الأولىالجزائر

توازنات جديدة تخلط أوراق الأحزاب

فجر قانون الانتخابات الجديد صراعات كبيرة داخل هياكل الأحزاب خاصة تلك المعروفة بأنها من الأحزاب الكبرى ،وذلك على خلفية  ما جاءت به المواد 188، و99 و200 وخصوصا الفقرة 5 من هذه الأخيرة ،والتي منعت شريحة سياسية واسعة من قادة  الأحزاب وإطاراتها من الترشح ،الأمر الذي أخلط الحسابات وأدخل أغلب الأحزاب في صراعات داخلية بحثا عن مرشحين تتوفر فيه الولاء والشروط معا.

هذا وجاء قرار منع نواب المجلس الشعبي الوطني السابقون من الترشح للتشريعيات المقبلة بمثابة صدمة سواء للأحزاب التي لا تملك قاعدة انتخابية أولا الأحزاب الكبيرة التي أسقط هذا الشرط المنصوص عليه في المادة 188 حق قادتها في الترشح ،كما حرمت ذات المادة فئة كبيرة من المنتسبين لهذه الأحزاب من الترشح في مختلف أوضح قانون الانتخابات الجديدة  حرمان فئة كبيرة من الترشح ، وعلى رأسهم المنتخبون السابقون في مختلف المجالس بدائرة الاختصاص الا بعد سنة عن التوقف ناهيك عن عمال البلديات والولايات ،وكذا أعضاء السلطة المستقلة  بالإضافة إلى الوالي، الأمين العام للولاية، الوالي المنتدب، رئيس الدائرة حتى بعد تقاعدهم أو إنهاء مهام ناهيك عن المفتش العام للولاية، عضو مجلس الولاية، المدير المنتدب بالمقاطعة الإدارية، القضاة، أفراد الجيش الوطني الشعبي، بالإضافة إلى موظفو أسلاك الأمن، أمين خزينة البلدية،المراقب المالي للبلدية،والأمين العام للبلدية، ونفس الأشخاص تم حرمانهم من الترشح إلى الانتخابات التشريعية  بموجب المادة 199 وزادت المادة 200 من القانون من تعقيد الأمور بحكم  أنها تشترط في المرشحين لانتخابات المجلس الشعبي الوطني أن يستوفي الشروط المنصوص عليها في الماّدة 5 من هذا القانون العضوي ، كما يجب أن يكون المرشح مسجلا في الدائرة الانتخابية التي يترشح فيها، ويكون بالغا 25  سنة على الأقل كما يجب أن لا يكون محكوما عليه نهائيا بعقوبة سالبة للحرية لارتكاب جناية أو جنحة ولم يرد اعتباره، باستثناء الجنح غير العمدية ، بالإضافة إلى إثبات وضعيته اتجاه الإدارة الضريبية، وأن لا يكون معروفا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية ، أن لا يكون المرشح قد مارس عهدتين برلمانيين  متتاليتين أومنفصلتين، وهو القرار الذي جعل الأحزاب السياسية في سباق بحثا عن المقاس .

من جانب آخر وضع قانون الانتخابات وخاصة المادة 87  منه بعض الأحزاب في مفترق الطرق في قضية تمويل الحملات الانتخابية  في مفترق الطرق  خاصة بعد الزامها بتموّيل حملاتها  بواسطة موارد يكون مصدرها مساهمة الأحزاب السياسية المشكلة من اشتراكات أعضائها و المداخيل الناتجة عن نشاط الحزب وهو ما ينعدم لدى أغلب الأحزاب التي تعيش سباتا طيلة  05 سنوات ولا تظهر إلا خلال المواعيد الانتخابية لاصطياد رجال المال والأعمال لبيعهم رؤوس القوائم  والحصول على دعم وهبات سواء من جزائريين أو أجانب وهي  العملية التي تم حظرها بالمادة 88 من القانون التي أشارت صراحة انه يحظر على كل مترشح لأي انتخابات وطنية أو محلية أن يتلقى بصفة مباشرة أو غير مباشرة هبات نقدية أو عينية أو أي مساهمة أخرى، مهما كان شكلها، من دولة أجنبية أو أي شخص طبيعي أو معنوي من جنسية أجنبية ، كما حدد القانون عمليات تبديد المال والحصول على مبالغ مالية لدعم الحملات الانتخابية باستثناء ما جاءت به المادة 89 من قانون الانتخابات التي حددت المبلغ الأقصى للهبات بالنسبة لكــل شخص طبيعي في حدود 400 ألف دينار فيما يخـص الانـتـخـابـات الـتشريـعـية، وفي حدود 600 ألف دينار فيما يخص الإنتخابات الرئاسية، ولا عطاء شفافية اكثر لتمويل الانتخابات  وضحت المادة 91 من القانون طريقة صرف مبالغ الحملة الانتخابية  مؤكدة على  أن  كل هبة يتجاوز مبلغها ألف دينار يستوجب دفعها عن طريق الشيك أو التحويل أو الإقتطاع الآلي أو البطاقة البنكية، كما وضعت المادة  92 حدا لشراء الذمم عن طريق المال  والهبات والعطايا  من  خلال  تحديد تمويل الحملة الانتخابية بان تتجاوز نفقات حملة المترشح  للانتخابات الرئاسية 120 مليون دينار في الدور الأول، ويرفع هذا المبلغ إلى 140 مليون دينار في الدور الثاني وتنقص بصفة تدريجية في الانتخابات التشريعية والمحلية ولا يستفيد المرشح إلا من تعويض جزافي قدره عشرة في المائة في حدود النفقات المدفوعة فعلا شريطة توضيحها بدقة.

هذه القوانين الجديدة جعلت العديد من رؤساء الأحزاب يجدون أنفسهم خارج اللعبة السياسية التي كانوا يعتبرونها مصدرا للثراء من جهة ، أو طريقا لبلوغ المجالس لهم ولذويهم من ناحية أخرى ،حيث شهدت العديد من الأحزاب السياسية تراجعا بعد ظهور قانون الانتخابات الذي كبح  الطرق المشبوهة.

 

محمد بن ترار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى