إقتصادالأولى

تجسيد التنوع الاقتصادي “مسألة حتمية”

∙       صفقة أوروبا الخضراء تحمل رسالة واضحة للجزائر 

 

 كشف الخبير الاقتصادي المختص في تنمية المستدامة بالجنوب، مختار علالي، خلال حديثه مع “الوسط”، أنه بالنظر إلى المستجدات الاقتصادية الإقليمية والدولية، أصبح تجسيد التنوع الاقتصادي بالجزائر اليوم “مسألة حتمية”، تتطلب إعادة التفكير في اقتصادنا والاستعداد لما هو قادم من مخاطر وكوارث اقتصادية، خاصة في ظل تأكيد المستهلكين الكبار للغاز اختفاء الطلب الأوروبي تدريجيا على إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري بعد سنة 2030، إلى جانب المؤامرات التي تحاك حاليا لإنشاء خط غازي يمر عبر دول إفريقية نحو المغرب، هدفه الأساسي تهميش الدور الجزائري الطاقوي في المنطقة.

وأفصح الدكتور مختار علالي، عن بروز تقارير عديدة تتناول هذا الموضوع، منها تقرير مفوضية الاتحاد الأوروبي، الذي حمل عنوانا استفزازيا فحواه أن الجزائر ستكون وجع الرأس للقارة العجوز واختبارا حقيقيا للسياسة الأوروبية في مخططها للانتقال الطاقوي مستقبلا، فيما يعرف بصفقة أوروبا الخضراء،  معتبرا أن هذه تعد من المؤشرات الخطيرة، بعدما سعى هؤلاء لعرقلة التوجه الجزائري نحو البدائل الإستراتيجية خارج المحروقات، مشددا في نفس السياق، أن هذا التقرير يجعل بلادنا مضطرة إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن قطاع المحروقات، لكن مع الأخذ بالحسبان أن فرنسا تريد إبقاء الاقتصاد الجزائري مرتبطا باقتصادها، محطمة بذلك كل أمل للتوجه الاستراتيجي خارج المحروقات.

 

الاتحاد الأوروبي لا يدخر جهدا لإفشال أي مخطط طاقوي واعد 

 

أكد المتحدث ذاته، أن تطوير قطاع طاقوي قوي يعتمد على الطاقات النظيفة المتجددة، من شأنه أن يخفف من مخلفات صفقة أوروبا الخضراء على اقتصاد الجزائر، مستغربا بالمناسبة أن هناك من أطرافا أوروبية عملت المستحيل لتعطيل مشروع ديزارتيك مع الشريك الألماني في صحراء الجزائر، متابعا أنه أرادوا من وراء التقرير المذكور آنفا، أن يظهروا للعالم أنهم أصدقاؤنا وينصحوننا بما ينفعنا، من منطلق أن أوروبا متفائلة من حدوث تنويع اقتصاد الجزائر بعيدا عن المحروقات، ويتضح ذلك جليا من خلال اتفاقية عام 2017 التي تحدد حسبه الأولويات المشتركة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، في ظل ما تتوفر عليه الجزائر من إمكانيات ضخمة في قطاع الطاقات المتجددة، حيث تضمنت الاتفاقية مقترحات لنقل الطاقة الخضراء النظيفة عبر البحر المتوسط، كما تم إنشاء شراكة مع ألمانيا عام 2015 من خلال شركة مختلطة، بهدف تطوير وتنفيذ سياسة وطنية للطاقات المتجددة والمستدامة، معقبا  في هذا الخصوص، أن التقرير لم يذكر أن الاتحاد الأوروبي لا يدخر جهدا لإفشال أي   تطوير للبدائل الإستراتيجية خارج المحروقات في الجزائر، باعتبارها سوقا كبيرا للمنتجات الأوربية، ومعبرا استراتيجيا إلى أفريقيا.

 

استبدال الغازالجزائري بالغاز النيجيري في 2050

 

أضاف نفس المصدر، في سياق ذي صلة، أن معدي التقرير كشفوا أن الجزائر ليس لديها أسواق بديلة واعدة لبيع مواردها الطاقوية لتعويض سوق القارة الأوروبية، كما لا تلوح في الأفق أية منتجات بديلة للتصدير بشكل كاف، بالرغم من انضمامها لمبادرة طريق الحرير الصينية عام 2018، لكن مع هذا إمكانيات تسويق منتجات الطاقة الجزائرية في الصين تبدو جد محدودة، مؤكدا أنهم بتقريرهم هذا يستفزون هذا التحالف الاستراتيجي بين الجزائر والصين، في رسالة مشفرة لألمانيا، متابعا في نفس الصدد  أنه بالرغم  من كون الجزائر ثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا بعد روسيا والنرويج، إلا أنهم يعملون جادين لاستبدال غازنا بالغاز النيجيري ، بالرغم من أن معظم الصادرات الجزائرية و البنى التحتية للطاقة موجهة للتصدير نحو السوق الأوروبية.

وفي هذا الشأن، أكد الخبير الاقتصادي، أن إستراتيجيتهم لتفعيل الصفقة الأوروبية الخضراء على أساس تخفيض الانبعاثات الملوثة من مصادر الطاقة التقليدية، بنسب تتراوح ما بين 50 إلى 55 بالمائة عام 2030، والوصول إلى قارة أوروبية من دون انبعاثات ملوثة بحلول عام 2050، هو رسالة واضحة للجزائر أنها ستتجه إلى الفقر المدقع إذا لم تغير التوجه نحو البدائل الإستراتيجية خارج المحروقات.

هذا ما سيحدث …؟

كما اعتبر الخبير الاقتصادي، في سيق حديثه مع جريدة “الوسط”، أنه انطلاقا من ذاك التقرير الذي تم إعداده من طرف مسؤولين أوروبيين بارزين، وهم مارك ليونارد وهو مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وجون بيزاني فيري من معهدي بروغل وباتيرسون، جيريمي شابيرو، وهو مدير البحث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، وسيموني تاليا بييترا باحث بمعهد بروغل، وغانترام ب.وولف مدير معهد بروغل، فقد وجب على القائمين على السلطة الجزائرية استحضار عهد الشهداء والإخلاص للوطن، لأننا نتجه نحو مستقبل غامض بظروف قاسية، سيكتب التاريخ عنها بحروف من مواد لا تمحى أبدا، في حال لم نغير خططنا طوعيا وبصفة استعجالية، لأن في ذلك تواطؤا في حق الوطن قد يحقق أطماع الأعداء ومخططاتهم، وحينها يكون وقت الندم فات، متابعا أن لنا في تجارب الدول العربية بداية من العراق عبرا يندى لها الجبين.

حيث عبر الدكتور مختار علالي في الأخير، عن تمنياته من أن تتغير الذهنيات وتتوقف التعيينات في المناصب عبر الهاتف والولاءات، من منطلق أن الجزائر بحاجة إلى أبنائها المخلصين والأكفاء لإحداث التغيير الاستراتيجي المنشود، وتوحيد الجبهة الداخلية عبر تقليص معاناة الشعب من البطالة والفقر، من خلال تخفيض نسب التضخم واسترجاع قيمة الدينار لتحقيق قفزة نوعية في الإنتاج المحلي، واسترجاع الثقة بين الشعب والسلطة التي توسعت فجوتها بفعل الفساد و الحرب الالكترونية الدائرة رحاها اليوم لتركيع الجزائر.

 مريم خميسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى