أقلام

تأثير القدوة الحسنة اجتماعيا, ورمزيتها الأخلاقية والفكرية

أعظم قدوة في تاريخ البشرية هو سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام, والأكثر تأثيرا في التاريخ الإنساني, لأنه يمثل الرفعة والسمو والعزة والأنفة والكرم وكل الخصال الكريمة الرفيعة, وقد قال تعالى في سورة المائدة الآية 15 “قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ”, فقد بلغ رسالة ربه بكل أمانة وإخلاص وكان نورا أنار الكون وأخرج الناس من الظلمات إلى النور, فقد كان قائدا ومرشدا وقاضيا وإماما حكيما وداعية للخير والأخلاق الكريمة, دعوته دائما متجددة دينيا ودنيويا, لا تتأثر بالتقادم, مطلقة الأبعاد لا يحدها زمان ولا مكان .
إن القدوة في الحياة لصيقة البشر لا تنفك عن أفكارهم ومكامن مشاعرهم, فكل واحد منا له قدوة بعينها ببعدها الأخلاقي والزمني والمكاني, اتخذ منها هالة يستمد منها قوته المعنوية, ويراها بعين الرضا والإعجاب, فقد تكون حسنة وقد تكون سيئة, ومن هنا يكون التأثير إما سموا ورقيا, وإما ضياعا يتبعه انحطاط خلقي وحياد عن الحق وجادة الصواب, كما أن القدوة الحسنة تصويب فكري اجتماعي, يضبط الفرد ويقوي المجتمع, ويعيد التوازنات الإصلاحية الروحية والذاتية, فيتكيف الفرد في مساره التعليمي والمهني, زيادة على أنها تفتح نوافذ فكرية وثقافية جادة في تقليد المقتدى به والإعجاب بشخصيته الإيجابية المؤثرة, دون ضغوطات خارجية أو إملاءات, ومن هنا يبدأ تلقي إفرازاتها بحرية شخصية لا تعكر صفوها أي احتكاكات ناتجة عن المحيط .
القدوة الحسنة هي تلك المثل العليا و النماذج المثالية المتدفقة التي نراها إشراقه جديدة في حياتنا وإضافة كنا نفتقر إليها, وسموا روحيا تغافلنا عنه, وبعدا للنجاح مطلقا أهملناه, رأيناها في شخص فأبهرتنا, من أخلاق وقيم وتصرفات وأفعال, فنرتقي بأخلاقنا, و كما تأثرنا نؤثر وتتسع دائرة إشعاعنا وحسنا ووعينا, وبالتالي تصبح لنا مكانة نتكيف من خلالها فكريا و إصلاحيا, ليرتقي المجتمع, لنمد جسور الحضارة الإنسانية المجسدة في قيمها الإسلامية, وهذا بحد ذاته انتصار كبير, بدأ صغيرا ليكبر وتكبر معه أحلامنا وآمالنا, ليصبح لنا كيان ووجود ونظرة إستشرافية أخلاقية وفكرية وتطلعات أكبر من المتوقع, حتى نصل لما يرفع مقامنا ووجودنا ويزكي خطانا نحو الأفضل.
القدوة الحسنة متعددة مصادر الطاقات, و فوائدها لا حصر لها فالآباء قدوة, لأنهم يجتهدون في تربية أولادهم, يسعون جاهدين ليكون فلذات أكبادهم خيرا منهم, والإنسان الوحيد الذي يفرح وترتسم البهجة على تقاسيم وجهه هو الأب, عندما يقال له أبنك خير منك, وكذلك المربي والأستاذ والطبيب والعالم الناجح, والإمام والمسؤول الصالح والتاجر النزيه, كلهم يلعبون دورا مهما في رقي المجتمع, الذي بدوره يكون مصدرا لإنتاج أفراد صالحين يكونون ذخرا لوطنهم, لذلك فالقدوة الحسنة تأثيرها الاجتماعي قوي, ورمزيتها الأخلاقية والفكرية كبيرة, نظرا لما تتركه من آثار ايجابية إصلاحية للفرد والمجتمع, وهذا هو الخيار الصحيح الذي ينقصنا في زمن الغزو الثقافي الغربي وتأثيراته المدمرة للأخلاق, والأيديولوجيات المسمومة المسربة والتكالبات الغربية الصهيونية والمدد التغريبي الصهيوني الصليبي والموجات الإعلامية الموجهة لضرب الإسلام والمسلمين وتشويه الدين الإسلامي.
بلخيري محمد الناصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى