الأولى

علينا العودة إلى المبادئ الأساسية لتضحيات الشهداء

الدكتور سليم قلالة  في منتدى الذاكرة

 حل أمس الدكتور سليم قلالة ضيفا في منتدى الذاكرة لجريدة المجاهد  المنظم من طرف جمعية مشعل الشهيد  والذي تم في إحياء اليوم الوطني للشهيد المصادف ل18 فيفري من كل سنة وهذا حتى لا ننسى تاريخ الأبطال الأشاوس الذين ضحوا بزهرة شبابهم  فداء لهذا الوطن وهذا كله من أجل  أن تنعم  الجزائر بالحرية والاستقلال .

ودعا قلالة خلال مداخلته ،  وفيما يخص موضوع  اليوم الوطني للشهيد قال أنه قبل 1989  كان الكثير من أبناء الشهداء وغيرهم يتحدثون عن لماذا ليس هناك احتفاء بيوم الشهيد في الجزائر ، مشيرا أن هذا السؤال كان يطرح بحدة في الكثير من الاجتماعات واللقاءات التي كان يحتفى بها في الغالب  بطريقة غير منظمة في مقرات حزب جبهة التحرير الوطني ومرات كانت تنظم في بلديات وغيرها من الأماكن  بطريقة غير منظمة كانت تطرح نقاشات حول الشهيد وأبناء الشهداء ورسالة الشهيد وهذا كان بمثابة البحث عن يوم يعيد إحياء مآثر الشهداء كرمز وليس كيوم في حد ذاته  إلى أن جاءت ندوة 1989 التي حملت في خضم نقاشتها الجارية حول عدة قضايا وقضية يوم الشهيد جاءت عرضا في ذلك اليوم ولم تكن المحور الأساسي لذلك اللقاء  الخاص بأبناء الشهداء مؤكدا أنها جاءت كفكرة ولكنها سرعان ما أحدثت إجماع حيث أصبح المطلب الأساسي ليكون 18 فيفري 1989  هو اليوم الوطني للشهيد  لتبدأ بعدها معركة الإجراءات في البرلمان  إلى غاية إصدار قانون يدرج هذا اليوم ضمن الأيام الوطنية المعترف بها في الدولة الجزائرية  إلا أنه تأخر صدور هذا القانون إلى غاية 8 جانفي 1992 في الجريدة الرسمية  وعليه فهذا القانون رسم اليوم الوطني للشهيد حيث   أصبح الجزائريون يحيونه في 18 فيفري من كل سنة  .

وطرح  الأكاديمي  جملة من التساؤلات  حول  الرسالة التي ينبغي أن نقولها في سنة 2018   التي نجد فيها اختلافا كبيرا مقارنة  بالسنوات السابقة عن  الستينات و السبعينات والثمانينات والذي عرف ظهور أجيال جديدة مع تغيرات و تطورات وقعت في المجتمع الجزائري  على المستويين الاجتماعي  والاقتصادي  وعليه فماذا نقول  عن هذا الظرف بالذات  وما هي الرسالة التي نرسلها للرأي العام أو التي نسعى لتقديمها لهذا الأخير  وما هي المضامين الأساسية التي ينبغي أن تحملها هذه الرسالة وبالتالي فعندما وازنت محتوى الرسائل  التي ينبغي منا إرسالها إلى المجتمع الجزائري ،وجدت أن هناك خلل كبير وقع فيه مجتمعنا طوال هذه الفترة  وهذا منذ استعادة السيادة الوطنية إلى غاية اليوم نافيا أن يكون هذا الجانب متعلقا بالمسائل المادية أو الاجتماعية أو المسائل المتعلقة بالحياة  العادية للمواطن الجزائري ولاحظت أن كل الاهتمام الذي وقع  في العقود السابقة  كأن الجزائريون  في حاجة إلى تلبية  الشروط الاجتماعية للعيش  حتى أصبح المجتمع لا يؤمن إلا بهذه الأمور .

أساس نجاح الثورة يكمن في قيمها  ومبادئها الأساسية

كما سلط قلالة الضوء  على الجانب الأكبر الذي تم نسيانه من طرف المجتمع الجزائري  والمتمثل في جانب القيم ومنظوماتها التي حركت الثورة الجزائرية بالأساس  حيث أن الإمكانيات والمسائل المادية  لم تكن هي أساس نجاح الثورة الجزائرية   بل إنما سرها كان يكمن في قيمها  ومبادئها الأساسية  التي كان مقتنع بها كل فرد ساهم في الثورة الجزائرية والتي استشهد من خلالها  الشهداء ،  معتبرا أن هذا الجانب هو الذي أصبح لدينا فيه خلل ليس فقط على مستوى الأجيال الصاعدة  إنما على مستوى الجيل  الذي عاش الثورة  أو كان وسطيا  بين الثورة والاستقلال فلقد تغلبت  الأحداث المادية والأهداف الاجتماعية على إحياء القيم الوطنية .

وأشار في سياق ذي صلة الدكتور سليم قلاله بأنه ينبغي من مناسبة اليوم الوطني للشهيد أن تكون فرصة  لتقديم رسالة  إلى جميع وسائل الإعلام  وقطاع التربية  وجميع الجهات  التي لديها تأثير في المجتمع  أن تعيد رسم  إستراتيجية وطنية لإعادة الاعتبار للقيم الوطنية لأن المشكلة الأساسية  التي نعيشها تكمن هنا حيث أننا نجد أن الضعف ليس في الإمكانيات بل في القيم  وعليه فلو كانت لدينا ثروة كبيرة في قيم العطاء والعمل لما احتجنا لعدد كبير من الإمكانيات المالية مقدما في ذلك مثالا بارزا عن قيمة  أساسية من قيم الشهداء والمتمثلة في قيمة التضحية  وهي القيام بعمل لأجل الأخريين ولا تنتظر أي مقابل مباشر  لعملك لكونه عمل فداء من أجل  الوطن الجزائر ،   معتبرا أن هذه القيمة أساسية  كانت لدى المجاهدين والشهداء الذين استشهدوا في ثورة التحرير المباركة ، وبالتالي فلما نضع هذه القيمة في مستوى  الذين يقودون المجتمع حاليا  فنجد فيها خللا كبيرا في أن يقوم بتضحية للجزائر بدون أن يبحث عن مردود أو عن  نتيجة لذاته مباشرة ى داعيا إلى تصحيح هذا الأمر بدءا من التكوين  القاعدي  وليس بعد  فوات الأوان لأننا عندما نفقد قيمة التضحية تأتي قيمة أخرى مضادة لها وهي قيمة الأنانية التي يبحث فيها كل شخص عن تحقيق أهداف وغايات  شخصية دون مراعاة الأخريين  .

منظومة التربية تقدم مادة التاريخ  بطريقة نمطية

 

فيما أوضح ذات المتحدث أن هناك العديد من القيم المختلفة  كالتضحية والوفاء  والأخوة  والوحدة  والانضباط  والنضال وعليه فعند العودة للنضال الذي كان أثناء الثورة يعني الالتزام بالعمل  والقرارات  التي لا يمكن أن تخالف وعليه فكل هذه المعاني  التي كانت محمولة في قيم معينة بدأت تتلاشى وتحتل مكانها معاني أخرى  مخالفة موضحا أنها  لا تضر بجيلنا نحن لكوننا نمتلك مناعة من أن  ننحرف  ولكن أبنائنا  من الجيل الصاعد  مهددين بنسيان قيمة التضحية  ومبادئ الثورة والاستقلال وبالتالي فهذه الحقائق غير منقولة للأبناء والمشكلة هنا ترجع  إلى أن المنظومة التربية  والتكوين في مختلف الأطوار التعليمية من  الابتدائي  والمتوسط والثانوي  استمرت في تقديم التاريخ  بطريقة نمطية  تجعل من التلميذ الجزائري يكره مادة التاريخ  منتقدا في ذلك طبيعة الأسئلة الموجهة للتلاميذ حيث أضحت مادة التاريخ لدى هؤلاء سنوات وأشهر وأرقام   وبالتالي فلقد تم إفراغ التاريخ من محتواه بدل إعطاءه في صورة جديدة  ملائمة للتكنولوجيات الجديدة والمعاصرة ومناسبة لما يتقبله إبن اليوم  في القرن 21  وهذا بالاعتماد على الوسائل الجديدة باستعمال تقنيات السمعي البصري لرؤية الوقائع والمعارك مع طرح أسئلة حول الأهداف  الكبرى  للمعارك  ليتم في الأخير تقديم خلاصة وهذا بهدف فهم التاريخ .

 وأضاف قلالة سليم أنه لابد من العمل على مستويات مختلفة كوسائل الإعلام والتكوين بشكل عام  عن طريق التكوين الجماهيري للجمعيات وغيرها حيث يفترض  أن تكون هيئة وطنية  حيث كانت هناك فكرة لإنشاء المجلس الوطني للذاكرة ولكنه  لم يرى النور إلى حد الآن ،وبالتالي فمن المفروض أن يكون هذا المجلس هو الذي يفكر في  كيفية  نقل محتوى  رسالة الشهداء للأجيال القادمة ،  داعيا في ذلك  إلى ضرورة إنشاء هذا المجلس الذي يعود بالفائدة للجزائر  فنحن نحتاج إلى تدقيق للكثير  من الأشياء في موضوع الذاكرة  وهذا قبل أن ينتهي جيل المجاهدين  وجيل أبناء الشهداء  والأشخاص المخضرمين  الذين عاشوا الاستقلال والثورة على حد سواء  ، وبالتالي فلابد من إعادة التفكير في كيفية تقديم الواجب لشهدائنا الأبرار  وعلى المجتمع أن يكون وفيا ويحمل في عمقه رسالة الشهداء  قبل أن يحقق بعض  الشروط المادية  وعليه فينبغي أن تكون الحياة الكريمة ذات محتوى ولكن تنقصها الروح،   فكل الثورات لا يبقى منها  الإنجازات إنما  يبقى منها المحتوى وكل ثورات العالم  وهي  شعار ورمز في آخر المطاف يبقى مستمرا لقرون  مع تلك الأمة وإذا فقدت هذه الأخيرة هذا الرمز  وكأن التضحيات الشهداء  وضاعت وتحولنا كأي مجتمع بدأ يشتغل ويبني في بلاده بدون أي معنى ومحتوى نابع من تاريخه وهذا ما يجعله يستورد محتوى من جهات أخرى  وهذا ما يجعله يدخل في صراعات  .

إعادة النظر في خياراتنا الإستراتيجية بالعودة لقيم الوحدة الوطنية

 

 كما تحدث قلالة عن قيمة الوحدة الوطنية  قائلا أن مفهومها كان مرتبط  بآخر نقطة من المفاوضات  والمتمثلة في  الصحراء ووحدة الإقليم الجزائري  التي لا نقاش فيها في حين أصبح البعض يشكك في مسألة الوحدة الوطنية  ويتساءل عن ماهيتها  دون مراعاة تضحية الشهداء  التي قدمت أرواحها فداءا للوطن  ومن أجل هذه القيمة  مؤكدا أن كل هذه المسائل كان يؤمنون بها دون أدنى شك فيها  وهذا مفهوم إستراتيجي حقيقي لتحقيق  الأهداف  ليس من خلال ما نملك من وسائل إنما من خلال الإيمان بالهدف الإستراتيجي ووضوحه ونحن الآن  لدينا أهداف إستراتيجية منذ 1962 والمتمثلة في اجتماعية الدولة  والنمط الاقتصادي ولكننا في معظم الأحيان كنا نغير هدفنا الاستراتيجي  الذي كان فيما سبق اشتراكيا لا رجعة فيه  ،إلى أن تم تغييره في  1989  إلى الديمقراطية  وعليه فالكثير من الأهداف حاليا محل سؤال ، موضحا  قلالة أننا وصنا إلى مرحلة  تتوجب منا إعادة النظر في خياراتنا الإستراتيجية  فالجزائر إذا لم تصحح  وتدقق  بوضوح أهدافها الإستراتيجية وخياراتها الأساسية  عن طريق إعادة قراءتها وتصحيحها فسنسير في نطاق الغموض  ولن نحقق ما نريد تحقيقه كالاستمرارية في خط الشهداء  الثورة الجزائرية فالمرحلة  الحالية تحتاج بالفعل إلى تصحيح وتدقيق في جميع  المجالات ونحن لدينا من  الكفاءات والخبرات والقدرات  والأشخاص المخلصين  ما يكفي لضبط  هذه الخيارات الإستراتيجية للمرحلة  المقبلة وللعشرين سنة المقبلة حيث أننا نستطيع بعدها أن نواصل دون الإحساس بأننا قمنا  بإحداث خلل في المسيرة الوطنية ولكي نبقى أوفياء لشهداء الجزائر  .       

           

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى