
وداد الحاج
فهم السياسة الخارجية الأمريكية و سبر أغوارها ،و محدداتها ،أكثر من ضرورة و أبعد من مجرد ترف يتداوله المحللون الذين يفهمون في كل شيء ،و يفتون حسب الطلب فوق كل المنابر.
ما كتبه الصحفي اللبناني إميل خوري يشكل مفتاحا أساسيا للمشتغلين بهذا الملف وخصوصا للدارسين ،ولأهل السياسية و صانعيها وليس لأدعيائها العمل صادر ضمن منشورات دار المطبوعات للتوزيع ،و النشر سنة 2016 في طبعة أولى وهو يركز على مفهوم حروب الجيل الخامس ،وعلاقتها بالعالم العربي وهو يخصص فصلا كاملا عن علاقة واشنطن بأشكال التمرد و الحركات العنيفة في العالم وهو الجزء الذي يهمنا جميعا فهمه و إخضاعه للدرس و الفحص.
في الصفحة 237 يذكر الكاتب أن صانعي السياسة الخارجية الأمريكية لا يبدون استياء كبيرا أو حساسية مفرطة من حركات التمرد بمختلف نماذجها ،فواشنطن عبر أذرعها العملياتية ،ومنها المخابرات ،و باقي وكالاتها الأمنية لا تخرج عن الحالات التالية فهي إما تساعد أو تمول بعض التنظيمات الارهابية ،و هناك حالات أو نماذج ساهمت واشنطن مباشرة في تحفيزها ،و تنظيمها ،و تمويلها،و توجيهها كما حدث مع تنظيم القاعدة في أفغانستان الذي دخل كطرف في لعبة دولية كبيرة بمساعدة أو إيعاز من دول عربية معروفة و تكرر نفس الشيء في ساحات أخرى يأتي الصومال في مقدمتها كمثال حي.
وعليه فمن الطبيعي أن نفهم ما يجري بالقرب من حدودنا ،و خصوصا الجنوبية المحاذية لمنطقة الساحل الافريقي فما يجري ليس سوى مسرحية محبوكة الأحداث ،و المجموعات الارهابية تتلقى بشكل مباشر وسافر الدعم المالي لتقوم بما يبرر بقاء فرنسا وباريس في المنطقة و لمساعدة الكيان الصهيوني وحليفه المخزني على تنفيذ أجندتهم ضد الجزائر المستهدفة بشكل مباشر.