريح سابق للخارجية الفرنسية (الكي دورسيه)، قالت إن بلادها ستقدم للجزائر “قائمة بالأشخاص الذين سيتم ترحيلهم في غضون 4 إلى 6 أسابيع”. كما أشارت إلى أن باريس “ستعيد النظر في الاتفاقيات الثنائية بشأن التنقل في حالة غياب التعاون الفعال مع سلطات بلادها، تماشيا مع تصريحات سابقة لفرانسوا بايرو، الذي اعتبر أن “الوضع الحالي غير مقبول، لأن الجزائر لا تحترم الاتفاقيات التي وقعتها”.
وبدوره، قال الوزير الأول الفرنسي، فرانسوا بايرو، الجمعة، إن أطرافا (لم يسمّها) تريده أن يدخل في حرب مع الجزائر، على خلفية قرار الحكومة منح الجزائر مهلة لإعادة مراجعة الاتفاقيات الثنائية، نافيا أيّ اختلاف أو تناقض لقراراته بشأن الاتفاقيات مع الجزائر مع الرئيس إيمانويل ماكرون. وأوضح بايرو لدى استضافته على تلفزيون “سي نيوز” (C NEWS) بأن “الرئيس إيمانويل ماكرون تحدث من منطلق أنه المسؤول الأول عن حماية المعاهدات والاتفاقيات”. ملمّحا إلى أن تصريح ماكرون لا يحمل في طيّاته أي تناقض مع تصريحاته. وأبرز المسؤول الفرنسي أن “فرنسا أبرمت اتفاقيات مع الجزائر تمنح بموجبها ميزات لم تمنحها لأية دولة في العالم”. لافتا إلى أن “هذه الاتفاقيات تفرض الاحترام المتبادل بين البلدين بدءً باحترام الاتفاقيات.” ويرى بايرو، أن الحكومة الجزائرية طوّرت سياسة عدائية جدا تجاه اللغة والثقافة الفرنسيتين، وفقه.
ولفت إلى أن هذه السياسة “غير مقبولة” في ظل الاتفاقية الثنائية بين البلدين. وشدد فرانسوا بايرو، على أن إيمانويل ماكرون يشاطره تقريبا نفس النظرة بهذا الخصوص. واستبعد هنا الدخول في حرب مع الجزائر عكس ما تراه بعض الأطراف.
وهنا أشار إلى أن “ذلك غير ممكن ولن أسمح به لأن وضعية بلادي خطيرة. ولا أريد أن يسبب لها المزيد من المشاكل.” في هذا الصدد، دعا بايرو جميع المسؤولين الفرنسيين إلى الاتحاد، كل من منصبه وفقا ما تقتضيه مسؤوليته. كما لم يُخفِ المسؤول الفرنسي بالمقابل، حزنه على توقيف الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال المسجون في الجزائر منذ نوفمبر 2024.
هذا، وتشهد العلاقات الثنائية بين البلدين توترا غير مسبوق، فقد استدعت الخارجية الجزائرية، الخميس. السفير الفرنسي لديها، وأبلغته بـ”خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية-المغربية المزمع إجراؤها شهر سبتمبر المقبل في الراشيدية بالقرب من الحدود الجزائرية، وذلك تحت مسمى شرقي 2025 الذي يحمل الكثير من الدلالات”، معتبرة الخطوة بمثابة “استفزاز”.
إلهام.س