- احتمالان اثنان لتشكيل الحكومة الجديدة
كشف عدد من الخبراء والمتتبعين للمشهد السياسي في البلاد، أمس، خلال حديثهم مع “الوسط”، أن دستور 2020 نص على احتمالين جديدين لا ثالث لهما لتشكيل الحكومة القادمة، سواء وفق أغلبية رئاسية أو أغلبية برلمانية، حيث ربط الأغلبية المتحصل عليها بنتائج ما تسفر عليه الانتخابات التشريعية الحالية، وهذا بالرجوع للمادتين 103 و 110 منه، ما جعل الكل حسبهم يرتقب نتائج التشريعيات في عددها الـ11 لمعرفة من “من المتوقع أن يقود الحكومة القادمة”، باعتبار الحكومة الحالية هي حكومة تصريف مهام لا غير، إذ بموجب هذا استبعد البعض أن تسفر نتائج انتخابات 12 جوان عن أغلبية برلمانية معارضة، بل ستكون أغلبية رئاسية مطبقة لبرنامج الرئيس، يشكل من خلالها حكومة إئتلافية توافقية من الأحزاب والمرشحين الفائزين المساندين له، زهذا بغرض القضاء قدر الإمكان على الصراعات والتناقضات الموجودة على الساحة السياسية، في حين تأسف البعض الآخر، من الفوضى الحاصلة وتضارب التصريحات نتيجة تأخر الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية من قبل هيئة “شرفي” التي التزمت الصمت فجأة، مؤكدين أن ما حدث لغاية اللحظة قد زرع الشك لدى المواطنين، وهذا لا يحسب على الرئيس تبون، بل يحسب على جناح آخر داخل النظام من جماعة الرئيس السابق “بقايا العصابة” الذين لازالوا متجذرين في دواليب السلطة، ولعبوا على قدر المستطاع دورهم في إفساد هذه الانتخابات، ما جعل إستراتيجية الرئيس المسطرة للاستثمار في الانتخابات القادمة، تفشل في استعادة ثقة المواطن في الصندوق الاقتراع من جديد.
الخبير الدستوري الدكتور أوصيف السعيد
دستور 2020 نص على احتمالين لا ثالث
أستاذ القانون الدستوري في جامعة بومرداس، الدكتور أوصيف السعيد، أمس، أن دستور 2020 نص على احتمالين جديدين لا ثالث لهما لتشكيل الحكومة، سواء وفق أغلبية رئاسية أو أغلبية برلمانية، وربط الأغلبية بنتائج ما تفرز عليه الانتخابات التشريعية، وهذا بالرجوع للمادة 103 التي تقول أن الحكومة يقودها وزيرا أولا معين من قبل رئيس الجمهورية، يكلفه بمخطط عمل لتطبيق برنامجه الرئاسي، وهذا في حال أسفرت الانتخابات التشريعية عن أغلبية رئاسية”، أما في حال أسفرت الانتخابات التشريعية على أغلبية برلمانية “معارضة لبرنامج الرئيس” ففي هذه الحالة طبقا للمادة 110 من التعديل الدستور، يضطر رئيس الجمهورية لتعيين رئيس حكومة يكلفه بعمل برنامج عمل حكومة “الأغلبية البرلمانية، مبرزا في ذات السياق، أن الكل يرتقب نتائج التشريعيات في عددها الـ11 لمعرفة من سيقود الحكومة القادمة، باعتبار الحكومة الحالية هي حكومة تصريف مهام لا غير.
وأفصح الدكتور أوصيف سعيد في تصريح خص به جريدة “الوسط”، أنه سواء تكونت الحكومة القادمة بقيادة الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب النتائج المتحصل عليها، فهذا يجعلنا ندرك أنه في حال ربحت الأغلبية من الموالاة الانتخابات التشريعية، فان برنامج الرئيس سيطبق، أما في حال ربحت المعارضة والأحزاب الغير موالية للسلطة، هنا الأغلبية البرلمانية، تشكل حكومة وتقترح رئيس حكومة، وهو من يضع برنامج حكومي، وفي هذه الحالة يتحمل رئيس الحكومة والحكومة المشكلة منه المسؤولية أما البرلمان و أمام الشعب، متابعا في نفس السياق، أن المادة 104 قد نصت على أن رئيس الجمهورية سيعين أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة، بمعنى أنه مهما تكون نتائج الاستحقاقات فإن رئيس الجمهورية سيبقى يمتلك صلاحيات أوسع منهما، بمعنى أنه بيده سلطة التعيين والتصرف، حتى لو كان رئيس الحكومة من المعارضة، مما يبقي الباب مفتوحا أمام الاحتفاظ بوجه أو وجهين من التشكيلة الحالية في الحكومة المقبلة إن شاء ذلك.
الرئيس سيشكل حكومة إئتلافية توافقية
وفي هذا الشأن استبعد ذات المتحدث، أن تسفر نتائج التشريعيات عن أغلبية برلمانية معارضة، بل ستكون أغلبية رئاسية مطبقة لبرنامج الرئيس، ما سيجعله دون شك يبحث عن تشكيل حكومة إئتلافية توافقية من الأحزاب والمرشحين الفائزين المساندين له للقضاء على الصراعات والتناقضات الموجودة على الساحة السياسية قدر الإمكان، موضحا أن الإشكال الوحيد المطروح في هذا الخصوص، يبقى في حركة مجتمع السلم التي عبرت في وقت سابق أنها في حالة واحدة ستقبل تشكيل حكومة توافقية في حال حققت أغلبية برلمانية.
المحلل سياسي محمد بوضياف
أغلبية رئاسية ستقود الحكومة القادمة “دون شك”
من جانبه، قال الخبير السياسي، محمد بوضياف، أمس، خلال حديثه مع “الوسط”، أن قيادة الحكومة القادمة تتطلب حيازة الأغلبية وهو شيء مستبعد لحد الساعة بالنسبة لحركة مجتمع السلم، وحتى منطق الأشياء وتطوراتها، يرفض حسبه أن تستلم حمس دفة القيادة في الحكومة القادمة، على اعتبار أن رئيس الجمهورية والفريق الذي معه يخوضون تحديا كبيرا في تطهير مفاصل الدولة من بقايا الفساد ورعاة المصالح الأجنبية، ويقف إلى جانبه في هذا المسعى الكثير من التنظيمات السياسية، ممن سيشكل بالتأكيد الأغلبية الرئاسية المتوقعة، وبالتالي لا يمكن أن يتوقف هذا المسار أو ينتكس بأي شكل من الأشكال.
انتخابات 12 جوان دشنت لمرحلة جديدة ستضع الجزائر في رواق أحسن
وهنا أكد الدكتور محمد بوضياف، أنه من المنتظر أن يتشكل تحالف رئاسي قد يغري حركة مجتمع السلم للانضمام إليه بشكل معتبر يعكس حضورها في المجلس، مما قد يجعلها تميل هي إلى مواصلة المعارضة كما دأبت مع الدكتور عبد الرزاق الذي قد يجد حرجا كبيرا التحالف مع تنظيمات أخرى، كان يصفها بالفاسدة وخرج من أجلها حراك 22 فيفري، مؤكدا بالمناسبة، أن البرلمان القادم سيوفر غطاءا سياسيا محترما لما سيضفيه من مشروعية على السياسة العامة ومواجهة التحديات إن كان في الداخل أو في الخارج ، لكن في كل الأحوال سواء كانت حمس داخل الحكومة وهو ما نتمناه أو خارجها، فان مرحلة جديدة دشنتها انتخابات 12 جوان ستضع الجزائر في ثانية في رواق أحسن.
بالموازاة مع ذلك، ذكر المرشح الحر في قائمة الحرية، أن رهانات الجزائر الاقتصادية كانت ولا تزال تتطلب استقرارا سياسيا وأمنيا ملحا، وهو ما سيوفره برلمان 12 جوان الذي فتح للإرادة الشعبية التعبير بكل حرية وشفافية، وحظيت معه الجزائر بالصدقية اللازمة وقد تنتقل معه إلى وتيرة أخرى، خاصة إذا ما تم بناء التحالف الرئاسي المرجو، تنفيذا لالتزامات رئيس الجمهورية.
هذه هي القيم التي حددت سلوك الناخبين ورسمت معالم لخارطة القادمة
من جهة أخرى، اعتبر نفس المصدر، أن كثير من الملاحظين والمتابعين الذين قالوا أن الحراك الشعبي فشل فشلا ذريعا بعودة الأحزاب التقليدية إلى الساحة السياسية نتيجة فوزهم بمقاعد، هو رأي مستعجل وسطحي، لأن الجزائريين خرجوا في 22 فيفري من أجل مسالة أخلاقية، لأنهم شعروا بالإهانة لما قررت السلطة يومها تمرير مشروع العهدة الخامسة فانتفض الشعب ورفض، ولولا “الكومبرادور” وجموع المستأثرين المحتكرين للثروة والمال وحزب فرنسا ممثلا في الأرسيدي ومتطرفي الماك، يردفهم شتات المنتقمين وهواة الفوضى الذين حاولوا ركوب موجة الحراك واستثمروا فيها رغم تناقضاتهم للإطاحة بمشروع الإصلاح والتطهير الذي باشرته قيادات وطنية أصيلة، منوها أن عملية كسر الأذرع بدأت بين دعاة الفوضى الرافضين لكل تمثيل المتخذين منهجية التعفين كإستراتيجية للحفاظ على الوضع القائم، ودعاة الحل الدستوري المعتمدين على الحرية كإستراتيجية لتصفية عناصر الفوضى من الحراك المبارك، في إطار منهجية الانتخابات كحل لإعادة بناء مؤسسات الدولة، وهو ما جعل كل النوايا تنكشف و كل المخططات تسقط تحت مرأى ومسمع الشعب السيد بقيادة حكيمة من مؤسسة الجيش، ليضحي الحراك في أعين الناس مصيدة وكمين نصبه المتربصون وأخذت جدوته تخفت يوما بعد يوم، متابعا أن هذا تزامن مع الانتخابات التشريعية، التي أثبتت التجارب أن دعاة الفوضى ليس لهم حل ليشاركوا بها سوى مخطط تدمير الدولة، وانحازت جموع الحراكيين بموجبه إلى السلم الاجتماعي ووحدة التراب، فكان القرار واضحا، لا لكل مغامرة وان أغرت، ما جعل الأنسب والأحوط هو إعادة الاعتبار للقوى السياسية التقليدية بعد أن وعت الدرس وتطهرت، فكانت النتائج كما ترون وتشاهدون، في إشارة منه أن السلم والاستقرار والحفاظ على مكتسبات المجتمع هي القيم التي حددت سلوك الناخبين ورسمت معالم لخارطة القادمة.
الدكتور سليمان ناصر
لا خروج من تحت مظلة الرئيس
من جانبه، اعتبر الأستاذ الجامعي، سليمان ناصر، أمس، أن بروز نتائج الانتخابات التشريعية غير الرسمية، كشفت أن الكثير من الكفاءات العلمية والشابة، كان يمكن أن تقدم الكثير للبرلمان والبلاد ولكنها لم تنجح، لأنها لم تحسن اختيار وسيلة الترشح واختارت الانضواء تحت أحزاب مغضوب عليها شعبيا، معتبرا أن هذا ليس السبب الوحيد وإنما أحد الأسباب التي رجحت عودة الأحزاب على حساب القوائم الحرة التي كانت مترشحة بقوة.
وأفاد الدكتور سليمان ناصر، في تصريح خص به يومية “الوسط”، أن كل حزب أصبح يدعي ما يشاء ويقول بأنه الفائز على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما جعل رئيس السلطة المستقلة للانتخابات ينبههم بأنه لم يعلن النتائج بعد، وأنه يمثل الجهة الرسمية المخولة للإعلان عن نتائج انتخابات الـ12 جوان، موضحا بالمناسبة أنه في ظل الصراعات والتناقضات بين الأحزاب، يعتقد أنه أضحى من الصعب تشكيل تحالف من هذه الأحزاب، وبالتالي سيكون هناك وزير أول يطبق برنامج الرئيس، متابعا أنه يهنئ لكل الفائزين والفائزات بمقعد في البرلمان القادم، في تأكيد منه أنها مسؤولية عظيمة أمام الله في ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد، وعليهم أن يكونوا على قدرها.
الدكتور رابح لونيسي
بقايا العصابة مسؤولة عما يحدث
عبر المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، الدكتور رابح لونيسي، أمس، عن أسفه من الفوضى الحاصلة وتضارب التصريحات نتيجة تأخر الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية من قبل هيئة “شرفي” التي التزمت الصمت فجأة، رغم النية الصادقة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لتنظيم انتخابات نزيهة وفق إستراتيجية واضحة هدفها استعادة ثقة المواطن في الصندوق الاقتراع، مهما كانت نسبة المشاركة ضعيفة قصد الاستثمار في الاستحقاقات القادمة، مؤكدا في ذات السياق، أن ما حدث لغاية اللحظة قد زرع الشك لدى المواطن، وهذا لا يحسب على الرئيس تبون لأنه ليس المسؤول عما حدث، بل يحسب على جناح آخر داخل النظام من جماعة الرئيس السابق “بقايا العصابة” الذين لازالوا متجذرين في دواليب السلطة ولعبوا على قدر المستطاع دورهم في إفساد هذه الانتخابات.
وأوضح رابح لونيسي خلال حديثه مع “الوسط”، أنه لا يوجد في الحقيقة مشكل مطروح في حال تشكلت حكومة بأغلبية رئاسية أو برلمانية أو إسلامية أو ديمقراطية أو غيرها، لأنها ستعمل كلها على كسب ثقة المواطن، مضيفا أن ما حدث جعلنا نعود لما كنا عليه من قبل، على اعتبار أن هناك صراع أجنحة مختلف الرؤى، يتأرجح بين طرف يريد تغيير سلس وطرف يريد إبقاء الأمور على حالها خدمة لمصالحه، ما سيجعل المجلس الشعبي الوطني القادم يعود إلى نفس التشكيلة القديمة المكونة من الآفلان والأرندي والإسلاميين من حمس وحركة البناء الوطني، دون الأحرار رغم أنهم أكثروا من القوائم الذين صعب عليهم تجاوز عتبة 5 بالمائة، متوقعا بالمناسبة، أن كل شيء كان يوحي بأن الجزائر ستسير إلى حكومة بأغلبية رئاسية، وكلنا يعلم أن نظام الحكم في الجزائر توجد به عدة أجنحة، وفي بعض الأحيان جناح يطغى على جناح ويريد تكريس ديمقراطية حقيقية مثلما حدث في استفتاء الشعبي لتعديل الدستور، من خلال إعطاء أرقام واقعية لنسب المشاركة في الاقتراع عبر الوطن مقارنة بمواعيد سابقة، لافتا بالمقابل، أن الانتخابات التشريعية انطلقت انطلاقة جيدة وكانت تسيير بوتيرة عادية حسنة لغاية الخامسة مساءا من اليوم الانتخابي، أين قدمت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أرقام صحيحة مائة بالمائة، لكن فيما بعد تغيرت الأمور ما جعل الجميع يلاحظ أن هناك تحركات وتغيرات مشكوك فيها حدثت، والدليل حسبه هو التساؤل الذي طرأ على أذهان الجميع، وهو ما الأمر الذي يمنع شرفي عن الإدلاء بالنتائج الحقيقية الأولية المتحصل عليها نهاية اليوم الانتخابي كما فعل في منتصف النهار وبعد العصر، مما يبرر بذرة الشك التي زرعت في نفوس الجميع، وهذا أمر مؤسف حقيقة -على حد قوله-.
مريم خميسة