
* تساؤلات عن سقف الحرية الممنوح..
* كيف ستجري عملية التنسيق والعمل؟
تؤكد مؤشرات كثيرة أن السلطات في الجزائروباريس تتجهان لتحقيق اختراق كبير في ملف الذاكرة والأرشيف قبل حلول الأول من نوفمبر القادم وهذا من خلال التعيين الرسمي للمؤرخ بن يامين ستورا الجمعة المنصرم ليكون في مواجهة نظيره الجزائري عبدالمجيد شيخي المعين هو الآخر لنفس الغرض وسط تساؤل عن سقف الحرية الممنوح للثنائي و التخوف من تحقيق تقدم محتشم في ظل وجود لوبيات داخل فرنسا والجزائر قد تعمل على التشويش على المهمة.
المؤرخ الفرنسي بن يامين ستورا
يتوجب على فرنسا البحث عن سلام نسبي للذاكرة
أكد المؤرخ الفرنسي بن يامين ستورا، في مقابلة مع راديو فرنسا الدولي، الخميس الفارط،، أنه “يجب على فرنسا أن تتحرك نحو سلام نسبي للذاكرات، من أجل مواجهة تحديات المستقبل، وحتى لا نبقى أسرى الماضي طوال الوقت، لأن الجزائر وفرنسا بحاجة إلى بعضهما بعضا، وبالتالي سيعمل مع نظيره الجزائري، عبد المجيد شيخي، و عدد من المؤرخين والجامعيين من أجل الوصول إلى الأرشيف بكل حرية، معتبرا الخطوات التي أقدم عليها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مشجعة على تهدئة حروب الذاكرة، التي كثيرا ما تسببت في تسميم العلاقات الجزائرية الفرنسية، خصوصا أن الجزائر وفرنسا حسبه في الوقت الراهن، كل منهما بحاجة إلى الآخر، على الكثير من الأصعدة، على غرار ما تعلق بالاقتصاد والهجرة، وقضايا الإرهاب..
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد كلف بصفة رسمية، الجمعة المنصرم، المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، بمهمة تتعلق بـ”ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر”، والتي من المنتظر أن تصدر نتائجها نهاية السنة الجارية، حيث تأتي هذه الخطوة، من أجل تعزيز المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري، كما تتيح إجراء عرض عادل ودقيق للتقدم المحرز في فرنسا، بخصوص ملف الذاكرة.
يقول الإعلامي حمزة عتبي المقيم في الخليج عبر صفحته على الفايسبوك إن خبر تكليف المؤرخين بنيامين ستورا وعبد المجيد شيخي بمهمة تتعلق بما يسمى “ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر” يبقى ناقصا ويحتاج إلى تفاصيل .
ما هو دور المؤرخين بالضبط في ملف الذاكرة؟ وما هي مهمتهما تحديدا ؟ وكيف ستجري عملية التنسيق والعمل ؟ في أي إطار سيعملان .. تحت إشراف الرئاسة أم وزارة الخارجية أم وزارة البحث العلمي؟ هل هناك أموال مرصودة لهذه المهمة؟ وعلى عاتق من؟
كم تدوم مدة المهمة (يقال 3 أشهر) ؟ فهل هي كافية؟ ما طبيعة قرارات أو توصيات العمل؟ ملزمة أم يستأنس بها فقط؟هل تطرح على الطاولة مسألة الاعتراف بجرائم الاستعمار والتعويض المادي أم أنها مستثناة؟
خ.مريم
////////
المؤرخ رابح لونيسي لـ “الوسط”:
يمكن طي ملف الذاكرة نهائيا مع ماكرون
اعتبر المؤرخ رابح لونيسي، أمس، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون يمهد لطي ملف الذاكرة العالق بينها وبين الجزائر، بصفة نهائية، معتبرا أن تكليف بنيامين ستورا بملف ذاكرة الجزائر، الهدف منه إعطاءه حلول من أجل تجاوز هذا الملف.
وأورد لونيسي في تصريح خص به جريدة “الوسط”، أن هناك اتفاق بين الجزائر وفرنسا، على التجاوز النهائي لملف الذاكرة، مشيرا أن ما سيقوم به ستورا هي بوادر ممهدة للتوصل الى أمور تخص الذاكرة، ممكن أن تصل لحد الاعتراف الطرف الفرنسي، بجرائمه الاستعمارية في الجزائر، كما من الممكن استعادة الأرشيف والإتيان بجزء كبير منه، إلى جانب ملفات أخرى متصلة لها علاقة بذاكرتنا.
ستورا متعاطف مع الجزائر
ولفت المتحدث، أن ما يجهله الكثيرون أن بنجامين ستورا، كان أصلا مستشار للذاكرة عند الرئيس فرانسوا هولاند، وبقي في منصبه عند تولي ماكرون الرئاسة، ونفس الشيء حدث في الجزائر، حيث عين رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، عبد المجيد شيخي، مستشارا للذاكرة، موضحا أن ستورا يعد من المؤرخين الفرنسيين المتعاطفين معنا، ومن الذين ساعدوا الجزائر، من خلال كشفه للعديد من الجرائم الاستعمارية، وبالتالي حسبه يمكن أن يكون ستورا واسطة بين البلدين، معتبرا أن تعيينه سيخدم لصالح تجاوز ملف الذاكرة، ومن يقولون العكس حسبه، لم يقرؤوا لبنجامين ستورا، نظرا لأن مؤلفاته لم تسوق أو تترجم للعربية.
حيث أوضح صاحب كتاب “مستقبل الجزائر في ضوء الإستراتيجيات الدولية”، في هذا الصدد، أن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد وقع في مأزق مؤخرا، عند تصريحه لـجريدة “لوبينيو الفرنسية”، وتم توضيح الأمر بعد ذلك، حين قال: ” أن الرئاسة الفرنسية عينت بنجامين ستورا في 72 ساعة، ونحن في 72 ساعة سنعين واحد من طرفنا”، لكن البعض اتهم الرئيس بعدم قول الحقيقة، وتم عمل شوشرة حول الموضوع بحجة وجود تناقض في التصريحات، وبالتالي إعلان الرئاسة الفرنسية اليوم، قد فصل في الموضوع، وأسكت الكثير من المتطاولين والمشككين، معبرا بالمناسبة عن تفاؤله بخصوص إمكانية حل هذا المشكل، بصفة نهائية، لتصبح العلاقة بين دولتين في إطار احترام متبادل وتعاون اقتصادي لا غير.
فرنسا مجبرة على طي ملف الذاكرة لهذه الأسباب
كما أرجع المصدر ذاته، دوافع الجانب الفرنسي لطي ملف الذاكرة، أن فرنسا اليوم مجبرة على تجاوزه لأسباب عديدة، منها أنها اليوم في حالة انهيار اقتصادي واجتماعي، يحتاج إلى تنازلات في مسائل رمزية تخص الذاكرة، مقابل كسب مصالح اقتصادية، وماكرون أكدها في خطاباته عدة مرات، ومن لم يفهمها لم يفهم تماما هذا الموضوع، بقوله: ” نحن من جيل الشباب ليس لدينا علاقة لا بالاستعمار ولا بجرائم الاستعمار أو غيره، لدرجة أنه وصل إلى تجريم الاستعمار قبل أن يصبح رئيسا، لكن وقعت له ضغوط داخلية، جعلته يتراجع نسبيا عنها، لكن يبدوا أن الأطراف الداخلية المعارضة الممجدة للاستعمار، أصبحت ضعيفة اليوم، بحكم عدة عوامل، وبالتالي كل الظروف الراهنة تمهد لتجاوز هذا الملف، خدمة لمصالحهم.
هناك أطراف تريد أن يبقى الملف سجلا تجاريا
وعلى صعيد متصل، أكد الأستاذ الجامعي والكاتب الأكاديمي المبدع لـ”نظام سياسي بديل، في السياق نفسه، أن “ماكرون هو فرصة للجزائر، لحل مشكلة الذاكرة بصفة نهائية،والدليل أن تكليف بناجمين ستورا هو بادرة ايجابية في طريق ذلك، على اعتبار أن هناك نوعين من السياسيين، فهناك السياسي البراغماتي، والسياسي الذي يطغى عليه الطابع الايديولوجي، مبينا أن الطبيعة السياسية لفرنسا، تغيرت مع ماكرون لأنه براغماتي، مع كل ما يخدم المصلحة المادية لفرنسا، بغض النظر عن وجود أطراف من كلا الجانبين حسبه، تريد أن يبقى الملف كسجل تجاري مفتوح للمفاوضة والمتاجرة، معبرا بالمناسبة، عن تفاؤله بما ستحمله الأيام القادمة من مستجدات حول هذا الموضوع.
مريم خميسة