أقلامثقافة

شخصيات ثورية تفتخر بهم منطقة تبسة

بقلم الأستاذ فرحاني طارق عزيز 

سنتطرق في هذا العدد من جريدة الوسط إلى التعريف ببعض مجاهدي جيش التحرير الوطني بمنطقة تبسة، وسنحاول تقديم لمحة عن حياتهم والمساهمة التي قدموها لأجل أن تتحرر الجزائر من براثن الاستعمار الفرنسي الغاشم، ونبرز التضحيات التي قدمت على مذبح الحرية، التي افتكت بتقديم ثمن باهض في الأرواح، حيث جسد أبناء الشعب الجزائري معنى مقولة ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة لأجل الظفر بنسمات الحرية تحت سماء هذا الوطن الغالي والمفدى والذي تحرسه بنادق الرجال وترفرف فيه الراية الوطنية بكل عز وافتخار. 

النقيب براهمي محمد العربي (1935-2016م) 

ولد النقيب محمد العربي براهمي المدعو محمد العربي يوم 03 جوان 1935م، بدوار ثليجان (بلدية تليحان ولاية تبسة حاليا)، ينحدر من فرقة أولاد عبد الله عرش أولاد حميدة والذي ينحدر من قبيلة البرارشة اللمامشة، قرآ القرآن وتلقى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه، ثم تابع دراسته بالفرع الزيتوني بمدينة فريانة التونسية خلال سنة 1952م، ثم انقطع عن التعليم والتحق بصفوف المقاومة التونسية في أوائل سنة 1954م، وظل بصفوفها لمدة تزيد عن الـ 04 أشهر. وعند اندلاع الثورة الجزائرية التحق بصفوفها مقاتلا بجيش التحرير الوطني سنة 1955م، حيث شارك في العديد من المعارك والكمائن التي وقعت بجبال النمامشة (المنطقة السادسة تبسة والحدود الجزائرية التونسية). 

تقلد العديد من المناصب والمسؤوليات أهمها: كاتب فرع (الفرع يتشكل من ثلاث فصائل)، ثم كاتب ناحية ثم كاتب وأمين عام للمنطقة السادسة تبسة، ثم ممثلا لجيش التحرير الوطني بمعتمدية فريانة التونسية، ثم مسؤولا أمينا ومحافظا سياسيا لوحدات جيش التحرير الوطني بالمنطقة الشمالية والجنوبية، ثم مسؤولا عن تهيئة اللاجئين الجزائريين بمعتمدية فريانة سنة 1961م لإعدادهم للدخول إلى الجزائر ومشاركتهم في انتخابات تقرير المصير بعد إيقاف القتال في يوم 19 مارس 1962م.

وفي جوان 1962م أرسل من طرف هيئة الأركان العامة مع مجموعة من ضباط جيش التحرير الوطني للدخول إلى الجزائر والالتحاق بقيادة الولاية الأولى أوراس النمامشة، للقيام بحملة شرح وتوعية للمواطنين الجزائريين في الداخل عن كيفية وطريقة انتخاب تقرير المصير (أي الاستقلال الوطني) في يوم 03 جويلية 1962م، وبعد هذه المرحلة تم تعيينه كاتبا باللغة العربية بإدارة الولاية الأولى أوراس النمامشة برتبة ملازم. 

وخلال سنة 1963م شارك في العمليات القتالية بمنطقة القبائل ضد المتمردين أتباع حسين آيت أحمد، وفي سنة 1964م أرسل جمهورية مصر العربية في بعثة عسكرية للتدريب والتكوين في الكلية الحربية التي تخرج منها بعد سنيتن من الدراسة وتحصل خلالها على شهادة بكالوريا العلوم العسكرية، ليعين بعدها مباشرة كقائد كتيبة مشاة. 

في سنة 1966م دخل إلى الأكاديمية العسكرية لمختلف الأسلحة بشرشال لأداء دورة تدريبية خاصة تعرف بالرسكلة والقيادة، وعند التخرج منها عين قائد كتيبة مشاة مدعمة، وفي 05 جوان 1967م بعدما اندلعت الحرب العربية الصهيونية الثانية، على إثر العدوان الصهيوني على الأراضي المصرية، أرسل ضمن الوحدات الجزائرية المقاتلة –اللواء الرابع-إلى الجبهة المصرية بقناة السويس، وقد أدت هذه الوحدات دورا قتاليا ممتازا خلال تواجدها على خط النار الأول بالجبهة المصرية. 

بعد عودته إلى الجزائر أرسل مرة ثانية إلى الاكاديمية العسكرية بشرشال لأداء دورة تدريبية ثالثة وفي نهايتها رقي إلى رتبة ملازم أول، وعين قائد أركان فيلق حيث تنقل بين العدد من الوحدات وفي سنة 1975م أرسل إلى الحدود الجزائرية المغربية، بعد قيام السلطات المغربية باحتلال الصحراء الغربية. 

وهناك شارك في عملية (مقالة الثانية) التي تلقى فيها الجيش المغربي ضربة قاسية، ردا على اعتدائه على وحدة عسكرية جزائرية بحدود الصحراء الغربية كانت تقوم بمد يد المساعدة للاجئين الصحراويين الذين فروا من بطش الاحتلال المغربي. 

وفي أثناء ذلك رقي لرتبة نقيب وعين قائدا للفيلق الـ 19 باللواء 36 الذي رابط على الحدود الجزائرية المغربية لحراستها وتأمينها ومنع الخروقات المغربية، ومنها أشرف على تدريب وحدة مدرعات لمقاتلي الصحراء الغربية للتصدي للمغاربة ومقاتلتهم. 

وفي أوائل سنة 1982م تقاعد برتبة نقيب من الجيش الوطني الشعبي، بعد 30 سنة من العمل المتواصل قضاها في خدمة الوطن والأمة دون منه أو ظنة، وبعد هذه المرحلة المملؤة بالتضحيات والإنجازات واصل نضاله السياسي في حزب جبهة التحرير الوطني، حيث قدم عديد من المحاضرات التاريخية ونقل شهادته وتجربته عن الأحداث والتطورات التي عايشها خلال الثورة التحريرية سياسيا وعسكريا. 

انتقل إلى رحمة الله تعالى في يوم 19 ماي 2016م، مخلفا وراءه مذكرات شخصية غير منشورة، والعديد من المقالات التاريخية التي نشرها في مجلة أول نوفمبر، ومحاضرة نشرها في كتاب دور مناطق الحدود الذي أعدته جمعية الجبل الأبيض لحماية وتخليد مآثر الثورة التحريرية بتبسة، ومحاضرات أخرى قدمها في دار الشاب الشريعة، وأخرى مكتوبة ولم تنشر، وشارك في حصص إذاعية تاريخية قدمها بإذاعة الجزائر من تبسة، كما لا ننسى مساعدته للطلبة الجامعيين في متخلف الأطوار. 

العريف الأول الطيب صدار: 

ولد المجاهد الطيب صدار يوم 01 جويلية 1927م بدوار المزرعة (بلدية المزرعة دائرة العقلة ولاية تبسة حاليا)، ينحدر من عائلة كانت تمتهن الفلاحة، التحق بصفوف جيش التحرير الوطني في شهر ماي سنة 1955م بالمكان المسمى لبطين تابع لجبال النمامشة تحت أدمج في فوج الطاهر السوفي ثم فوج القائد دعاس لزهر. 

وفي أواخر سنة 1958م اجتاز الحدود الجزائرية التونسية مع مجموعة من المجاهدين تحت قيادة الحمزة عثمان قائد الفرقة التي كان عددها 78 مجاهدا ومفقود من المواطنين وأثناء عبور الأسلاك الشائكة قرب ناحية بئر العاتر، تفطنت لهم الوحدات العسكرية الفرنسية ووقع بينهم اشتباك في منطقة العبور، وأدى إلى إصابة ثلاثة مجاهدين بجراح متفاوتة الخطورة، وبقي ضمن الوحدات القتالية المرابطة بالحدود إلى غاية توقيف القتال بين الجزائر وفرنسا يوم 19 مارس 1962م. 

المسيرة الثورية للمجاهد الطيب صدار غنية حيث شارك في عدد من الأعمال القتالية التي خاضها جيش التحرير الوطني بتبسة والأوراس وهي: 

– معركة جبل أم الكماكم 23 جويلية 1955م بقيادة شيحاني بشير حيث أصيب بجراح. 

– معركة جبل آرقو 17-18-19 جوان 1956م بقيادة لزهر شريط. 

– معركة الحجفة قرب خنشلة سنة 1956م تحت قيادة حفظ الله صالح حيث أصيب بجراح.

– معركة جبل شلية –أوراس سنة 1958 تحت قيادة عبدي لزهر. 

– معركة جبل بوصوف قرب جبل الجرف سنة 1958م تحت قيادة عبدي لزهر

– شارك في الهجوم على المركز العسكري الفرنسي بثليجان. 

– شارك في الهجوم على المركز العسكري الفرنسي بالشريعة. 

– شارك في الهجوم على المركز العسكري الفرنسي برأس العش. 

تقاعد من صفوف الجيش الوطني الشعبي يوم 01 جانفي 1968م حيث كان متواجدا بالناحية العسكرية الثانية. والتحق بتاريخ 16 أفريل 1970م بالشركة الوطنية للخطوط الجوية الجزائرية، وتقاعد منها سنة 1987م. 

العريف الأول سماعل محمد الطاهر: 

ولد المجاهد سماعل محمد الطاهر يوم 06 جانفي 1935م بالشريعة، وهو ابن الشريف وسلطاني ريم، ينحدر من عائلة كريمة محافظة على تقاليدها كان يساعد والده على تربية الماشية وخدمة الأرض، متحصل على الشهادة الابتدائية “لغة عربية”، مكان إقامته دوار الردامة جنوب الشريعة، كان مركز للثورة والثوار حيث أمرهما كل من جدي مقداد والطاهر بن عثمان فرحي بحفر كازمة جوار المنزل لفائدة الثورة من أجل إخفاء المؤونة والملابس وغيرها بدأ الحفر سنة 1956م وانتهى في فيفري 1958م. 

وقد تم اكتشاف الكازمة من طرف القوات الفرنسية على إثر وشاية حيث أخرجت منه كل المؤونة والملابس وبعض البنادق الحربية غير الصالحة للاستعمال ومن ثمة تم تدمير المنزل كليا ورفع الأثاث الموجود بداخله ونهب كل ما فيه كما تم إلقاء القبض على كل من: سماعل محمد الناصر وجاره الوافي لحباسي والوافي التلي، وتم أخذهم إلى مركز الشريعة للتحقيق معهم حول الكازمة. 

 وفي شهر أفريل هاجرت عائلة الشريف سماعل إلى تونس، واستقبلها بالحدود كل من سماعلي صالح بن علي وجدي مقداد وقدموا للعائلة يد المساعدة، وفي سنة 1959م التحق محمد الطاهر سماعل بصفوف جيش التحرير الوطني تحت قيادة النقيب سعد قسطل بعين الحامية قرب جبل الشعانبي، وشارك في عدة كمائن ومعارك على طول الحدود الجزائرية التونسية، وفي سنة 1960م أصيب بجراح في رجله خلال تنفيذ هجوم على السد الشائك والمكهرب وعلى إثره دخل مستشفى الكاف لمدة 15 يوم، وبعد ذلك عاد إلى الوحدات القتالية وتقلد رتبة عريف أول في صفوف جيش التحرير الوطني،

 بعد توقيف القتال يوم 19 مارس 1962م، دخل أرض الوطن مع جنود الحدود عن طريق بوشبكة، وخلال سنة 1968م تقاعد من صفوف الجيش الوطني الشعبي، وفي سنة 1971م عين حارسا لمدرسة إلى غاية تقاعده سنة 1989م. وفي شهر سبتمبر 1994م حمل السلاح من جديد في إطار مجموعات الدفاع الذاتي، وفي سنة 2003م أصيب بكسر في ذراعه الأيمن على إثر حادث بجبل أم الكماكم وخضع لفترة علاج استمرت لمدة سنة كاملة بالمستشفى العسكري بقسنطينة. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى