
بقلم: جمال نصر الله
قال قبل سنة وأزيد بقاط بركاني رئيس عمادة الأطباء الجزائريين لإحدى اليوميات الوطنية بأن العالم الفلكي بوناطيرو يجب أن يحاكم نظير تصريحاته التي خرج بها للعلن يومها والتي مفادها بأنه اكتشف رفقة أطباء عراقيين الدواء الناجع لمرض كورونا؟ا مضيفا بأنه عالم فلكي وما دخله في المسائل والأمور الطبية؟ا وأنه يتلاعب بمشاعر الملايين، وإلى غاية هنا تبدو الحقيقة مع عميد الأطباء إلى حين أن يثبت العكس ويطلع لنا بوناطيرو بالحقيقة الناصعة التي تبناها وأعلن عنها ـ لكنها للأسف ظلت سرا من أسرار المهنة ـ ولسنا ندري ما الذي ينتظره هذا العالم كي يحرر هذا الدواء الذي فتك لحد الساعة بـآلاف الأشخاص.
وحسب ظني الشخصي فإن بوناطيرو إن كان محقا فعلا باكتشافه للقاح المضاد فسوف يتم تكريمه مباشرة بجائزة نوبل للطب والعلوم…ومن ثمة ستدخل الجزائر التاريخ من بابه الواسع؟ا المعني صاحب الاختراع قال بأن معهد باستور يواجه اكتشافه هذا بعدة عراقيل….لكن بالمقابل نقرأ بأن مدير المعهد السيد فوزي درار يرد ويصرح بأن معهده غير معني وليس من صلاحياته أن يعطي الموافقة على نجاعة هذا الدواء أو ذاك.وإنما يتخذ بعض الإجراءات العلمية للموافقة على تواجده بالسوق فقط . ولربما يقصد بأن المخابر تؤكد بأن أي دواء غير مضر لجسم الإنسان وبالتالي تحريره …وهذا الإجراء يذكرنا بما حدث مع مع توفيق زعبيط الذي صنع الهالة من حوله يوم ادعى بأنه اكتشف دواء يخلص البشرية من السكري إسمه (رحمة ربي)وفي الأخير اتضح بأنه مجرد مكمل غذائي ليس إلا.. وليس دواء خالصا ومخلصا .بوناطيرو ألصق تهمة العراقيل بجهات جزائرية هذا على الرغم أن كل العالم وبعض الدول تطالب بلقاحه(والسؤال المطروح هنا) ما هو موقف وزارة الصحة في هذا الشأن وهي الجهة المعنية بالدرجة الأولى؟ا فقط نقرأ بأن الوزارة استحال عليها احتواء الوضع بعد تسجيل حالات متزايدة لضحايا هذا الفيروس القاتل.
والسؤال الذي نطرحه في هذا المقام أي في الوقت الذي تتنافس في كبريات المعاهد العالمية والمخابر في ألمانيا وأمريكا وفرنسا والصين وغيرها …يبدو أن بوناطيرو تجاوز كل هذه الجهود والعقول التي تسارع الزمن بغية الظفر ببراءة الإختراع.وأراد أن يكون الإستثناء…وهذا شيء يشرفنا جميعا إذ تعلق الأمر باحترام علمائنا وباحثيها ,ولكن شريطة ألا تكون جهودهم مجرد عروض مظهرية وتظاهرية أي أن تكون مغلفة بفوبيا الشهرة واعتلاء المنصات هدفا لها…لقد
سبق وأن قال بوناطيرو هذا نفسه بأن اكتشف خللا في التقويم الفلكي لدى التقويم الهجري.وكان يقصد شهر رمضان الكريم .ليعود مباشرة إلى عهد النبي وصحابته ويصرح بأنهم كانوا يصومون
الشهر خطأ…وهذا ما خلف استنكارا واضحا لدى عدة أوساط..واعتبروا هذا مساسا بالدين نفسه على أساس أن الأولين والقدامى كانوا يتبعون آية(صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) أي أنهم كانوا يعتمدون على رؤية الهلال…لكن بوناطيروا أدخلنا في حسابات معقدة لا يفهمها إلا هو؟ا لأنه لم يكن بليغا قدر الإمكان ,ولم يوصل المعنى الدقيق والشفاف ,بل أنت لا تفهمه وهو يكتب أو يتحدث.(إلى درجة أنك تشك في قدراتك)وهذا ما وضعه في موضع لا يحسد عليه…وفهمنا جميعا بأن الرجل يحمل من الدقة والحسابات أكثر منا ونحن هم القاصرون في التفكير والاستنتاج؟ا ثم لحقتنا الخرجة الثانية والأكيد أنها لن تكون الأخيرة.وهي عن مرض كورونا…ولحد الساعة
وحتى لا نظلم الرجل …من حقنا أن نستشف بأنه وليس في الجزائر فقط بل في شتى ربوع الوطن العربي والعالم الثالث توجد ظاهرة نفسية معقدة لدى كثير من الطامحين وهذا في جميع المجالات حتى الأدبية والفكرية والفنية,تحاول أن تسابق الزمن ,وتحاول أن تبرز على الساحة وتؤكد ذاتها ولو بالسير على دروب المغالطات…وهذه مشكلة في حد ذاتها يمكن حصرها في دائرة ما.بل تشخيصها أيما تشخيص…لأن أصحابها مهوسون بعشق الريادة وتسليط الأضواء نحوهم..وعليه فإن العلم نفسه والطبيعة براء من هذه الشطحات أو تلك..لأنها لا تخدم لا الإنسانية ولا العلوم ولا حتى الدين بل تدخلنا في عالم هو أغرب من الخيال نفسه.وبالتالي فهي تسيء مع مرور الأزمنة والتاريخ للناطقين والمروجين لها….ولا عزاء لنا إلا القول هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؟اوسابقوا الأمم والأقاليم بالحجج والبراهين..وليس بالألفاظ الصادمة والمُدهشة.