أقلام

رهانات جديدة أمام صناعة المحتوى الإذاعي

يبدو أن التحول التكنولوجي المتسارع الذي فرض إيقاعه على وسائل الإعلام يشكل تحديا هاما بالنسبة للإذاعة فعلى صعيد ما يفرزه هذا التحول الرقمي الالكتروني إن صح التوصيف من مشهد إعلامي مغاير تماما على مستوى طرائق العمل عن ما كنا نراه لسنوات خلت في نشاط وسائل الإعلام خاصة منها المسموعة ،والتلفزيونية فإن الإذاعة الجزائرية خطت خطوات هامة نحو تكييف الأداء الإعلامي الإذاعي مع التحولات التقنية المتسارعة فشكلت شبكة الإذاعات الوطنية ،وحتى الجهوية تشبيكا هاما على مستوى صفحاتها في التواصل الاجتماعي مع المؤسسات ،ومستخدمي “الفايسبوك “وتعدادهم معتبر وفق ما تؤكده دراسات أكاديمية تناولت أثر وسائل الإعلام التقليدية على الشباب في ظل الميديا الجديدة منها أطروحة دكتوراه أعددتها على مستوى مختبر الدراسات الاتصالية والإعلامية وتحليل الخطاب بجامعة مستغانم كان موضوع الدراسة فيها قياس أثر ” الإعلام التقليدي على قطاع هام من الجمهور مقارنة بموقع الميديا الجديدة في الاستخدامات لدى هذه الفئة الشبانية الهامة في المجتمع الجزائري كما وكيفا .
لا يمكن إغفال قدرات الاستقطاب الهامة التي شكلها البث الإذاعي المرئي للحصص والأركان والربورتاجات وحتى النشرات الإذاعية فقد انخرط عدد معتبر من مستخدمي مواقع التواصل وشبكة المستمعين للإذاعة وأن كان التعداد خارج الفضاء الاتصالي الالكتروني محدودا للغاية انخرط هذا القطاع في متابعة البرامج والحصص الإذاعية عبر صفحات ” الإذاعة ” عبر “الفايسبوك ” واليوتيوب ” وغيرها من منصات التواصل التي تتيح لعدد معتبر من الناس متابعة البرامج والتفاعل معها عبر التعليقات ومشاركة المحتوى الإذاعي عن طريق وضعه في صفحات المتلقي للمحتوى الإذاعي وقد أتاح هذا التوجه الاتصالي نحو منصات التواصل الاجتماعي الذي انتهجته الإذاعة عبر العديد من قنواتها الوطنية والموضوعاتية والجهوية تحقيق موقع هام للتواجد الإعلامي الفعال للإذاعة في فضاء اتصالي الكتروني يتسم بزخم معلوماتي وتدفق هائل للأخبار وسرعة فائقة في نشر المحتويات السمعية البصرية في تقديري كباحث ومهني في قطاع الاتصال والإعلام أن الإذاعة الوطنية كسبت رهان التكيف مع المعطى التكنولوجي والتقني ببراعة وهذا عبر أداء موجود ضمن نطاق الممارسة والتعاطي مع طرائق العمل الإعلامي في بيئته الاتصالية والإعلامية الجديدة .
من أهم إفرازات المشهد الإعلامي في بيئة النشاط اتجاه قطاع هام من وسائل الإعلام إلى صحافة ” الموبايل ” وإلى صحافة ” النت” وهي صحافة في شقها الإخباري تتيح خدمات نوعية إخبارية للمتلقي وفي شق المعالجة الإعلامية للمحتوى قد تتجه في حالات إلى إدراج ريبورتاجات وحتى تحقيقات وحوارات صحفية في قالب إعلامي أكثر اختصارا وإيجازا وبإيقاع يراد منه تحقيق الاستقطاب الجماهيري والإذاعة عبر هذا الإيقاع المتسارع الذي غير طرائق العمل الصحفي في نقل المحتوى الإعلامي وإخراجه للجمهور استطاعت أن تحول “الخبر الإذاعي إلى صورة بصرية تختصر في ثواني “أحداثا دولية ثم وطنية ” وتقدم الخبر الإذاعي في شكل مغاير تماما عبر تقنيات “الفيديو غرافيك ” “وصحافة البيانات ” وغيرها من تقنيات العرض الإعلامي الجديدة ويمكن الإشارة إلى أن الإذاعة تطرح في الوقت الراهن نموذجا مغايرا تماما للخبر والمحتويات الإعلامية الأخرى التي يتم عرضها عبر صفحات الإذاعات عبر شبكة النت أو في مواقع التواصل الاجتماعي ،والهدف من وراء اهتمام القائمين على هذا الأداء الإذاعي التفاعلي هو الإبقاء على موقع هام للوسيلة الإعلامية في الاتصال بجمهور يجب أن يستقطب ويرتفع تعداده لقياس أي أداء مهني وإعلامي للمؤسسة الإعلامية .
من تجربة عمل متواضعة اشتغلت فيها صحفيا قرابة تسع سنوات بالإذاعة بمحطة مستغانم الجهوية وأنا أواصل حاليا المسار كأستاذ باحث وإعلامي سجلت العديد من الملاحظات التي تستوقفنا عند موضوع أراه مغيبا في سياق النقاش المهني بين الكوادر الإعلامية التي تشتغل بالإذاعة التي تحتاج هي الأخرى كمؤسسة إعلامية ثقيلة وهامة لمراجعة أيضا هامة للهيكل التنظيمي والتركيز على الإذاعات المحلية التي تعاني من وضع أراه يسقف نشاطها ولا يتيح فرصا هاما للخروج خارج التكليف ولهذا فان الصحفي بالإذاعة وهو يواجه هذا الكم الهائل من الوسائل الجديدة التكنولوجية التي دخلت في مساحة النشاط الإذاعي والتلفزي أصبح لزاما عليه أن يصنع هو الآخر للحفاظ أيضا على كيانه وكيان المؤسسة الإعلامية شكلا جديدا في إخراج نشاطاته الإعلامية للجمهور وكنت دائما أدعو إلى أن يتحول الصحفيون من ” الاستدويو ” داخل الإذاعة إلى الإبحار في الفضاء الالكتروني والترويج إن صح القول لحصصهم الإذاعية بطرح مغاير عبر تركيب المواد السمعية وإخراجها في محتوى إعلامي مرئي والتركيز على تحفيز الصحفيين على الإبداع في هذا المجال بالذات فلا يمكن أن يكلف الصحفي في الإذاعة فقط بتقديم النشرات الإذاعية والتغطيات الصحفية ولا نستقطبه إلى الإبداع والتنافسية وهذا أراه واجبا يقع على عاتق المديرية العامة للإذاعة الوطنية التي يجب أن تحفز الكادر الإعلامي على هذه الثقافة لتكون ممارسة تحيل إلى طرح مغاير للعمل الإعلامي بالإذاعة الجزائرية عبر مختلف قنواتها الإعلامية …

بقلم د.محمد مرواني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى