أقلام

حرائق الغابات … الإرهاب البيئي

على جبهة الإطفاء كانت النيران المجنونة في حالة سباق مع الرياح لتلتهم الوجه الآخر الجميل لمعالم بلدنا الذي يخوض معركة الطبيعة التي تتعرض باستمرار وبشكل قبيح لافتعال حرائق الغابات بعدما فعلت فعلها من قبل العصابات الإرهابية.
إن انتظام موعد الحرائق بين منطقة وأخرى ، ماهو إلا مؤشر خطير جداً لفوضى الطمع والجشع حين يرتكب الإنسان اللامنتمي إلى بيئته وأرضه ووطنه عن قصد أو نتيجة الإهمال واللامبالاة أخطاء جسيمة بحق الغطاء النباتي والتنوع البيئي، ليقايضه بتجارة خاسرة بعدما طغى مفعول المادة الرجعي بجوانب مؤذية ومخربة على العديد من من متطلبات العيش لجميع المخلوقات وليس الإنسان فقط، أو لينتقم بعض المأجورين من مقدرات وصمود الشعب بأدوات أخرى من التخريب.
لقد كان منظر سحب الدخان الأسود والأبيض المتصاعد في الأفق وراء الجبال الممتدة لعشرات الكيلو مترات من المسافة، في غابات تيزي وزو و بجاية على سبيل المثال لا الحصر يجعل النفس البشرية تحزن بألم على مصير ذاك الغطاء الأخضر ومايعنيه في علوم الحياة والطبيعة من استقرار وتوازن بيئي لجميع المخلوقات وليس الإنسان فقط.ناهيك عن خسارة الفلاحين والمزارعين لمحاصيلهم المؤقتة والدائمة.
إن منظر السواد القاتم الذي بات الصورة المألوفة لمعظم جبالنا ومناطقنا ومعالمنا السياحية لم يعد مقبولا، بتنا أحوج مانكون إلى حملة مجتمعية على الصعيد الرسمي والشعبي لاستنهاض حالة الوعي والحرص والغيرية المسؤولة بكل التفاصيل المطلوبة في هذا الزمن الصعب الذي استبيحت فيه معظم القيم والمحرمات.

في الماضي كانت غاباتنا هي المقصد, واليوم وصلت ألسنة اللهب إلى تهديد الناس في بيوتهم ولقمة عيشهم, فكانت تلك الحرائق بمنزلة كارثة إنسانية وليست بيئية فقط!!

إن وجع الحرائق الذي عمّ بعض المناطق أثبت أن الشعب واحد, وأن الجرح واحد, وتلك حالة من التكاتف كنا نتوق إليها رغم الألم, فتعاون المجتمع المحلي مع الجهات الرسمية كان مشهداً حاضراً وبقوة, فكيف ننسى من سارع إلى إطفاء الحرائق ولو بيديه العاريتين؟
ولعل الأهم في هذا الجانب أيضا أن يعاد النظر بكل مواد قانون العقوبات الرادعة وأن تطبق بحق المخالفين والعابثين بأمننا البيئي الذي ينعكس سلبا على السلامة العامة لجميع أبناء المجتمع في مختلف الميادين والصعد.
نحتاج إلى توسيع نافذة الإدراك لخطورة ما نحن فيه ومايحاك حولنا، كي نجيد خطط المواجهة بأقل الخسائر.. حفظ الله لنا هذا البلد وهو يخوض معركة الوجود بكل أبعادها.

 

بن فردي شعيب 

 

لقد أحرقوه و أحرقوا قلوبنا 

حيا احرقوه، و زورا تهمة لفقوه وعذبوه، لم تشفع له إنسانيته، ولا توسلاته، ولا ارتجاج اسنانه، او ارتجاف جسده ، وهو يقاد الى الموقدة التي اعدت للفريسة التي ازدحمت بالوحوش؛ بينما كانت عينا الضحية ترصد بفزع ما يجري حولها من عري اخلاقي وانساني، وشهوة القتل التي استبدت بالضواري من وحوش الغابة، قبل ان تفتك بالفريسة حية !

هو مشهد تهتز لهوله الجبال الراسيات، وترتعد من فظاعته فرائص الجبابرة، في لحظة فقد فيها القتلة ادميتهم، وهم يتلذذون بوجع الضحية ودمائها، ، الذي سد افق الغابة، في ذات المكان الذي شهد المجزرة الكبرى التي لم ولن تسقط من الذاكرة.

ماذا أرادوا بالضبط ، وهل ما زال في القلوب متسع للرحمة أو ذرة من إيمان أو شيء من إحساس وخوف من الله عز وجل والحساب .. والعقاب في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون!! 
بأي منطق يتحدثون وبأي أخلاق يتعاملون بها وبأي عقل يتصرفون  وبأي قلب يحاورون الواقع .. والحياة .. والآخرين!!
هل نندد بمن أحرق شجرة و لا نندد بمن أحرق إنسان؟! رغم أن التنديد لن يُعيد من مات.

للأسف لقد أحرقوه و أحرقوا قلوبنا .. وأبكونا حزناً ولكي لا تمر هذه الجريمة دون عقاب؛ ينبغى التعامل مع الضحية كايقونة، نقيم لها في كل بيت وفي كل قرية ومدينة مأتما وبيت عزاء، 

 

 بن فردي شعيب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى