الأولىثقافة

رواية “ستائرنا” لحياة قاصدي محاكاة للواقع في زمن الخوف

تتطرق رواية” ستائرنا” للكاتبة حياة قاصدي، دار الأمير، عدد صفحاتها 193 إلى المشاكل التي تحل بالأسرة في مرحلة مابعد الزواج، بل تناقش الزواج بوصفه مؤسسة غير ناجحة تقوم على أساس ذكوري.

المرأة والمجتمع
المرأة هي النصف الثاني في المجتمع ولهذا كانت الوصية بها خيرا، والاعتناء بها فقد كرمها القرآن بسورة كاملة وهي سورة النساء، لكن الحقيقة المرأة العربية في الغالب هي المرأة المقهورة، السلبية، الخاضعة للهيمنة الذكورية، فهي بالمعتاد تابعة ومتلقية ومقموعة، غير أن المرأة تحاول الخروج من هذه الصورة التي شكلها لها المجتمع وأبقاها فيها وهي صورة المرأة الضعيفة المقهورة، لتثبت للرجل أنها امرأة إنسانة وليست أداة للمتعة، وليست مجرد جسد ينظر إليها بشهوة بل هي شريكة لديها شخصيتها وحياتها وحريتها وأنها ليست مدعاة للشر.
ليلى الشخصية الضعيفة التي بدورها تعاني إذلال ومهانة زوجها رفيق في مشاعرها، وهو تسول العاطفة، تزوجت برجل نافر منها ولا يقدرها ولا يضع لها قيمة، فهو لا يعطيها حقوقها كزوجة رغم أنه أثمر عن زواجهما ولدان، فهي ترى أنها تحمل منه اسم الزوجة، فهي صفة تتمتع بها دون أدنى حقوقها، فلا يوجد قرابة سوى رابط الزواج على الورق، ليصل الأمر أن تكتشف خيانته لها.
هذا ما جعل ليلى تشعر بالدونية والإذلال، وتعاني من الإهمال من طرف زوجها، فهي تحس نفسها بمثابة خردة في المنزل وأن زوجها يعترف بها كزوجة أمام الناس ولكن لا يعاملها كزوجة ولا يبادلها مشاعر الاحترام.
بعدما كشفت خيانتها لزوجها وواجهته إلا أنه كان يهددها ولا يلقي لها بالا، فتعود ليلى إلى القلم بعد انقطاع سنوات لتجده هو خلاصها من الجحيم الذي تعيشه، وفي مواقع التواصل الاجتماعي ترى ليلى كريم الشخصية المثقفة، كريم هو الرجل الذي أحبته أيام الجامعة، لكنها لم تستطع مصارحته، فتلتقي به مجددا وتشعل شرارة الحب بينهما مجددا، فكريم أيضا متزوج ويعاني من النقص العاطفي، فتقرر ليلى الانفصال عن زوجها والزواج من كريم.
لا يدرك الرجل أن إهمال المرأة كعقل وكشريك فاعل في الحياة وكإنسانة نزيهة ومستقيمة يعتبر أحد المزالق الكبرى التي تضاف إلى سجلات التقهقر الحضاري.
البطلة ليلى رغم تحملها الظروف القاهرة التي أحاطت بالفشل، إلا أنها في آخر الرواية تظهر الكاتبة القوة الحقيقة للمرأة الكامنة داخل ليلى عندما قررت بتغيير حياتها رأسا على عقب، أصبحت امرأة مثقفة بفضل قلمها، ولم تستسلم أبدا ولم ترض بالذل والهوان.

المرأة باستطاعتها قلب الموازين لوحدها

تحدثت الكاتبة في الرواية أن المرأة وحدها باستطاعتها قلب الموازين وعليها بالبحث عن الأنثى الموهوبة الطموحة المتألقة داخل كينونتها، وأنه بإمكانها أن تحول نفسها إلى إمرأة لا تتكرر بالتاريخ، فعليها أن تزيل مساحيق البؤس وأن تعيد إضافة مساحيق الحياة لوجهها، وأن المرأة بمقدورها أن ترفع سقف خيالها وأن تكن على يقين بأن كل ما تطمح به سيتحول إلى حقيقة إرادتها وعزيمتها وصمودها وقوتها.

حياة قاصدي تمتاز بأسلوب متميز

تمتاز الكاتبة حياة قاصدي بأسلوبها المتميز، ومواضيعها الحساسة التي تناولتها، وأيضا بوصفها لشخصيات الرواية وصفا دقيقا، فقد قدمت للشخصيات برسم ملامحها وقامتها وصوتها وآلامها وأهوائها لتجعل منها صورة من صور العالم الواقعي.
وفقت الكاتبة إلى حد كبير في استعمالها لصورة المرأة الجزائرية، إذ أضفت عليها بعدا جماليا وحسيا لوصفها آلامها، مما أضاف لها رونقا ذات دلالات، وجعلت الرواية حاملة لأفق بعيدة لوصفها للمرأة ومعاناتها.

اقتباس من الرواية

“تجول الذكريات القديمة في خاطرتي، في النوم وفي اليقظة، تتلمس عواطفي، توقظ دهرا نام في عتمة الذاكرة، حاولت الزج بها خارج مساحاتي لبتي تبحث عمن يوحدها، لكنها أصرت على أن تسكن عقر داري، داومت عناقي بحنينها فنقلتني إلى جميع الأزمنة، هناك أزمنة لا تنهار، تظل رغم مرور السنين متعلقة بأرواحنا، وهناك زمن محظور تجتمع فيه زوايانا الخاصة، لتمنحنا في الوقت المناسب الطريقة التي نفتح بها نوافذ أرواحنا، لنستقبل أشعة الشمس، وننتظر وصول القطار الذي يغنينا عن البقاء مع الذين يهدرون أعمارنا، سنتعلم كيف نحدق بعمق في التجاعيد التي كست الوجوه القاسية، لكنها أبدا لا تخيف، لأنها لا تملك القوة كي تكسر قلبي الذي مازال شابا”.

بقلم الكاتبة: إلهام بلحاج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى