
روبورتاج/ أمين بن لزرق
منطقة من مناطق الظل في ولاية غليزان، محرومة من أبسط مقومات العيش الكريم، المواطن فيها لم ينعم لحد الساعة بلذة الحياة، تجده ناقما على ظروف معيشته وغاضبا من المسؤولين الذين إنتخبهم ولم يكلفوا نفسهم عناء التكفل بإنشغالاته، هي منطقة الرحايلية في ولاية غليزان .
ويعيش سكان دوار الرحايلية التابع إقليميا لبلدية بلعسل بوزقزة، حياة إجتماعية قاسية، تغيب فيه أدنى متطلبات العيش الكريم، فلا طرقات تصلح للسير ولا إنارة عمومية تضيئ للمواطنين طريقهم، ولا تغطية صحية تقيهم شر الأمراض والأوبئة .
الزائر لدوار الرحايلية 1و2 يكتشف من الوهلة الأولى حجم معاناة الأهالي، الذين يواجهون ظروف إجتماعية قاهرة، فتجدهم يئنون في صمت، ولا أحد من السلطات إنتبه لمعاناتهم رغم شكاويهم المتعددة ونداءات المتكررة .
هذا الركن المنسي الذي لا يتذكره المسؤولون إلى في المواعيد الإنتخابية، تنعدم فيه كل مقومات الحياة الكريمة وهو ما تلمحه في االحياة البدائية للمواطنين القاطنين به، ولطالما ما إشتكوا من قساوة العيش فيه، حيث فقدوا الأمل كلية في تجسين ظروف معيشتهم لأنهم سئموا الوضع وأدركوا ان نداءاتهم لا تصل للسلطات وإن وصلت فلا أحد يهتم بهم ولا يعيرونها أي إهتمام .
عزلة خانقة
يشتكي سكان دوار الرحايلية المنقسم إلى شطرين الرحايلية 1 والرحايلية 2 من تدهور كلي لشبكة الطرقات أوبالأحرى إنعدامها، حيث لا يذكر أقدم ساكن أنه تمت برمجت مشروع تهيئة طريق التي توصلهم إلى الطريق الرئيسي المؤدي لدوارهم، فالطرقات فيه ترابية تتحول إلى أوحال ومستنقعات كبيرة بمجرد سقوط زخات الأمطار ما يصعب عليهم المشي والتواصل مع باقي المناطق، حيث يجدون مشقة كبيرة في تنقلاتهم بخاصة فئات التلاميذ الذين يظطرون للتغيب عن مقاعد الدراسة خلال الأيام الممطرة لصعوبة التنقل .
إهتراء شبكة الطرقات يحتم على السكان ملازمة بيوتهم خلال هذا الفصل الممطر ويجعلهم يجدون صعوبات كبيرة في توفير حاجياتهم الضرورية، وهو الامر الذي يجعلهم يستعملون الجرارات للخروج من الدوار والوصول لأقرب منطقة لإقتناء حاجياتهم من مواد غذائية وقارورات غاز البوتان .
إنعدام النقل المدرسي يعمق معاناة التلاميذ
ويبقى أهم مشكل بالنسبة للعائلات بدوار الرحايلية هو معاناة أبنائها المتمدرسين ممن يزاولون دراستهم حيث يجدون صعوبة ومشقة كبيرة في الوصول لمدرستهم حيث يقطعون ما يقارب الكيلومترين مشيا على الأقدام بسبب غياب وسائل النقل والنقل المدرسي غير المتوفر للتلاميذ الصف الإبتدائي من يدرسون بالمدرسة المتواجدة في الناحية الأخرى من الدوار، وهو ما يرهقهم وسبب لهم متاعب كثيرة بصفة يومية، ويظطر الأولياء في غالب الأحيان لمرافقة أبنائهم الصغار للوصول إلى مقاعد الدراسة .
هذه المعاناة لم تتغير منذ عدة عقود بسبب إهمال السلطات المحلية لمطلبهم بتوفير حافلة للنقل المدرسي تنقل الأطفال لمدرستهم المجاورة، وإصطدمت كل محاولاتهم لكسب ود المسؤولين من أجل توفير النقل المدرسي لتبقى المعاناة متواصلة بالنسبة للأبناء والعائلات نساءا ورجالا .
الدوار خارج مجال التغطية الصحية
لعل أكبر مشكل يعانيه سكان هذا الدوار هو إنعدام التغطية الصحية، حيث أن قاعة العلاج الوحيدة مجرد هيكل دون روح ولا تتوفر على أدنى الوسائل لعلاج المرضى والتعامل مع أبسط الأمراض لغياب الطبيب وتواجد ممرض واحد فقط ودون إمكانات لازمة لضمان تكفل صحي مناسب .
معاناة سكان دوار الرحايلية لا تكاد تنتهي بخاصة مع التغطية الصحية التي تنعدم إطلاقا ويظطر المواطنين لقطع ما يقارب 10 كيلومترات للوصول للطبيب من أجل فحص عادي وميا على الأقدام.
وقد أثار فيديو لعائلة تداوله الكثير من الناشطين عبر مواقع التواصل الإجتماعي فايسوبك، صوره مواطن كان رفقة عائلته تحمل طفلها لمسافة 7 كيلومترات من أجل الوصول للطبيب للكشف عن حالته الصحية وتحت الأمطار التي تسبب في تشكيل برك كبيرة ومستنقعات من الأوحال أعاقت سير العائلة التي عانت كثيرا وهي إلى طريقها للطبيب .
قافلة طبية أنسانية تتكفل بعلاج سكان الرحايلية
دفع غياب التغطية الصحية الضرورية لسكان دوار الرحايلية ومعاناتهم من أجل الوصول إلى الطبيب، إلى قيام مجموعة أطباء غليزان إلى تنظيم مبادرة إنسانية لهذا الدوار من أجل الكشف عن المرضى وتوفير العلاج لهم دون عناء التنقل وقطع مسافات طويلة .
هذه المبادرة مكنت المواطنين بهذه المنطقة من الإستفادة من علاج مجاني وبالقرب من سكناتهم عكس ما كانوا عليه سابقا، حيص كانوا يقطعون ما يقارب 2 كيلومترا ذهابا وإيابا من أجل فحص عادي، وهو ما جعلهم يستحسنون المبادرة ويتمنون تكرارها مستقبلا.
وتنقل فريقين طبيين مرفوقين بالطاقم الإداري لمجموعة أطبـــاء ولاية غليزان ضمن القافلة الطبية الإنسانية التي حطت بدوار الرحايلية المحروم وشملت تقديم الفحوصات الطبية المجانية للمواطنين من طرف 6 أطباء( 03 أطباء أخصائيين، طبيب عام+ 02 أطباء الأسنان)، بمساعدة طاقم شبه طبي، وتوزيع أدوية للمواطنين الذين تم فحصهم من طرف صيادلة المجموعة ( ثلاث صيادلة)
وقامت أيضا القافلة بتوزيع بعض الألبسة، الاغطية، الأفرشة ، الحفاظات،.. على المحتاجين. والتي تم جمعها من مواطنين من مختلف بلديات الولاية.إلى جانب القيام بنشاط ترفيهي موجه لفئة الأطفال من مختص رفقة ( 02 مهرجين)
وللإشارة فقد تمت هذه العملية في اطار تنظيمي محكم مع تطبيق صـــارم لجميع تدابيـــر الوقاية للحد من إنتشــــار فيروس كوفيد-19.
ويقول الدكتور ” معروف أحمد ” أخصائي في كل الأطفال أن مجموعة أطباء غليزن النشطة عبر مواقع التواصل الإجتماعي أخذت على عتقها مهمة التنقل لهذه العائلات المحرومة وضحت بعطلتها الأسبوعية من أجل إنجاح العملية والمبادرة حيث رافقهم عدة أطباء عامون ومختصين من أجل ضمان تغطية صحية شاملة ومنح المرضى الأدوية المناسبة بالمجان .
الدوار بحاجة لمشاريع تنموية كثيرة
يتطلع سكان دوار الرحايلية إلى غد أفضل من خلال تدخل السلطات الولائية ببرمجة مشاريع إنمائية مهمة تتمثل في مشاريع التهيئة لشبكة الطرقات الفرعية المؤدية من وإلى الدوار إلى جانب مشاريع أخرى تعلق بتحسين ظروف حياتهم وتوفير متطلبات الحياة الكريمة على غرار توصيل الكهرباء والإنارة العمومية إلى جانب مشاريع السكن الريفي الذي يبقى صعب المنال بالنسبة للكثير من المواطنين ممن يعيشون حياة ضنكا داخل أكواخ وسكنات هشة .
ويبقى المطلب الرئيس لسكان دوار الرحايلية هو تدعيم قاعة العلاج بطبيب يوفر التغطية الصحية للمرضى ويوفر عنهم عناء التنقل إلى المناطق المجارة من أجل كشف طبي عادي وتخليهم من معاناة لازمتهم طويلا، وتخصيص النقل المدرسي للأطفال المتمدرسين ينقلهم للمدرسة ويريحهم من المشي اليومي والمتاعب التي سببها لهم غياب النقل المدرسي .