المحلل السياسي محمد بوضياف “للوسط”:
-
دعوات المجلس التأسيسي مناورة للحفاظ على المكاسب
-
لجلوس على طاولة الحوار والالتزام بمخرجاته هو بداية الحل
اعتبر المحلل السياسي محمد بوضياف في حوار خص به “الوسط” بأن قائد الأركان السابق خالد نزار وتصريحاته في اتجاه قائد الأركان الحالي ليست بريئة وتنمو عن تخوفات من المسائلة عن تجاوزات يعاقب عليها القانون تورط فيها بعض من أدار العشرية السوداء وغطت عنها أنظمة سياسية تعاقبت، مشيرا بأن الانتقادات التي طالت تنصيب لجنة الحوار و الوساطة محاولة لهدم كل جهد من شأنه إنهاء الأزمة.
- بداية، ما تعليقك على لجنة الحوار والوساطة؟
لجنة الحوار هي المشهد الثاني في امتحان الانتخابات الرئاسية التي يتطلع إليها كل الجزائريين لإنهاء التي تعيشها البلاد منذ 22 فيفري والتي تتهدد البلد في استقراره ، وليس لعاقل أن يغالي في تقييمها وبمعايير مثالية قد تؤول بها إلى الفشل ، فهي في كل الأحوال أحد مخرجات الحوار المجتمعي الدائر بين الفاعلين منذ قرابة 6 أشهر ، فهي من جهة تفتقد إلى الوهج والأسماء الثقيلة مخافة الوقوع في أسر الزعامة وما يترتب عليه من مكابرة واعتبارات نفسية قد تعقد المشهد أكثر عند التعاطي مع التفاصيل السياسية، و في المقابل تعكس الخبرة الميدانية على أكثر من مستوى مؤسساتية دستورية ، نقابية، علمية وهي من رحم الحراك الشعبي ونخبته ، صحيح أن الانتقادات طالتها وتعمل على إفشالها بسبب التوجهات الإيديولوجية لبعض منتسبيها ، أو بحجة أنها قبلت التحاور مع الباءات التي كانت تطالب هي بذهابها ، لكن عقلنة المطالب وقطع الطريق أمام عمليات الجزر التي تسعى بعض الأطراف إحداثها لإفراغ العملية السياسية من محتواها وهدم كل جهد من شانه إنهاء الأزمة يقتضي أن تنطلق جلسات الحوار ذات المهمة المحددة دون الاكتراث كثيرا بما يقوله المخوفون إن لم نقل المرجفون .
-
قوى البديل الديمقراطي جددت دعوتها إلى المجلس التأسيسي والمرحلة الانتقالية، هل تتفق مع هذا الطرح؟
قد نفهم أن التشبث بالمطالب التعجيزية التي يحرص عليها كل من الأفافاس والأرسيدي اللذين يوهمان الكثيرين من الجزائريين أنهما يرتهنان مصير منطقة من المناطق الجزائرية ويعبران دون وجل عن ذلك في خطاباتهم السياسية ،هو شكل من أشكال الضغط على مؤسسات الدولة من أجل تمكينهما خارج اللعبة الديمقراطية وألياتها الانتخابية ، وممارسة الابتزاز السياسي بالرغم من تواجد روافدهم السياسية والمدنية والادارية في مفاصل الدولة الجزائرية وعموم مؤسساتها ، هذا دون اعتبار ارتباطاتهم الفكرية والحياتية بنمط واسلوب غير ما يتطلع إليه الشعب الجزائري الثائر في ميادين الحراك الشعبي ، وعليه فلا يمكن اعتبار مثل هذه المواعيد التي يضربها في كل مرة ومنها التفاف السياسي المزعوم الا مناورات سياسية للحفاظ على ما مكاسب أسس لها نظام الريع والفساد البائد
-
ألا تظن بأن مصير ندوة عين بنيان ستلحق بأرضية مزفران؟
ندوة عين البنيان تدخل في إطار مسار وطني شامل لا يمكن فصله عن بقية اللقاءات التي تجريها الفعاليات السياسية والمدنية، والتي تصب في مجملها في السعي نحو ايجاد حل للازمة الجزائرية، فمجرد قبول والاتفاق حول طبيعة الحل الدستوري والذهاب الى الانتخابات هو في حد ذاته انجاز سياسي وتقدم نحوه الباقي تفاصيل يمكن ضبطها في لقاءات الحوار التي ستباشرها الرئاسة في قادم الايام ، فهي اذا خطوة ضمن خطوات تتسارع نحو هدف واحد هو انقاذ الجزائر ولا يمكن بأي حال تجاهل الجهود والوثائق التي قدمت في هذا الاطار
-
برزت العديد من النقاط للسطح المتعلقة بالتوازن المدني – العسكري، كيف تقيمون مرافقة المؤسسة العسكرية، خاصة إثر تأكيدها على دعم خطاب بن صالح الخاص الحوار؟
ثنائية التوازن المدني والعسكري في الحياة السياسية الجزائرية يكاد يكون ناظما لها فمنذ أيام الحركة الوطنية والمسالة تطرح وتصاعدت إبان الثورة وبعدها فليس غريبا أن تطفو إلى السطح من جديد ، فالكل يعرف ويعترف بضلوع المؤسسة العسكرية في الشأن السياسي الجزائري ، والقول بأن الجيش بعيد عن الحياة السياسية هو من باب ترسيخ الثقافة المدنية وتشجيع المدنيين على أخذ زمام المبادرة وبحث الحلول بعيدا عن مؤسسة الجيش التي يناشدها هذا الطرف أو ذاك من أجل التدخل ، أظن أن الجيش هذه المرة يعمل على تنقية الأجواء للمدنيين ، وقطع الطريق على عناصر النظام القديم ممن تشوهت أياديهم وتلطخت بدماء الجزائريين وامتلأت بطونهم بأموال دون حق ، فمشكلة السلطة باتت تؤرق المؤسسة العسكرية وصارت تناشد النخب وتدعوهم إلى الانخراط في مسارات الحل .
-
من أي زاوية تقرأ تعدد المبادرات السياسية للخروج من الأزمة؟
أظن أن مجمل المبادرات تتكامل فيما بينها وتتفاعل ، وهي حوارات مجتمعية تليق بشعب ثار من أجل استعادة إرادته ، وهذه المبادرات هي حالة من العقلنة والترشيد لشعارات الشارع وصرخاته وأنينه ، إدارة هذه المبادرات وصقلها من أجل تحقيق تطلعات الشعب وتلبية طموحاته مهمة الفريق السداسي الذي قبل أن يكون قاطرة الحل ، وكل الثقل سيكون على عاتقه إذ يجب عليه إقناع هذه الكتل القيادية المختلفة وترويض مطالبها ليتشكل إجماع وطني على الأقل في المهمة التي كلفوا بها والمقصود هنا إقامة انتخابات حرة ونزيهة دون المساس بمؤسسات الدولة وهيكلها ، فالاختلافات الإيديولوجية مسألة طبيعية يجب التعامل معها من خلال معياري ضمان الحقوق و التمثيل الشعبي ولا يحصل ذلك إلا عبر دستور يحترمه الجميع و الانتخابات الحرة والنزيهة هي الميزان الذي يعطي كل تكتل حقه وترفع النقاش السياسي إلى مؤسسات الدولة بعيدا عن الشارع.
-
ما تعليقك على التصريحات الأخيرة لخالد نزار ضد قائد الأركان؟
تلميحات قائد الأركان السابق وتصريحاته في اتجاه قائد الأركان الحالي ليست بريئة وتنمو عن تخوفات من المسائلة على دماء سالت ومصالح ضاعت، وربما تجاوزات يعاقب عليها القانون تورط فيها بعض من أدار العشرية السوداء وغطت عنها أنظمة سياسية تعاقبت، فالحديث عن المحاكم الدولية وربط مصير الجميع في القرار آنذاك هو محاولة للدفاع والردع، لكن على ما يبدوا فان السيف قد سبق وحان وقت الحساب رغم كل الوجع الذي سيحدثه، فجيل جديد من أبناء المؤسسة العسكرية وهم أبناء الشعب، لم يكن طرفا في الأزمة ولم تتلطخ أياديه.
-
ماهي الحلول للخروج من الأزمة؟
الحلول كما أراها هي، أولا الإيمان بالجزائر موحدة رغم التنوع الثقافي والبعد عن كل مغامرة تجر إلى المساس بالمكاسب والانجازات والحرص على البناء عليها وتثمينها ، حل الأزمة وبكل تأكيد يكمن في الحوار والاستعداد للنقاش بعيد عن الشروط المسبقة ، فالجلوس إلى طاولة الحوار والالتزام بمخرجاته هو بداية الحل ، ثم الشروع في بناء مؤسسات شرعية بداية بمؤسسة الرئاسة مفتاح اللعبة السياسية في الجزائر والتي يمكنها القيام بالتعديلات الدستورية التي تلبي تخوفات من يصفون أنفسهم بالأقلية، والتي يمكنها (مؤسسة الرئاسة ) حماية الدولة ومصالحها واستكمال مسار الإصلاح ومكافحة الفساد ، وتنقية البيئة السياسية من تسلط الفاسدين وضمان حياد الإدارة لتستعيد مسارات التنمية أنفاسها وتشرع في رسم طريق الخروج من التبعية للنفط وتنويع الاقتصاد الوطني بما يخدم رفاه لمواطن الجزائري.