
إشعاعات التفجيرات النووية في صحراء الجزائر
تعود ذكرى التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، وسط استمرار تجاهل ضحايا الإشعاعات المتواصلة، وغياب التعويض عنهم، لتستمر جرائم فرنسا في صمت، في ظل هيمنة الجانب الفرنسي على خرائط التفجيرات وبالتالي بقاء المناطق الخطرة غير محددة تماما منها منطقة الحمودية برقان، وأكثر بعين إكير، وهو ما يستدعي فتح مطالب بجلبها على غرار مطالب الأرشيف.
مع عودة ذكرى التفجيرات النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية، كل سنة، تعود المطالب لتطفو للسطح، بداية من دعاوى تحويل 13 فيفري ليوم عالمي ضد النووي، خاصة أنها تمثل أكبر الانعكاسات عبر العالم، نظرا لقوتها مقارنة بقنبلتي هيروشيما وناكازاكي، حيث يواجه أزيد من 100 جيل بتلك المناطق الجزائرية آثار ذرات البلوتونيوم، ليؤكد الخبراء في كل مرة على ثقل الملف، مؤكدين أنه الثاني بعد ملف الاستقلال، مطالبين كلا من وزارة الصحة والتعليم العالي بإنشاء مراكز بحوث بالمناطق المتضررة للتشخيص، مع فرض كلمة الجزائر دوليا في الملف من خلال ندوة دولية تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة لمعالجة الملف مع تحويل 13 فيفري موعد تفجيرات رقان إلى يوم عالمي.
من جهته يؤكد البروفيسور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، على ضرورة إنشاء مراكز بحوث بمناطق التفجيرات النووية، برقان وعين إكير، ذلك أن عمر حياة ذرة فنابل البلوتونيوم هو 24 ألف سنة، بمعنى فاتورة يدفعها أكثر من 100 جيل متتالي، كما أنها تتعلق بمناطق آهلة بالسكان، سواء في موضع التجارب الباطنية والسطحية منها، وهو ما يجعل من عدد الضحايا مجهولا ذلك أنه منذ بداية التحضير للتفجيرات من 1958 إلى 1968 الأطباء المشرفون كانوا فرنسيين وهم المشرفون على الملفات ليهاجروا بها فيما بعد، وحتى في الفترة ما بين 1968 إلى 1975، وكل ما يتعلق بصحة مواطني الصحراء قبل تكوين الجزائريين كان مرهونا بهم، في حين أن مقاربة ترجح عدد الضحايا بـ15 ألفا، من باب أنه قبل 5 سنوات كان عدد ضحايا الفرنسيين والبولونزيين 1000 شخص، في حين أن مقارنتهم بعدد سكان الجزائر فإن العدد بماثل 15 ألفا، في حين أن الأمر يبقى مرهونا بدراسات ميدانية توثقه. أما فيما يتعلق بالجانب القانوني فسبق لخياطي وأن أوضح أن فرنسا خالفت القواعد من باب أنه كان يتعين عليها القيام بمسح للمنطقة، واسمنت مسلح، في حين أنها أبقت معرضة للتعرية، ومع جهل المواطنين بأخطار الإشعاعات فقد استخدموا العديد من المعدات لبناء منازلهم، وهو ما ضاعف من تعرضهم للأمراض، كاشفا أن العديد من
المعادن لليوم يتم استغلالها وهي معرضة للإشعاع ومنها الحلي، حيث كثيرا ما خلف اقتناؤها أخطارا كبيرة. من العراقيل الأخرى هو هيمنة الجانب الفرنسي على خرائط التفجيرات وبالتالي تبقى المناطق الخطرة غير محددة تماما منها منطقة الحمودية برقان، حيث الغلق لا يمثل سوى 110 من حجم المناطق المتضررة فعليا، وأكثر بعين إكير.
كل الإصابات بالمنطقة لها علاقة بالإشعاعات
بدوره البروفيسور عامر منصوري يؤكد في كل مرة على دعوة الحكومة الجزائرية إلى تبني مطالب دولية تكسبها دور فرض دورها على الصعيد الدولي، من خلال المطالبة بندوة دولية تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة لمعالجة الملف مع تحويل 13 فيفري موعد تفجيرات رقان إلى يوم عالمي.
كما فتح ملف الجريمة الثانية في حق الجزائريين المتمثلة في ترك مواقع التفجيرات كما هي، في حين يفرض القانون القيام بالاحتياطات، لتبقى آثار التجارب الباطنية والسطحية على أجيال الجزائريين، على رأسها اليرابيع الأربعة الموزعة ما بين 1960-1966، بداية من اليربوع الأزرق فالأبيض فالأحمر والأخضر، لتنال فرنسا الدخول لنادي النووي بـ57 تجربة من أصل 545 تجربة سطحية عالميا، و1879 باطنية بـ21 دولة ضحية، في حين يستمر الصمت الدولي نظرا للفاتورة العالية وانتشار الأضرار لليوم، لتبقى الاتفاقية الدولية في 1996 حبرا على ورق. من جهة ثانية أكد أن الخرائط الحالية تكشف أن أي حالة إصابة لها علاقة بالإشعاعات، حيث تعترف اليابان اليوم بعلاقة الإشعاعات بـ 48 مرضا والولايات المتحدة الأمريكية بـ38، في حين فرنسا بـ38 مرضا فقط، كاشفا أن قانون فرنسا 2010 “قانون مورين” جاء لتعطيل ذوي الحقوق فمنذ سنه لم يتم تعويض سوى 1 بالمائة وأي تعويض!.
الخرائط بيد فرنسا وعدد الضحايا متواصل
الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، تركز في كل مرة على التساؤل ما إن كانت فرنسا ستحاكم لارتكابها جرائم ضد الإنسانية، خاصة أنها تمت بمشاركة الكيان الإسرائيلي، لتشدن فرنسا على حساب الإنسانية دخولها النادي النووي، متهمة الحكومة الجزائرية والبرلمان بعدم تأدية واجباتهما كاملة، مطالبة بفتح تحقيق دولي لحالة الأجساد التي شوهت .
كما طالبت الرابطة الحكومة بتحمل مسؤوليتها على مستوى الهيئات الدولية منها مجلس الأمن في هيئة الأمم المتحدة، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وكذلك المنظمات الإقليمية التي تنتمي إليها الجزائر، وفتح الملف بدل العمد إلى الاكتفاء بالتسويقات الإعلامية لداخل الوطن، داعين إلى تمكين الجمعيات الناشطة في المجال بداية من جمعية توريت التي لم تمنح مقرا بتمنراست إلى اليوم، مضيفة أن المسؤولية تتجاوز تعويض الأشخاص كما تعتقد فرنسا ، و إنما القضية تمتد إلى البحث عن ميكانيزمات لتطهير البيئة في المناطق التي تعرف تلوثا بالإشعاع النووي.
كما توجهت الرابطة الى فرنسا مبرزة أنها لا تزال تصّر على إبقاء ملف تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية في أدراج السّرية التامة، برغم من المحاولات العديدة من طرف الحقوقيين وجمعيات ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر التي سعت إلى فتح الأرشيف باعتباره ملكًا للبلدين، على الأقل لتحديد مواقع و مجال التجارب وطاقاتها التفجيرية الحقيقية لأخذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية البيئة و السكان، خوفًا من التعرّض للإشعاع المتبقي في مناطق باتت تشهد تصاعد أعداد مرضى السرطان بكل أنواعه، تكرار الولادات الناقصة والتشوّهات الخلقية المسجّلة في تلك المناطق وغيرها من المظاهر المرضية المقلقة.