الأولى

ربع مليون جريمة بمعدل 693 حادثاً يوميّاً

مختصون يقرعون جرس الانذار ويؤكدون لـ “الوسط”:

ارتفعت في الآونة الأخيرة الجريمة في الجزائر حيث تشير الأرقام الرسمية إلى ارتفاع نسبة الجريمة في الجزائر حيث سُجِّلت نحو ربع مليون جريمة، بمعدل 693 حادثاً يوميّاً، تورّط فيها أكثر من 220 ألف شخص، وتتصدّر قضايا الضرب والجرح العمدي المشهد بأكثر من 42 ألف قضية، كما فاقت جرائم العنف ضد المرأة 70 ألف قضية.
وارجع المختصين هذا الارتفاع خصوصاً القتل، إلى “العوامل المؤثّرة في تنشئة الفرد بالمجتمع، منها التربية العائلية والمحيط الاجتماعي.

هدى سعفان

المختصة النفسانية فضيلة دروش:
“الاختلاف في القيم يبرز الظاهرة بشدة”

اعتبرت المختصة النفسانية فضيلة دروش في تصريح خصت به جريدة “الوسط” ان هذا الارتفاع ناتج للظروف التي يمر بها المجتمع فالبلاد- تقول نفس المتحدثة- تشهد مثل أي دولة نامية مراحل تطور اجتماعي، حيث تبدو الجريمة من إفرازاته “ويلفت إلى أن الاختلافات في القيم” تبرز خلال احتكاك الأفراد ببعضهم بعضاً وتوتّر العلاقات بين مختلف الشرائح. ”
وتذكر الأرقام -تقول المختصة في علم النفس – أنه في قضايا الإجرام العام والمنظم، يحتل العاطل من العمل صدارة المتورطين، ثم العامل اليومي، والموظف الدائم، والطالب على التوالي، بينما مسّت مختلف الفئات العمرية بـ3.8 في المئة بالنسبة إلى الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة،فيما تختلف النسب على اختلاف الاعمار و هذا ناتج عن مدى توافق الظروف المعيشية التي يعيشها مختلف فئات المجتمع..
ولكن -تقول المختصة درويش- تستغرب فئات واسعة من المواطنين أسلوب العفو الذي يشمل المساجين معتبرين ان ذلك يحفز على تمادي بعضهم في الإجرام بحكم أنهم سينالون الإفراج و السماح للاندماج في المجتمع،بالرغم من الاجرام الذي اقترفوه ،في حين ترتفع نسبة الجريمة إلى أقصى مستوياتها، وقد باتت مظاهرها تسيطر على الشوارع. ففي مناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لعيد الاستقلال المصادف الخامس من جويلية، أصدر عفواً عن نحو 15000 الف سجين محكوم عليهم نهائيا، وقبلها استفاد نحو عشرة آلاف سجين بمقتضى مرسومين رئاسيين، من إجراءات العفو، في قرارات اعتبرتها أطراف حقوقية “غير مناسبة للظرف الذي تمر به البلاد”.

المحامون يطالبون بالردع في العقوبات.

اعتبرت المحامية والحقوقية الجزائرية فاطمة الزهراء بن براهم ان أسباب تزايد معدل الجريمة في الجزائر، راجعا إلى “الفراغ النفسي الذي أحدثته جائحة فيروس كورونا المستجد إلى جانب بعض الآفات الأخرى التي تعد سبيلا لاقتراف الجرم و مخلفاته على الأفراد، باعتبار أن غالبية الجزائريين كانوا يعيشون حياة طبيعية مليئة بالعمل والسفر وغيرها .
وأرجعت المختصة في الشؤون القانونية تسجيل البلاد أكبر نسبة جريمة خلال أسبوع واحد إلى ما أسمته “الفراغ” الذي يستغله ضعاف النفوس كدافع لارتكاب جرائمهم وترى “بن براهم” أن “الشخص الذي يعاني من الفراغ ولا يفكر في عمله أو أي شيء يلهيه، فإن ذلك الفراغ يجره إلى الجريمة بمختلف أنواعها بما فيها القتل و بالتالي لا يستطيع ان يفكر في أساليب العقوبات التي تسنها الدولة على هؤلاء الأفراد”.”.
و اعتبرت المحامية بن براهم ان “الفقر”يعتبر عاملا أساسيا في تفشي الظاهرة في المجتمع الذي ازداد بعد غلق المحلات والأسواق التجارية نتيجة تفشي فيروس كورونا في الجزائر، إذ ترى أن “ذلك زاد من حجم الضغوط على كثير من العائلات خصوصاً الرجال منهم الذين كانوا يعتمدون على عملهم اليومي لكسب قوتهم بالإضافة إلى تفشي تعاطي المؤثرات العقلية التي أصبحت سيناريو يتكرر في مراكز الشرطة و حتى الشوارع التي لم تعد أمنة .
من جهة أخرى يعتبر المحامي خراز سمير ،أن السجون التي حوَّلتها إلى ما يشبه فنادق، وجعلت المجرمين يتعودون الإجرام، ولا يخشون العقوبة، من أهم أسباب استفحال الجريمة في المجتمع الجزائري، خصوصاً في ما تعلّق بانتشار عصابات الأحياء وحمل الأسلحة البيضاء”، مشدداً على أن انتهاج الدولة سياسة الحلول الظرفية “شجَّع على الجريمة،ولم يقض عليها وقال نفس المتحدث ان استفحال التعدي و السرقة و جرائم القتل باتت أمر طبيعي و عادي بالنسبة لهؤلاء الأشخاص لذلك نطالب بتبني أسلوبا اكثر حكمة لمعاقبة المجرمين ” “.
ويدعو خراز إلى “إعادة دراسة شاملة للقوانين الجزائرية، خصوصاً المنظومة العقابية متمثلة في قانوني العقوبات والإجراءات الجزائية، بما يتماشى والتحولات الحاصلة في المجتمع والتطورات التي طرأت على الأسرة.”.
ويلاحظ المحامي سمير خراز، أن الجريمة في الجزائر انتقلت “من جريمة عرضية إلى منظمة، ثم إلى عادية «،ويقول “المجرم عندما يقوم بفعله الإجرامي، مهما كان نوعه، فإنه يشعر بأن ذلك السلوك عادي جدّاً، تحت تبرير أنه ضحية هذا المجتمع أو الدولة”، مشدداً على أن “الجريمة في الجزائر أصبحت مشكلة خطيرة تهدد أمن الفرد واستقرار المجتمع”. ويتساءل عن دور أئمة المساجد الذين أصبحوا مغيبين تماما عن دور الشعائر الدينية التي تنهى عن الفحشاء و الجرم حتى بات عملهم ينحصر في الأذان فقط.
ويؤكد أن “الهدف من تعديل قانون العقوبات هو تجريم بعض الأشكال الجديدة للإجرام، التي تشهد انتشاراً كبيراً منذ سنوات، وباتت تهدد الأمن والاستقرار في البلاد.

غياب احتواء الأسرة لأبنائها

تؤكد المختصة النفسانية و المفتشة المختصة في تقويم النظام التربوي فاسي زهرة،أن للأسرة دورا مهما في تقرير النماذج السلوكية للطفل، فهي “الخلية الأساسية لتكوين شخصيته، وقد يكون هناك رابط بين توجهات الطفل الجانح ومحيطه الأسروي مثل افتراق الوالدين أو وجود فساد أخلاقي داخل الأسرة أو انعدام التواصل بين الأفراد وعدم الانشغال بما قد يتعرض إليه الطفل من عنف خلال السنوات الأولى من عمره ” وتضيف زروقي ل الطفل في ظل هذه الأوضاع يصبح غير طبيعي، بحيث إنه يشعر بالحرمان وعدم الأمان فينتقل إلى الشارع، ليروح عن نفسه و يعتبر ذلك السبيل الوحيد للراحة بالنسبة لبعض الأسر- تضيف المختصة زهرة فاسي- وهناك يبدأ في التعرف على الأفعال المؤدية إلى الإجرام «،معتبرة أنه بصرف النظر عن أهمية الأسرة بالنسبة للأطفال يجب التأكيد أيضا على أهمية المدرسة ودورها التربوي، مشيرة إلى أن سلوكيات بعض المعلمين أصبحت تشكل ” دافعا لقيام الطفل بأعمال الانتقام أو إثبات ذاته أمام الزملاء بوسائل عنيفة” وتلاحظ المختصة” إن الطفل الجزائري أصبح يعيش في محيط يروج للعنف، فالتلفزيون وقاعات ألعاب الفيديو وكذا الانترنت تدفع بالطفل لتقليد أبطالهم الذين يستعملون عادة العنف لتحقيق أهدافهم.
“الطفل يعتبر أنه سيد نفسه”
وتضيف المختصة زهرة فاسي”إن غياب القدوة والأخلاق في الوسط العائلي أو في المدرسة قد يؤدي إلى جنوح الأحداث، فالطفل يصبح سيد نفسه ويتصرف كما يشاء دون وجود مقاومة في مواجهة سلوكه”. وترى أن سبب “تنازل الأسرة والمدرسة عن القيام بدورهما كما يجب، يعود أساسا إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها العديد من العائلات الجزائرية، والى عجزها عن إشباع حاجيات أبنائها، وهذا ما يوضح الترابط القائم بين الفقر والجريمة لدى العديد من الأطفال الجزائريين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى