أقلام

على الميدان.. المقاومة الفلسطينية تفرض قوانينها

رغم القصف العشوائي برا وبحرا وجوا, بالمدافع والطائرات الحربية المتنوعة نفاثة ومسيرة والزوارق الحربية, ورغم اللهب والدمار والاستهداف العشوائي للأبرياء من الأطفال والنساء, وقطع الماء والتجويع والترويع وقصف المستشفيات والقنص العمدي لكل شيء متحرك, ورغم الأعداد الكبيرة للشهداء والجرحى الذين ارتقوا جراء المجازر والمذابح الصهيونية, إلا أن الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة فرضت قوانينها السياسية والعسكرية والإعلامية على العدو الصهيوني, فرقت جنده وفجرت دباباته, دكت تكاتفه وخلخلت وحدته وكسرت شوكته وأدخلت مجلسه الحربي المصغر في دوامة من الفوضى, وأخرجت مواطنيه إلى الشارع عنوة للتظاهر ضد حكومته العنصرية, مما نتج عنه شرخ سياسي كبير تداعت له أركان الكيان الصهيوني وزلزل زلزالا عظيما, الذي بات كالأعمى يلتمس طريقا وسط ضباب عنجهيته وتطاول نتنياهو المتمسك بأسبابه الشخصية خوفا من السقوط والارتطام الحر الذي سيلوي رقبته ويمرغ أنفه في وحل غزة.
لقد بات الكيان الصهيوني يستعمل سياسة الترقيع الاقتصادي لتغطية نفقات حربه القذرة واللا إنسانية, زيادة على خوفه من انفجار وشيك للوضع الأمني في الضفة الغربية, وقد قالها صراحة وزير دفاع العدو الصهيوني يواف غالانت في خرجة إعلامية معبرا عن مخاوفه من دخول الضفة الغربية خندق طوفان الأقصى, وخاصة وجيشه يشن هجمات واقتحامات ظالمة لعدة مدن في الضفة, قام خلالها بانتهاكات تتمثل في الاعتقالات العشوائية للفلسطينيين وقتل المقاومين والأطفال والتمثيل بجثثهم, وقد تم توثيق هذه الجرائم وتم نقلها مباشرة من طرف بعض القنوات العربية.
جيش العدو الصهيوني بات محاصرا بالرهبة والصدمات النفسية نتيجة ما لاقاه في غزة من ضربات لم يذق طعمها من قبل ولم تخطر له على بال وكأنه يحارب أشباح, زيادة على الخسارة الكبيرة في أعداد دبابات الميركافا التي كانت في وقت ما أسطورة الصناعة الصهيونية, والأعداد الكبيرة والغير متوقعة من الجنود المعاقين, لقد بات هذا العدو يعاني الأمرين, الحرب النفسية وشدة ضربات المقاومة, وكلاهما وتد غرس في قلبه الذي لم يتعود على حرب المدن والمناطق الضيقة, لهذا سجلت في صفوفه الآلاف بصدمات نفسية, واستنادا لقنوات عبرية, أن 9000 جندي تلقوا علاجا نفسيا منهم أكثر من 1500 جندي تحت المتابعة الدورية, وأن غالبيتهم لم يعودوا للقتال في غزة, فهزيمة إسرائيل بوابة فتحت على مصراعيها على بداية زوال الكيان الصهيوني الذي دخل عهد الانقسامات السياسية والعسكرية وفقدان الجبهة الداخلية للثقة في قادتها, وهذا ما يفسر عودة الكثير من اليهود ذوي الجنسية المزدوجة إلى بلدانهم.
تضارب التصريحات لأعضاء مجلس الحرب المصغر اثر سلبا على إستراتيجية قادة الجيش و أدخلهم في دوامة من الهواجس النفسية, زيادة على الخسائر المسجلة يوميا في صفوف الألوية والفرق المتدخلة على مستوى مختلف الجبهات في غزة سواء في أعداد القتلى والمصابين أو في عدد آلياته العسكرية المعطوبة, وهذا ما شكل عقدا نفسية لدى الضباط والقادة, وهذا ما يوحي ويفسر الأعداد الكبيرة التي سجلت في صفوف الضباط القتلى كان نتيجة قلة الخبرة وأن غالبية جنود الاحتياط يدفعون دفعا للقتال في غزة وكأن هذه الحرب لا تعنيهم.
الحرب في غزة أخلطت أوراق البيت الأبيض الذي بات قلقا و متذمرا من تصرفات نتنياهو ووزرائه المتطرفين, وهذا بعد تدني شعبية الرئيس بايدن بسبب مساندته المطلقة للكيان الصهيوني وتزويده بالسلاح والعتاد العسكري, ورغم ذلك تبقى نذور الحرب الصهيونية الصليبية تطل على المشهد الحالي في غزة, الشعب الفلسطيني يعاني من شدة الأمراض والأوبئة والمجاعة التي بدأت تدق لها طبول المنظمات الإنسانية الدولية, زيادة على عدد الشهداء الذي فاق 23800 شهيد وأكثر من 60000 مصاب, زيادة على المفقودين تحت الأنقاض. ما يهم الآن ليس المستقبل الأسود والغامض لنتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفين, المهم أن المقاومة انتصرت وبشرف كبير وأن أسباب التحام وتعاضد واتحاد الفصائل الفلسطينية متوفر, وأن مستقبل هذا العدو الغاصب إلى الزوال.

بلخيري محمد الناصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى