
عرف العالم مؤخرا حدثا سياسيا أفرز عدة تحولات على الصعيد الدولي خاصة في منطقة الشرق الأوسط وبالخصوص عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حماس كنوع من الحرب الاستباقية ضد الكيان الصهيوني لكن هذه العملية لا تعبر عن تقدم أو تفوق عسكري للمقاومة بل عبرت عن تحول عرفته الحركة من حيث البناء التنظيمي والتوجه الإستراتيجي من حيث التحالفات ،والعلاقات وبينت مدى تأثير التحول الداخلي على التوجه الخارجي، ومن جملة هذه التحولات داخل الحركة هي
ظهور نزعة أو ما يعرف بأولوية الداخل على الخارج ومن هنا برز جناح يضم كوادر حركية تمارس عملها في الداخل الفلسطيني بقيادة يحيى السنوار بصفته رئيس المكتب السياسي للحركة في القطاع دون أن ننسى كذلك الظهور الميداني لحركة حماس في الضفة الغربية تحت إشراف وتوجيهات صالح العاروري هذا على الصعيد الداخلي ولكن على المستوى الخارجي قامت الحركة على نسج علاقات براغماتية منها التقارب مع طهران والاستفادة من خبرات الحرس الثوري الإيراني واكتساب التقنية العسكرية وبالضبط الطائرات المسيرة الحاملة للقنابل هذا التقارب مع طهران له بعد آخر وهو منافسة حركة الجهاد الإسلامي في العلاقات مع طهران وإيصال رسائل إلى القيادات السياسية في طهران بأن حماس هي الوكيل المعتمد للمشروع الإيراني في المنطقة وذلك عن طريق التنسيق الأمني مع حزب الله باعتباره جزء من الطوق المحاصر للكيان الصهيوني والاعتماد على دولة قطر باعتبارها المسوق الإعلامي لمشروع المقاومة والذي نستعمله كورقة ضغط ضد بعض الدول الخليجية التي تتعارض أيديولوجيا مع تنظيم الإخوان المسلمين.
هذه التحولات التي عرفتها حركة حماس ستجعلها مهيأة للتكيف مع بوادر النظام العالمي الجديد الذي لا يقر بمبدأ الهيمنة الأحادية ومن بين المعايير والميزات التي تجعل حماس قابلة للتكيف هي تعاملها المرن مع موسكو وتحت غطاء صيني ومن هنا يمكن طرح فرضية بأن عملية طوفان الأقصى ستسمح أو ستمنح الصين فرصة التدخل في الشرق الأوسط عن طريق دور الوساطة والبحث عن سبل من أجل إيجاد حلول في الأجل القريب لأزمة الأسرى لدى المقاومة
هذا التحول سيطرح عدة تساؤلات في دوائر صنع القرار في الغرب الداعم للكيان الصهيوني ومن بين هذه التساؤلات والتي سيكون الجواب عليها بمثابة مواقف إستراتيجية تعتمدها الدول الغربية في التعامل مع حماس وإعادة النظر في القضية الفلسطينية وهو هل سيكون لحماس دور سياسي بعد انتهاء الحرب وهل ستقوم بطرح أسماء فتحاوية في الأسر تنافس محمود عباس في سلطته على الضفة كاقتراح اسم مروان البرغوثي وربما سيكون اسم محمد دحلان هو البديل عن حركة حماس وبضغط إماراتي وبحجة التنمية وبناء موانئ في شريط غزة
ما يجب التفكير فيه حاليا هو ليس مصير حركة حماس بل يجب التعمق في فهم المستقبل السياسي للمنطقة العربية والقضية الفلسطينية ومستقبل حل الدولتين وأي دور سيكون للجامعة العربية في دعم قضايا التحرر وهل سينجح التطبيع في حالة ما تم استئصال حركة حماس وكيف سيكون الجوار العربي الإيراني ربما ستندلع حرب خليج أخرى بين محور شيعي إيراني ومحور سني خليجي هذا في حالة نجاح الكيان الصهيوني في الحرب لكن لو فشل الكيان يمكن القول بأن التطبيع سيكون بمثابة نكسة ثانية بالنسبة لمن يعتبرونه مشروعا سياسيا يضمن السلام والاستقرار في المنطقة وتبني ديمقراطية ونموذج حكم يؤمن بالسلام مع الصهيونية بكل تفرعاتها الدينية والتاريخية .
عبد الكريم العراجي