أقلام

في الحديث عن التطوع وثقافة التويـزة

في مجتمعنا الذي تحولت فيه العلاقات، و طغت الماديات ، افتقدنا لبعض العادات والتقاليد الجميلة التي كانت تجمع بين الجزائريين وتعبر عن روح التضامن والتواصل بينهم .كان الجزائري لأخيه عونا وسندا ، وكانت رسالة المحبة عنوان لتلك العلاقات في إطار ما رسمه لنا ديننا الحنيف الذي يؤكد على الرأفة والتراحم والتواد ، والكل يفهم معانيه ومقاصده ويلتزم بتطبيق أوامره وينتهي عن ما نهى عنه حرفيا . لم يكن أبدا يوجد بينهم شبعان وجارهم جائع ،وكانوا يهتمون لأمر بعضهم البعض والجميع يعيش في كنف السلام كعائلة واحدة دون تفرقة او فرقة او جهوية أو إثارة النعرات والفتن كما نرى اليوم ، وكان أفراد المجتمع يلبون نداء التضامن من تلقاء أنفسهم ، حيث كانت ثقافة التويزة راسخة، ذاك العمل الجماعي والمشترك الذي يؤكد على أواصر الأخوة وروابط المحبة والتكاتف والتلاحم فيما بين أبناء الشعب ،إذ لم تكن ثقافة المادة طاغية حيث التراحم فعل فعلته في كل شيء . وكانت النخوة والشهامة عنوان في علاقات الناس مع بعضهم البعض ، فلماذا تراها غابت اليوم رغم الإمكانيات والتطور ؟ ولماذا لا نعيد عمليات التطوع والتويزة لإعادة البسمة لحياة الكثير ممن لم يجدوا معينا من أبناء الشعب من الفقراء والمعوزين وذوي الاحتياجات ، ونبدأ بحملات تنظيف لشوارعنا التي امتلأت أوساخا كما امتلأت قلوب الكثيرين حقدا على بعضنا دون سبب، ونلتفت لحال بعض المدارس خاصة الابتدائية منها ونجعلها قضيتنا كأولياء وكجيران للمؤسسات التربوية ونعمل على تنظيفها وصبغها.ونهتم بالمساحات الخضراء ونعيد تشجيرها ورعايتها وتزيينها .ونعمل على إماطة الأذى من الطرقات التي أصبح حالها لا يطاق وانتشرت فيها قاذوراتنا وأوساخنا. دون ان ننتظر إذنا من البلدية أو أن يكون عملنا مناسباتي وتحت إشراف رسمي ، لأن العمل هنا يدخل فيه الرياء والتفاخر و ينطوي على حاجة في نفس البعض يريدون أن يقضوها من السلطات ، فثقافة التويزة كانت أعمق من ( دير الخير واتصور معاه ) ونشره في الفيسبوك . لان العمل كان خالصا لوجه الله وجلب به منافع للناس وابتغاء الدار الآخرة. وهو (معروف) بين أبناء الحي والدوار والقرية والمدينة لكي تزداد المحبة ويتعمق التواصل ورابطة الدم والأخوة لتتآلف القلوب وتصفى النفوس وتحسن بالأمان والطمأنينة. ولقد رأينا بعض النماذج التي يمكن لها ان تتواصل ونعمل على تشجيعها والمساهمة فيها قدر الاستطاعة وفي حدود الإمكانيات، من أجل إعادة البسمة لعائلات من خلال تهيئة منازلها أو بناء مساكن تأويها بفضل تبرعات المحسنين ، وهذا يبين طينة ومعدن الجزائري الأصيل الذي رغم ظروفه الصعبة إلا انه حين يرى أخوه المواطن ( مغبون) يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى