إفادات شهود العيان من الصهاينة في غلاف غزة عن حقيقة ما جرى في السابع من أكتوبر ومفادها أن معظم من قتلوا من المدنيين الصهاينة في ذلك اليوم كانوا قد قتلوا بنيران صديقة أو بالأحرى أنهم قتلوا بنيران صهيونية لأن ما حصل وما زال إلى لحظة كتابة هذا المقال يشير إلى وجود نية مبيتة لجزار غزة، النتن ياهو لارتكاب مجزرة لم يشهد مثلها التاريخ الحديث.
أكثر من 20 ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال وأكثر من 50 ألف مصاب من الغزيين غير المفقودين تحت الأنقاض هو نتاج لمحاولة يائسة أخرى لهذا الجزار لإبعاد شبح السجن عنه بعد أن فشل في محاولته الأولى في خطفه وتطويعه للنظام القضائي في إسرائيل ما يعني أنه بات شبه مؤكد على أن الجزار كان لديه علم مسبق بما حصل.
السابع من أكتوبر
كل الدلائل تشير إلى أن السابع من أكتوبر في مخطط المقاومة كان يهدف فقط إلى اختطاف أكبر عدد ممكن من الجنود الصهاينة الذين يحاصرون غزة إحياء ودون إراقة دماء إلا أن ذلك لو حصل فإنه لم يكن ليفي بالغرض الذي يبحث عنه النتن ياهو كغطاء لارتكاب حرب تنقذه من السجن وفي نفس الوقت تستجيب لهدف صهيوني استراتيجي في إبادة الفلسطينيين وعليه استغل النتن السابع من أكتوبر ليكون فرصة يعيد فيها للذاكرة الغربية والصهيونية المحرقة النازية بحق يهود أوروبا لتحقيق غرضه بدليل اختراع أفضل ما وصل له العقل البشري من كذب وافتراء وتغليف ذلك بخديعة بشعة وهي قطع رؤوس الأطفال وهو ما يؤكد على ما نقوله من أجل تأجيج مشاعر ذنب المحرقة النازية لدى الغرب يستغله الجزار كغطاء لارتكاب حرب ترقى لمستوى نكبة ثانية بحق الفلسطينيين لإكمال ما عجزت عنه النكبة الأولى في استهداف الأطفال الفلسطينيين حتى لا يكبروا بعد أن ثبتا للحركة الصهيونية بأن صغار فلسطين لا ينسون إضافة إلى قتل أكبر عدد ممكن من المدنيين من سكان غزة ومعظمهم من اللاجئين الذين ما زالوا يحتفظون بمفاتيح العودة.
هدف المقاومة الفلسطينية من عملية طوفان الأقصى كان تحرير أسرى الحرية الفلسطينيين الذين تم اختطاف معظمهم من أسرتهم ليلا وهم نيام على يد قوات الاحتلال والزج بهم في غياهب السجون وتعذيبهم في سجون الاحتلال، هؤلاء الأبطال هم وقود وشعلة وقادة هذه المقاومة وحراس حرية وكرامة الشعب الفلسطيني ولم يكن هناك أي وسيلة تجبر العدو الصهيوني على تحريرهم غير استبدالهم بأسرى صهاينة وهذا ما أثبتته مسيرة الصراع مع بني صهيون وأخيرها كان جلعاد شاليط وهو ما يؤكد على ما نقوله وإثبات على أن ما جرى من قتل وسفك دماء لصهاينة غلاف غزة من المستحيل أن يكون هدفا لعملية طوفان الأقصى.
الفرصة الأخيرة
السابع من اكتوبر في اعتقادي كان الفرصة الأخيرة للنتنياهو فاجأ بها كل ورؤساء الغرب وعلي رأسهم أمريكا بزعم محرقة جديدة ارتكبتها حماس هذه المرة بحق اليهود أثناء احتفالهم بالعيد وزاد عليها كما أسلفت خديعة قطع رؤوس الأطفال وهو ما مكنه من الحصول على مبتغاه من زعماء الغرب وهو الضوء الأخضر والدعم ليرد الصاع صاعين للجريمة المزعومة بحجة حقه في الدفاع عن شعبه وقد ساعده في هذه المهمة كره زعماء الغرب لحماس التي يصمونها بالإرهاب إضافة إلىوجود وزراء إرهابيين وفاشيين معه في الائتلاف الحكومي من أمثال بن غفير وسموترتش يشاركونه نفس الهدف.
ومع ذلك هناك ما يثير السخرية وهو هذا الإصرار من قبل الغرب الرسمي على موقفه المخزي والمخجل حيال ما يجري من محرقة صهيونية وبنمط نازي بحق أهل غزة على الرغم من الكشف عن حقيقة خديعة وكذب وافتراء النتن وزمرته بعد بضعة أيام من خلال شهادات لشهود عيان إسرائيليين على الرغم من محاولة آلة الدعاية الصهيونية طمس هذه الشهادات إضافة إلى ما يتوفر لدى زعماء الغرب من صور للأقمار الصناعية التي من المؤكد أنها أظهرت طائرات الأباتشي تطلق النار على المحتفلين ودبابات صهيونية تقصف البيوت التي احتجز فيها رجال المقاومة مع رهائن إسرائيليين.
في نفس السياق أقول بأن على زعماء الغرب ومنهم الأب والجد والزوج أن يخجلوا على أنفسهم وهم يحتفلون بأعياد ميلاد سيدنا المسيح الفلسطيني ويتبادلون الهدايا بهذه المناسبة وهم يشاهدون ما يجري على رض ميلاده ولأبناء شعبه من حرب إبادة شاملة يشنها جيش الاحتلال العنصري وبناء على أخبار كاذبة ،ومزيفة وهم لا يحركون ساكنا وهو ما يعني خيانة هؤلاء الزعماء لرسالة سيدنا المسيح أولا ولضمائرهم ثانيا وانتهاك صريح للثقة التي منحهم إياها الناخبون الذين يخرجون للشوارع بالملايين في كل أسبوع في معظم مدن وعواصم الغرب مطالبين بوقف فوري لهذه الحرب البشعة والمصيبة الأكبر هو أن معظم الزعماء في العالم أصبحوا يدركون بأن من يقود هذه الحرب هو مريض نفسي سادي لا يبالي حتى بقتل أبناء جلدته بنيرانه الصديقة كما حصل قبل بضعة أيام بقتل ثلاثة من جنوده الأسرى المحتجزون في غزة.
شهادة محايدة
ما سبق هو شهادة من شخص لم يكن على وفاق مع حركة حماس ولكني أرفض بأن يكون الكره لحماس من قبل زعماء الغرب بمثابة حصان طروادة استخدمه النتنياهو وزمرته الفاشية في حربهم القذرة لإبادة الشعب الفلسطيني لاعتقادهم المريضبأن بقاء فلسطيني واحد يشكل في نظرهم تهديدا وجوديا لهم ولكيانهم على الرغم من اعتراف منظمة التحرير الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني بدولتهم.
ما سبق لن يمنعني عن القول بأن كره الغرب لحماس كما نفاق الغرب لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لا يجب أن يثني زعماء الغرب عن القيام بما قاموا به وفقا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بمحاكمة مجرمي الحرب في حينه والضالعين والمخططين والمنفذين للهولوكوست وغيرها من جرائم الحرب بمحاكم نورنبيرغ وذلك بعمل كل ما يجب من أجل محاكمة مجرمي الحرب التي نحن بصددها من خلال محكمة الجرائم الدولية، هذا إلا إذا تراجع الغرب الرسمي عن عهدنا به باحترامه للقوانين المذكورة خصوصا وان الغرب هو من وضع هذه القوانين وهذا سوف يشجعنا إلى اللجوء إلى الغرب الشعبي الذي يقف موقف إنساني وأخلاقي مشرف حيال ما يجري في غزة والذي تتوج بتشكيل جيش إنساني وأخلاقي من القانونيين تلقائيا وليس بقرار من أحد من مختلف الدول وهم بالمئات متعهدين بالدفاع عن ضحايا غزة في هذه الحرب اللانسانية وعليه فنحن نتمنى عليهم توظيف كل الممكن لديهم من أجل محاكمة مجرمي هذه الحرب التي حولت غزة من أكبر سجن مفتوح في العالم إلى أكبر مقبرة أطفالا في العالم.
استحقاق إنساني
ختاما أقول بأن محاكمة مجرمي هذه الحرب ليست خيارا وإنما هي استحقاق إنساني وواجب أخلاقي يقع على عاتق كل من لديه حس إنساني في هذا العالم ليس فقط من أجل إنصاف ضحايا الحرب في غزة وإنما من أجل ضمان عدم تكرار أي محرقة بحق أي شعب وذلك بعد أن شاهد العالم كله ما يفعله الناجون من المحرقة النازية بحق أطفال الشعب الفلسطيني وهو الأمر الذي يستدعي أن يكون تشكيل هذه المحكمة في اليوم التالي للحرب هو الشغل الشاغل للعالم وليس من يحكم غزة.
حكمت عجوري