الأولى

جانفي ..شهر الفصل بين الخيط الأبيض والأسود

الإرباك سيد الموقف

من المنتظر أن يكون شهر جانفي كفيلا بإزالة الكثير من الضبابية التي خيمت على المشهد السياسي، لاسيما فيما يتعلق بمستقبل الرئاسيات، و اتضاح الأمور خاصة فيما يتعلق بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، وهل ستكون هناك عهدة خامسة، أم ستجرى الانتخابات في وقتها شهر أفريل ، أم ستكون هناك سيناريوهات أخرى محتملة كتأجيل الرئاسيات الذي بدأت العديد من الأطراف تستبعده، أم ستكون هناك مرحلة انتقالية، وهل سيبقى البرلمان، أم سيتم حله، فما هي السيناريوهات المتوقعة هذا الشهر ، الذي من دون شك سيظهر ولو قليلا ملامح الوجه السياسي القادم ، ويتبين الخط الأبيض من الأسود في مصير البلاد.


فبعد الكثير من اللغط السياسي حول فكرة تمديد الرئاسيات أو تأجيلها وكذلك عقد ندوة توافق وطني الذي كان عمار غول أحد عرابيها ، و أيضا رئيس حركة حمس عبد الرزاق مقري ، هاهما هذين الشخصيتين بدآ في التراجع في فكرتهم، الشيء الذي يدل على عدم اتضاح الصورة لدى هؤلاء ، ووجود تقلبات في سرايا النظام مازالت لم تحسم الأمور ، لاسيما في ظل تواجد العديد من العوامل أو المعطيات ، يبدو أن القيادة الحالية تعمل في هدوء من أجل الوصول إلى حلول سلسلة.

وبمقابل ذلك بدأ طرح جديد وقوي يدعو إلى الاستمرارية أو استمرارية الرئيس بوتفليقة، كان أولها منسق الحزب الحاكم الآفلان معاذ بوشارب الذي نادى باستمرارية الرئيس بوتفليقة و استمرارية دعمهم للرئيس، مضيفا في ذات السياق أن مصير الرئاسيات سيتضح أكثر بعد 25يوم، أي بعد استدعاء الرئيس للهيئة الناخبة ، وكان قد دعم هذا الطرح عمار غول الذي يصر أنه لا ينطق من فراغ بأن الرئاسيات ستعقد في وقتها، بعد أن كان بلغة الواثق سابقا يدعو إلى تأجيل الرئاسيات ، ليتراجع بقدرة قادر 180درجة في تصريحاته.

ولا يمكن في ظل هذا إغفال تصريحات رئيس حمس عبد الرزاق مقري الذي كان من أول المنادين، إلا أن هذا الأخير أيضا تراجع نسبيا ، وأعطى تفسيرات أخرى لتراجعه وتبرير هذه الطرح الذي قال أنه مشروط ، بما يدل على أن هناك قوة أخرى وراء تراجع مقري و غول ضد طرحهما السابق.

وقبل هذا كانت العديد من المصادر قد توقعت أن يتحدد مصير الرئاسيات منتصف شهر جانفي تاريخ استدعاء الهيئة الناخبة ، ويتبين موقف الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة ،هل سيترشح أم لا يترشح ، إلا أن الكثير من الإشارات تشير إلى استمرارية الرئيس . وفي ظل هذا اعتبر العديد من المتتبعين أن مسارعة بعض الشخصيات إلى ركوب الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة ، هو سابق لأوانه لاسيما و أن الرئيس بوتفليقة مازال لم يظهر موقفه ، هل يترشح أم لا ، و اعتبرت العديد من المنادين بهذا لا تهمهم إلا مصالحهم الخاصة ومصير تموقعاتهم ، وليس حبا في الرئيس مثلما يدعون .

وبعيدا عن هذا مازال طرح قوي يتواجد بقوة ، ويتعلق بمسألة البرلمان هل سيتم حله ، أم سيبقى البرلمان على حاله ، في حين هناك من يربط عملية حل البرلمان بالتأجيل الذي سيكون نتيجة منطقية لهذا الحل ، في حين هناك بعض التوجهات تعتبر أن مسألة البرلمان متأخرة، خاصة مع قرب الرئاسيات ، و أن الوقت غير كافي لذلك ، ضف إلى ذلك أنه من الناحية القانونية لا يمكن حل البرلمان قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الرئاسيات .

وفي ظل كل هذا ما هي السيناريوهات المحتلمة في هذا الشهر الذي من الممكن أن يكشف عن العديد من الملامح فيما يخص مصير الرئاسيات ، و التشكيلة الجديدة ، هل سيترشح الرئيس بوتفليقة ، وان ترشح من هم المنافسون الذين سيدخلون معه السباق ، خاصة و أن العديد من الشخصيات ذات الوزن الثقيل هي في حالة تحفظ من الترشح في حال ترشح الرئيس بوتفليقة .

و بالموازاة مع هذا ، يستمر الحديث عن استحداث منصب نائب الرئيس في إطار التغييرات القادمة و التعديلات الدستورية ، فهل مازال هذا الطرح موجودا ، ومن سيكون نائب الرئيس ، يا ترى، قابلته دعوات إلى مرحلة انتقالية ّ، فكيف ستكون هذه المرحلة الانتقالية وماهي مدتها ، ومن سيقودها يا ترى .

في ذات السياق ، سيكون تنصيب أعضاء مجلس الأمة ، وكذلك الأعضاء الجدد للثلث الرئاسي في إيضاح الصورة نوعا ما ، و الذي سيتم في حدود 8جانفي ، يقابله حديث عن وجود تغييرات على رأس الحكومة ، وكذلك حركة على مستوى الولاة .

ماهي السيناريوهات المحتملة للخريطة السياسية ، لاسيما فيما يتعلق بالأحزاب السياسية بشتى أنواعها إسلامية ، و أو من التيار الوطني ، لاسيما في ظل حديث عن وجود حركة تصحيحية داخل حزب حمس و الذي كان مقري أول من كشف عنها ، و المؤكد أنها ليست حركة من فراغ بعد أن كمان رئيس الحركة هو من تحدث عنها ، في ظل نشاط غريمه أبوجرة سلطاني في وعاء آخر اسمه المنتدى العالمي للوسطية ، لكن في الحقيقة أن أبوجرة يريد أنه يحافظ على بورصته في الساحة السياسية الوطنية و الدولية ، وهو مما لاشك يقلق مقري ، خاصة بعد كثرة الظهور الإعلامي لأبوجرة ، وتنسيقه مع الكثير من الأحزاب الأخرى و الشخصيات . كل هذه التحركات ورغم رفع أبوجرة لشعار السلم ، وعدم التخلاط  لصديقه السابق، إلا أنه يبدو أن مقري يراها طريقة ما في لي الذراع ، أو  أضعافه ، أو الإشارة له بأن البديل موجود في حالة وجود أي تصرف ومواقف خارجة عن ماهو مسطر .

ومن ناحية أخرى ، يبدو أن نتائج انتخابات السينا الأخيرة ، ساهمت في تأجيج عدم الرضا وسط الأرندويين وعدم الرضا عن رئيس الحزب أحمد أويحيى ، الذي هو الآخر له حركة تصحيحية نائمة تتربص به ، و التي من المؤكد أنه سيتم تفعيلها في ظل هذه النتائج التي جعلت من الأرندي قزما في مجلس الأمة أمام الآفلان ، رغم أن الأرندي لطالما اعتبر نفسه حزبا للنظام ، لكن يبدو أن هذه النتائج لن تمر مرور الكرام ، والتي هي دليل واضح على تقهقر الحزب بقيادة أحمد أويحيى .

وعلى العموم ، سيكون شهر جانفي وما بعده كفيلا ، بإيضاح الصورة فيما يخص الخارطة السياسية في الجزائر بمختلف مستوياتها ، ومن شأنه إزالة الضبابية و التساؤلات عن المشهد السياسي القادم .

عصام بوربيع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى