
الحي الشعبي مناخ فرنسا ببلدية وادي قريش:
“واش خصك خونا؟”، “ماذا تريد أن تشتري أخي؟”، بهذه العبارة استقبلنا أحد سكان “شوفالي” بحي “مناخ فرنسا” في بلدية “وادي قريش”، ونحن نهم بدخول الباب الكبيرة للحي، حينها تساءلنا عن ماهية الأشياء المُباعة، لنتأكد فيما بعد أن مقدمي العرض هم تجار المخدرات بالتجزئة، فطريقتهم في البيع تجعلك تغوص في حارات بلدان أمريكا الجنوبية، وتعيش وكأنك بينهم لفترة من الزمن، فقررنا حينها تغيير الموضوع الذي جئنا من أجل تحريره.
كل أنواع المخدرات موجودة عند بوابة الحي، حسب ما قاله لنا “س،م”، فشوفالي أو “المارشي الكبير” أصبح وكأنه مركز تجاري كبير تُباع فيه مثل هكذا مواد التي يحاربها القانون، ولكن يضيف مصدرنا أن ما يحصل يؤكد عكس ذلك لكون الواقع يجعلك تعيش في بلد غير بلدك، فمناخ فرنسا يتوسط “مقبرة القطار” ويقع في جبل صغير تتوفر فيه العديد من النقاط التي يُشتبه أن تكون معاقل لبائعي هذه المادة المحظورة قانونيا واجتماعيا.
الآفات تنهك سكان وشباب الحي
بعد ولوجنا من البوابة الرئيسية الخاصة بسيتي شوفالي، كان لنا لقاء مع أحد قاطنيه، الذي يسكن إحدى شقق الحي الضيقة المتوزعة على العديد من العمارات، فأكد لنا بعد أن أخطرنا أن البوابة دائما ما تكون على هذه الحالة أن هذه المواد المحظورة يتم تعاطيها كذلك داخل الحي دون أي حسيب أو رقيب، ما يخلق دائما جوا مكهربا يخل بموازين الاستقرار حيث قال:”بالرغم أنه خلال السنوات القليلة الماضية قل حجم المواجهات داخل الحي إلا أن الواقع يُجبر السلطات على التحرك لكون ما يحصل كارثة”، متابعا:” الحي أصبح مرتعا للفساد، ونحن من يتحمل مسؤولية ما يحصل لكوننا لم نقم بواجبنا اتجاه أبنائنا”.
المصاعب الاجتماعية أجبرتهم على ذلك
وبعد الجولة الخفيفة التي قمنا بها رفقة دليلنا في الحي كان لنا وقت قصير قضيناه في إحدى المقاهي الموجود داخل الحي، كانت صغيرة مقارنة بما هو موجود في الكثير من الأحياء الشعبية بالعاصمة، وأوضح لنا خلال هذه الجلسة بأن المشاكل الاجتماعية التي يعيش فيها السكان وخاصة المراهقون وحتى الشباب منهم لها دور كبير في الحالة الكارثية التي ٱل إليها الحي، ودعا ذات المصدر السلطات المحلية إلى ضرورة خلق متنفس مهني للشباب لأن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، وبعد أن تنفس بحسرة عاد ليضرب الطاولة الصغيرة بحذر ويقول:” حتى الحل الأمني غير مناسب، يجب أن يكون هنالك تنسيق بين الجهات المسؤولة ليتم اخراج الشباب من هذا المستنقع الذي هم فيه”.
فئة مروجي المخدرات منظمة رغم قلتها
صحفي “الوسط” كان له اتصال مع الناشط الجمعوي وممثل قدامى الكشافة “منير عربية”، الذي أوضح أن فئة بائعي ومروجي المخدرات عددها قليل في الأحياء الشعبية ولكن الأمر الذي جعل تأثيرها يستفحل
هو طريقة تنظيمها، وهذا عكس باقي الفئات التي ترى فيها مشكل يجب حله، قائلا:” الفئات الأخرى تسير بعقلية أخطي راسي”، وأكد ذات المصدر أن قدماء الكشافة حاولت الظاهرة بطريقة ميدانية فعالة بعيدا عن الندوات والمحاضرات التي أصبحت لا تأتي أكلها في وسط الشباب، مضيفا:” حاولنا تكوين شباب في مقتبل العمر من 15-18 سنة”، والذي يسمون حسب عربية الجوالة، كوسطاء اجتماعيين يكون لهم الدور الفعال في مخاطبة اقرانهم فهم لهم نفس التفكير ونفس الهيئة.
ومن جهة أخرى ذكر ممثل قدامى الكشافة بالنشاطات التي قامت بها جمعيته في هذا الخصوص حيث شدد على أنه تم تنظيم قوافل تحسيسية جابت ربوع الوطن من الشرق الى الغرب في اكثر من 30 ولاية شارك فيها حوالي 350 وسيط اجتماعي بعد تلقيهم التكوين والتدريب وهذا بغية محاربة هذه الأفة والقيام بعملهم الميداني، مؤكدا أن هذه الخطوة وجدت صدى كبير وسط المواطنين.
هذا ما يراه القانون في حق مروجي المخدرات
من الناحية القانونية “صحفي الوسط” كانت له هذه الأجوبة من قبل الحقوقي توفيق هيشور، الذي أبرز أن هذه الأفة سلوك لا أخلاقي قبل أن يكون لا قانوني، وخروج عن قيم الإنسانية قبل أن يكون خروجا على القانون، مشددا على أن القانون الجزائري يمنع منعا قاطعا أي تجارة بالمهلوسات والمخدرات ويصنفها في خانة الجنايات التي غالبا مايطالها تشديد العقوبة لما تحمله من خطر على المواطن وكسر للإقتصاد الوطني، مصدرنا لم يتوقف عند هذا الحد لكونه راح يسرد بعض المواد القانونية الخاصة بقانون العقوبات، حيث قال:”المادة 17: ” يعاقب بالحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة، و بغرامة مالية تتراوح ما بين 5000000دج إلى 500000000دج كل من قام بطريقة غير مشروعة بإنتاج أو صنع أو حيازة أو عرض أو بيع أو وضع للبيع أو حصول و شراء قصد البيع أو التخزين أو إستخراج أو تحضير أو توزيع أو تسليم بأي صفة كانت أو سمسرة أو شحن أو نقل عن طريق العبور أو نقل المواد المخدرات أو المؤثرات العقلية. مضيفا:”و يعاقب على الشروع في هذه الجرائم بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة المرتكبة”، أما المادة يؤكد هيشور فتتمثل في المادة 15 التي تسرد ما يلي :” يعاقب بالحبس من خمس(05) سنوات إلى خمس عشرة (15) سنة ، و بغرامة مالية ما بين 500.000 دج إلى 1 . 000.000 دج كل من:سهل للغير الإستعمال غير المشروع للمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بمقابل أو مجانا، مع وضع مخدرات أو مؤثرات عقلية في مواد غذائية أو في مشروبات دون علم المستهلكين “، أما المادة 16 فتؤكد:”يعاقب بالحبس من خمس (5) سنوات إلى خمس عشرة (15) سنة و بغرامة من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج، مضيفا في الأخير أن ظاهرة المخدرات التي انتشرت في الأحياء الشعبية بشكل رهيب، تحتاج إلى نصوص قوانين أكثر صرامة ووعي من أجل محاربتها والقضاء عليها نهائيا.