أقلام

رأي و مسارات.. تهافت الديمقراطيات الليبرالية وزيفها

الحقيقة التي بجب أن ينتبه إليها المفكر “فوكو ياما” بادعائه أن سيادة، الديمقراطية الغربية الليبرالية كأنموذج مثالي ونهائي في مسار حركة التاريخ أي كمنهج للحياة وصل إلى خطه الكامل والمغلق بحيث لا يمكن تجاوزه كنموذج للتفكير ونموذج للسياسة ونموذج للتفسير. لقيامه على “مبدأ الليبرلية” الحرية وحدها إلى درجة أن يعنون كتابه وكأنه متنبئ العصور كلها (نهاية التاريخ) هي أن هناك نماذج أخرى ومسارات مختلفة ولذلك عليه أن يعيد النظر ليضع عنوان مناسب وأفضل (نهاية تاريخ لبداية تاريخ) وينسجم مع ما كشفت عليه الأحداث المجلجلة للمقاومة والفضائح الشنيعة لربيبة الليبرالية في حرب غزة فقد بدا أن التاريخ شرع في فصل آخر تجلى فبها أن كل فضائل الديمقراطية الليبرالية مزيفة وان أساسيات هذه الديمقراطية من حريات وحقوق إنسان وحرية التفكير والتعبير عن الرأي والإعلام الحر… كلها أكاذيب ومزاعم بأن تهافتها بمحك حقيقي لاختبار عدالتها وصدقيتها وصلاحيتها
‪ ‬فقد كان بإمكانهم قبل هذا الانتشار المعلوماتي السريع أن يكذبوا كما يريدون، دون كشف الحقيقة ولكن الآن وبفضل ازدياد الوعي وانتشار الخبر بسرعة تجلى أن الأمر مستحيل‪.‬‬‬

وإن الحقيقة العارية والصارخة خلاف ما روجوا له لأكثر من قرنين، فالتاريخ القديم والقريب يؤكدان نفاق الفكر الغربي في ادعاءاته الإنسانية والحضارية‪…‬‬
إنه لا يوجد فكر منطقي وعقلاني يستطيع أن يبرر جرائم وفظائع الإنسان الغربي ودمويته في العالم. وأي منصف يتتبع الأفكار والأحداث يستطيع أن يحصي الكم المريع من المجازر الكبرى الفظيعة والإبادات الجماعية المتتالية لشعوب بأكملها في أمريكا وأفريقيا وآسيا بل إنه لا يوجد في تاريخ البشر منذ الخليقة أفظع وأقذر وأعنف مما ارتكبته الجيوش الفر نسبة والبريطانية والأمريكية من حروب وتدمير وقتل للإنسانية لقد أجهزوا على الملايين والملايين فلم ينج منهم بشر ولا شجر ولا حيوان. ولا أنظمة عيش مستقرة وآمنة، ورغم كل هذا الإجرام والإرهاب والتوحش المرتكب كانت الحضارة الغربية وفلاسفتها ومنظريها يدعون بكل بجاحة أنها إنسانية وأنها. حضارية وتقدمية وان لها رسالة مهمة ومقدسة هي تمدين الشعوب التي صنفوها متوحشة مع أنه لا يوجد أوحش وأقذر منهم… ولقد مرروا بالقوة وبترديد الأكاذيب المتكررة وبسرقاتهم للثروات والحضارات رؤيتهم ونمط تصورهم للحياة وللعالم، والتي تبين مع الوقت تهافتها وضحالتها .

أكاذيب لكنها ناجحة

أكذوبة المدنية وحكم الشعب لقد مرروا على شعوب العالم أن الثورة الفرنسية التي قامت في فرنسا هي أول حكم مدني أو جمهوري في تاريخ البشر وأنا أول حركة سياسية تعلي شأن الأخوة والعدالة والحرية وحقوق الإنسان. وإنها خلاصة فلسفة التنوير وأنها بداية عصر النور والمتفحص لإحداث هذه الثورة يجد أنها قامت على المجازر والقتل والدموية وإعلاء شأن الطبقات المتدنية في المجتمع من عاهرات ومسجونين ومهمشين وان الشعب الثائر لم تكن إلا قطعان هائجة وانتقامية مملوءة بالغضب والحقد، ما فتئ أن عاد أصحاب المال من البرجوازيين التحكم فيهم وتوجيههم،ومن حينها أصبحت الديموقراطية أفضل تقنية سحرية يرقص فيها الدهماء والعامة ويقيمون الأفراح والأعراس على تنصيب المنفذين والمتحكمين خفية إلى أنيصبحوا حكاما في العلن وكان من نتائج هذه الثورة الإنسانية استعمار قارة افريقيا وإبادة شعوبها واستعبادهم واستغلالهم وتصنيفهم مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة.. أي إنسانية هذه؟ ومن آثارها المدمرة أيضا التنافس بين الجمهوريات الديمقراطية في الحضارة الغربية قيام حربين عالميتين تم فيها قتل أكثر من سبعين مليون إنسان.
‪/ ‬حرية التفكير والرأي لقد تبين لكثير من النخب الغربية وحتى لشعوبه لمجرد أنها أتيحت لها عن غير قصد وسائل أخرى للمعرفة والخبر والمعلومة أن حريته في التفكير وإبداء الرأي كذبة كبيرة مرت عليه ذلك أنه لمجرد محاولته التفكير خارج الصندوق المكعب الذي وضع له وإبداء رأي يختلف عن خيارات وضعت له سابقا يجره إلى المحاسبة والإدانة واكتشف أنه حريته في التفكير والرأي لها سقف محدود يجب ألا لا بتطلع إلى ما وراءه أن الديمقراطيات المزعومة منظومة عملت على ترسيخ حكم الشعوب بواجهتين إحداهما ظاهرة تؤدي الدور المكشوف. من خلال المهرجانات الكلامية والاستفتاءات والانتخابات قائمة كلها على الفرجة والثانية عميقة وخفية وهي الحقيقية والغريب أنه إمعان في التلهية أنه في بعض الأنظمةتسمى فعلا حكوماتها بحكومة الظل وكأنها بديل مع أنها هي الحقيقة ففي بريطانيا لا يمكن أن الحكم إلا من خلال المحافظين أو العمال. وفي أمريكا لا يمكن الخروج عن الحزب الجمهوري أو الديمقراطي وكذا في فرنسا لا يممن إلا من خلال اليمين أو اليسار وكل هذا ضمن سياق مؤسسات تملك المال والقرار العميق هي من تدير الشأن كله (ديموقراطية متحكم فيها)‪.‬‬‬

‪.. / ‬أكذوبة إنسانية الحضارة وحقوق الإنسان من الأكاذيب التي أشيعت وكأنها دين جديد هي الزعم بأن الحضارة الغربية إنسانية والمتمعن في فلسفتها وفعلها يجد أنها تقوم على اختزال صفة الإنسانية في المواطن الغربي وحده من حيث إنه يجب أن يتمتع بحق الحياة وحق الرفاهية وحق السلام أما بقية البشر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية هم شعوب ما قبل الإنسان أو أدنى من الإنسان الغربي درجة ولذلك نجد العالم كله ينهض منددا. ورافضا كلما كان الإنسان الغربي هو الضحية أما ما يحدث من مجازر وتقتيل في فلسطين مثلا أو أفغانستان أو العراق بالملايين فإن الأمر سيان ولا يتجاوز حد التعبير عن القلق والأسى وان تكرمون يضيفون كلمة “عميق‪”…‬‬‬

‪/ ‬أكذوبة السلام العالمي والنظام الدولي من أشنع الأكاذيب الناجحة في إحكام السيطرة والنهب لخيرات الشعوب المستضعفة هي ما نشأ بعد الحرب العالمية من هيئات ومؤسسات تسهر على تحقيق السلم العالمي واستقرار النظام الدولي الذي وضعت قواعده مجموعة دول قوية ومنحت نفسها حق الموافقة أو الرفض ولو كان العالم كله في طرف فإن مجرد رفع يد واحدة من أحد الأعضاء الخمسة يجعل القرار غير نافذ وبالتالي غير قانوني وهكذا لمدة تقرب من القرن والشعوب رهينة نزوات ورغبات القوة الأكبر في العالم وهي أمريكا التي تتصرف أحيانا خارج هذا الإطار كغزوها للعراق وبنما وإسقاط حكومات وتنصيب أخرى موالية لها وحمايتها للكيان الصهيوني في احتلاله وقهره للأرض والشعب الفلسطيني. وها هي دعوات متعددة ومن أغلب دول العالم في إصلاح هذا النظام العالمي لا تجد أبدا آذان صاغية ولا استجابة من طرف أكثر من عضو يمتلك حق الفيتو‪….‬‬‬

‪/ ‬أكذوبة حرية الإعلام والمعلومة لقد كان المأمول من الثورة التكنولوجية وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي عالميا هي عولمة الثقافة وأسلوب حياة أمريكا وتصورها وفي نفس الوقت امتلاك القدرة على التحكم في البشر والحكومات ولكن ما لم يحسب له أن الثورة الإعلامية مكنت الأفراد أن يتحولوا هم إلى صانعي رأي فكر ومحتوى وإبداء الرأي فتحول السحر على الساحر وخاصة في أحداث حرب غزة إلى درجة هبت إلى تعديل ضوابط النشر وسن قوانين معاداة السامية والصهيونية والتضييق على أي رأي مناصر لا هل غزة لقد كشفت أحداث غزة للمواطن الغربي جحيمه الذي كان يعتقده نعيما وعبوديته التي كان يعتقد أنها حرية وجهله وتضليله منذ أكثر من قرن بفضل التضليل والأكاذيب عن الشعوب الأخرى بوسمهم أنهم أشرار و أعداء للحرية‪…‬‬‬

تحرير الوعي

‪ ‬ومما نخلص له والذي يجب على الشعوب المستضعفة الساعية إلى تحررها وامتلاك، ناصيتها ،وسيادتها على العيش في سلام وأمن هو تحرير ،وعيها ،والعمل على امتلاك ثرواتها واختيار أسلوب الحكم المنسجم لحضارتها وقيمها وأن لا تقيد نفسها بمعاهدات الصندوق الدولي وترهن حياتها لطموحات الشركات المتعددة الجنسيات التي هي مجرد لوبيات للنفوذ ،والسيطرة الإمبريالية التي ما هي إلا وجهة للاستعمار بشكل جديد الذي أبدع أقبح أشكال الاستغلال والاستعباد وعليها أن تسعى إلى التضامن في ما بينها في نظام أكثر إنسانية وعدالة ذلك أن الديمقراطيات الغربية التي ترعاها أمريكا.‬
لا ترع إلا مصالح شركاتها وسيطرتها على الاقتصاد العالمي فهي تستعبد الإنسان والأوطان كما يؤكد جل مفكريها المستقلين كما فعل المفكر نعوم تشومسكي المناهض للسياسة والتوحش الأمريكي في أعمال متعددة منها (الإمبريالية المتوحشة، إرهاب القراصنة وإرهاب الأباطرة….)

سراي مسعود 1/1/2024/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى