
بقلم: الوليد فرج
قول لعبيدة بن ضيرية النّمري جرى كمضرب مثل و قصته ان عبيدة سمع رجل أخطأ في قراءة الآية 79 من سورة ص ، فقال له : و يحك إنك غُفْل لم تَسُمك التجارب و في النصح لسع العقارب .
إن كان في النصح لسع العقارب ، كما قال عبيدة النّمري ، فماذا يكون فيه إذا وجه لشخص ذا مركز عمومي أو له هيئة عامة أو مسؤول في دولة أو صاحب قرار أو من أهل الحل و الربط . وكل هذه الصفات والمهام هي مناط نقد و تجريح لتعلقها بالشأن العام وإدارة الأحوال و الأوضاع الاجتماعية ، و ترابطها المباشر بحياة الناس .
لاحظت بمناسبة انتقاداتنا للمولود الثقافي الهجين الذي راح الكثير من النابتة الجدد في تربة الثقافة القاحلة ، الترويج له على انه فتح ثقافي مبين ، لا أنكر أن بعض كتاباتي كان لاذعا ، حرك فئة من المؤلفة قلوبهم ، و أخرى لها خلفيات شخصية تافهة ، حاولت التشكي من قلمنا ، لافتقار أخلاقها و مناهجها لأساليب التداول التكاملي و الموجب للرد بنقيض ما ادعينا ، مما يثبت صدق ما اتفق عليه عموم الناس حول انزياح الانزياح.
أن الفعل الثقافي الحقيقي هو الذي يستقبل أثار تردي الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و يعالجها و يصنع منها سلوكات ثقافية ، اجتماعية تعالج الوضع ، وليس فعل يثبت وضع الانحطاط و الرداءة ، بمنظومة تفاهة تتمترس وراء الألقاب العلمية الجوفاء التي لا تسمن فقر قيمي و لا تغني من جوع ثقافي ، أن الفعل الثقافي ليس شهادة أو.
مركز علمي ، ففي المخيال الثقافي الشعبي ، دور حامل جائز نوبل و مهندس المفاعل النووي و فرق الأنتلجنسيا هو نفسه دور راقصة الأحواش و براح الأسواق الشعبية ومدّاح الوعدات .
الثقافة ليست مجلة مدبجة بالمقالات و لا دوريات و كراسات و لا ندوات فارهة و منتديات . الثقافة هي ذلك الزخم التراثي الكل المتكامل من أدنى عادة اجتماعية وعرف جماعي إلى موروث يصارع البقاء أمام عولمة متوحشة في زمن الرقمية التي لا ترحم . الثقافة هي النزول من الأبراج العاجية الكاذبة في أعماق بنيان المجتمع والبحث عن أوراقه الثقافية التأسيسية ،الثقافة هي البحث عن سر مهمات وأهداف البعوثات الأولى لأركيولوجيي وعلماء آثار المستدمر؟
الثقافة هي خلق دروع و بنى ذهنية ثقافية لحماية الهوية من التشظي الذي يتهددها من العدو التاريخي الدائم .
الثقافة هي حماية الثقافة من التفاهة ولو كان ذلك بلدغ الأفاعي .