
عومر بن عودة
المدرسة هي فضاء لتلقي المعارف والعلوم المختلفة، ومهمتها لا تقتصر على ذلك فقط ،فهي المكان الذي تصنع فيه الأجيال، وفيها تعقد العديد من النشاطات المدرسيّة المتنوعة التي تساعد على صقل شخصيّة الطالب، وإعداده للخروج لتحديات الحياة ، ومن الأمثلة عليها النشاط الرياضي ، والنشاط الاجتماعي والكشفي ، ومسابقات الخط والشعر والموسيقى والرسم. ويعرف النشاط المدرسي بأنّه الممارسات التعليميّة التي يتم من خلالها استغلال الطاقات الكامنة لدى التلاميذ ، منمّية بذلك مواهبهم، وذلك بتناول كل ما يتصل بالحياة المدرسيّة ، وأنشطتها المتنوعة المرتبطة بالمواد الدراسيّة ، أو الجوانب الاجتماعيّة ، أو ما يختص بالنواحي العمليّة كالرياضة، والموسيقى والمسرح.
والنشاط المدرسي ليس بجديد ، فهو قديم قدم المدارس، إذ كان يمارس كجزء مهم من المنهاج في المدارس الإغريقيّة، وذلك بوجود الألعاب الرياضيّة المتنوعة ، والفنون كالتمثيل، والموسيقى، وفي عام 1774م ، أسس “جان بيسداو” مدرسة “حب الإنسانيّة” في ألمانيا ، وخصص ثلاث ساعات يومياً للنشاطات الترويحيّة والبدنيّة ، وفي عام 1869م أنشأ المفكر التربوي “جون ديوي” أول مدرسة تجريبيّة في شيكاغو ، وهي مختصة بالتعليم القائم على النشاط. وقد مر النشاط المدرسي بعدة مراحل هي:
1_ مرحلة التجاهل: في هذه المرحلة كان التركيز على الجوانب العقليّة مرتكزةً على المواد النظريّة ، متجاهلةً النشاطات المدرسيّة. 2_مرحلة المعارضة: هنا واجه النشاط المدرسي معارضةً شديدة من قبل إدارة المدرسة معتقدين بأن هذه الأنشطة تبعد التلاميذ عن التحصيل العلمي.
3_مرحلة التقبل: في هذه المرحلة حدث تقبل بسيط للنشاطات المدرسيّة ، مع تصنيفها كنشاطات خارجة عن المنهج.
4_مرحلة الاهتمام: هنا اعتبر النشاط المدرسي مهماً جداً ، وله قيمته التربويّة ، إضافة إلى دوره في تكوين شخصيّة الطالب ، مما نتج عنه ما يسمى “التعليم بالممارسة” ، حيث دمجت الأنشطة مع المناهج المدرسيّة.
وللأنشطة المدرسية أهمية كبيرة في حياة المتعلم ، منها:
1_تكوين شخصيّة متوازنة متكاملة للمتعلم ، إذ يتم توظيف النشاط المدرسي لخدمة المادة العلميّة ، مما يؤثر في شخصيته تأثيراً كبيراً.
2_يعتبر النشاط المدرسي عنصراً مكملاً للمنهج الدراسي ، وبدونه لا تتم العمليّة التربويّة الفعالة.
3_تساهم في تطوير الخُلق الجيد ، والمعاملة الحسنة ، إضافةً إلى السلوك المستقيم.
4_تعدل السلوك غير السوي وتقضي على أوقات الفراغ ، فتعود التلاميذ على تنظيم أوقاتهم واستغلالها. 5_تكشف عن ميول الطلبة ومواهبهم ، مما يؤدي إلى تطويرها. 6_تعد الطلبة لمواجهة مواقف الحياة.
7_تنمي مهارات الاتصال لدى الطلبة ، من خلال تدريبهم على طريقة التعبير عن الرأيو، واحترام آراء الآخرين.
8_تحبب التلاميذ بالمدرسة.
9_تساعد على رفع المستوى الصحي للتلاميذ.
10_تساهم في تعزيز ثقة المتعلمين بأنفسهم ، وتحملهم للمسؤوليّة.
11_تنمي الصلة بين المتعلم وزملائه ، وبينه وبين معلميه والأسرة ، والمجتمع.
12_تنمي صفة القيادة لدى المتعلمين.
وللحصول على نتائج إيجابية للنشاطات المدرسية ، يجب مراعاة ما يلي :
• التنويع في أشكال الأنشطة المدرسية.
• أن تشمل جميع التلاميذ وتدفعهم للمشاركة.
• التركيز على التلميذ الموهوب ، ودفع الوصاية نحو تبني موهبته ، وإخراجها نحو دائرٍةٍ أوسع.
• تعزيز التلميذ إيجاباً بعد مشاركته الفعالة في الأنشطة المكملة ، مع ضرورة إعلام وليه بمدى التزام الطالب بتلك الأنشطة ، وتمتعه بروح المبادرة، أو امتلاكه لموهبةٍ لم يستطع الأهل اكتشافها أو تنميتها ، فكل ذلك ينعكس إيجاباً على ثقة المتعلم بنفسه، وبأهمية ما يقوم به. وتتعدد أشكال النشاط المدرسي حسب خصوصيات وإمكانات كل مؤسسة تربوية ، وفيما يلي بعض أشكال النشاط المدرسي:
1_الإذاعة المدرسية الصباحية. 2_حفلات إحياء المناسبات الدينية والوطنية مثل: عيد الثورة ، عيد الإستقلال ، يوم المعلم ، ويوم الشهيد ، وغيره من المناسبات الوطنية التي تخص البلاد.
3_تنظيم نشاطات النظافة المدرسية.
4_الكشافة.
5_ الرحلات المدرسية.
6_المسابقات الثقافية والرياضية.
في الأخير وكمؤسسة جزائرية لإطارات التربية والتعليم نثمن ما أقرته وزارة التربية الوطنية خلال الموسم الدراسي الحالي وهو الرفع من نسبة النشاطات المدرسية من 07% إلى 20% ، وهو ما يمكن التلميذ فعلا من تنمية شخصيته ، والتفاعل مع الوسط الذي يعيش فيه والذي يدرس فيه أيضا ، ومن جهة أخرى ، فالتوجه العالمي نحو المجال الفني والرياضي يؤدي حتما بالمدرسة الجزائرية إلى الإهتمام أكثر بهذا النوع من النشاطات المكملة بهدف إكتشاف المواهب والكفاءات