الأولىالعالم

داخل الفضاء المغاربي..مخاوف رسمية من تراجع الفرنسية

أثار الرئيس الفرنسي ماكرون على هامش قمة المنظمة الدولية للفرنكفونية التي انعقدت قبل أسابيع مؤخرا في تونس تحت شعار: التواصل في إطار التنوع والتكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرنكفوني-
مسألة التراجع الملحوظ للغة الفرنسية لصالح اللغة الأم واللغة الإنجليزية في بلدان المغرب العربي خلال العقود الأخيرة مما جعلها في المرتبة الخامسة من بين اللغات الأكثر انتشارا واستخداما علي شبكة الإنترنت عالميا.
مطالبا بإعداد مشروع لاستعادة مكانة اللغة الفرنسية في مناطقها المعهودة سابقا وتعزيز حضورها علي مستوى شبكة الإنترنت وفي المنظمات والمحافل الدولية من خلال الارتهان للتعليم والثقافة والرياضة كعامل وحدة ورفع شأن للارتقاء بالفرنكفونية وقد أبدى تفهمه دون أن يعرج على طبيعة الأسباب أو الدوافع الموضوعية.
وكأنه نسي أو تناسي عن قصد أو غير قصد تراجع الدور المحوري الفرنسي هو الآخر من مناطق نفوذه الواسعة والتاريخية في أفريقيا حيث إن هذا التراجع في اللغة لم يعد يشكل مخاوف تذكر بل أضحي واقعا قائما تعود تداعياته في المنطقة المغاربية إلى سعي حكومات هذه الدول إلى تعريب مناهج تعليمها والتعدد اللغوي وكسر ازدواجية اللغة التي كان معمولا بها في السابق.
بالإضافة إلى أن لغة الأبحاث العلمية والاقتصادية علي مستوى الجامعات باتت إنجليزية صرفة أمام إكراهات العولمة والمرحلة.
بينما ساهم الوعي المتزايد لدى شعوب المنطقة في التحرر من قيود الماضي والتبعية العمياء
في ظل رفض فرنسا المتكرر للاعتذار عن حقبة ماضيها الاستعماري الإنساني والتعويض عن الأضرار والخسائر وتصحيح الأوضاع الحقوقية والإنسانية، فالحضور الفرنسي في المجال الإفريقي الفرنكفوني أصبح اليوم عسكريا أكثر منه اقتصاديا وثقافيا ضمن مسار تحولي فرضه الوضع الدولي تحت ظروف ومسميات الحرب علي الإرهاب أو بأسماء متغيرة ومستعارة..
كما أن تراجع اللغة هو انعكاس لتراجع مكانة ودور فرنسا وتأثيرها علي الدول المغاربية، واستمرار تباين العلاقات بين فرنسا من جهة ودول شمال أفريقيا ودول الساحل من جهة أخري.
في حين شكلت الازدواجية الفرنسية في التعامل مع حكومات وشعوب المنطقة المغاربية مظهرا من مظاهر هذا التراجع من خلال وضع العراقيل والصعوبات أمام مواطنيها عبر إجراءات وقرارات خدمت الاستهلاك السياسي الداخلي الفرنسي أكثر من العلاقة الثنائية والتاريخية بين حكومات وشعوب المنطقة وفرنسا.
لقد أصبح النفوذ الفرنسي داخل مستعمراته الإفريقية يواجه تحديا كبيرا نتيجة أزمة ثقة تراكمية جعلت شعوب المنطقة تكره الوجود الفرنسي علي أراضيها وترغب في القطيعة وترفض كل أشكال التبعية وقبول الوصية علي غرار ما حصل في مالي والذي بدأت إرهاصاته وتداعياته تظهر في بوركينافاسو هي الأخرى وفي المحيط الإقليمي.
تأسيسا علي ما سبق يلاحظ جليا أن اغلب الدول الناطقة بالفرنسية والمستعمرة سابقا تصنف اليوم من أكثر دول القارة الإفريقية فقرا وأقلها إستقرارا حيث ما زال أكثرها يخضع لأنظمة سلطوية أو تتعاقب فيه الإنقلابات العسكرية مقارنة بالدول الناطقة بالإنجليزية الأكثر إستقرارا والأنجع إقتصادا واقع ألقي بظلاله علي العلاقات جيوسياسية والمزيد من التوتر في المواقف الدولية من دول المنطقة اتجاه فرنسا.
لتبنيها سياسات واستراتيجيات خاطئة في الاتجاه المغاربي والإفريقي مما أفقدها دورها الريادي والتاريخي في المنطقة وقلص من نفوذها لصالح قوى اقتصادية وعسكرية صاعدة كروسيا والصين وتركيا… والتي بدأت لغاتها هي الأخرى تتوسع وتشغل اهتمام الرأي العام في القارة الإفريقية فهل بدأ النفوذ الفرنسي في أفريقيا في الأفول قبل السقوط الحر؟
أم أن ميزان القوى داخل أفريقيا في طريقها إلى التغير؟
أباي ولد اداعة/كاتب من موريتانيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى